حل الأزمات الطائفية بطريقة اغسل المواعين فى الترعة.. لماذا أصبحت المنيا أكثر المحافظات فى معدلات الفتنة؟.. كوكتيل الفقر والأمية وأفكار الجماعات المتشددة وكوارث الحلول العرفية

الإثنين، 25 يوليو 2016 03:50 م
حل الأزمات الطائفية بطريقة اغسل المواعين فى الترعة.. لماذا أصبحت المنيا أكثر المحافظات فى معدلات الفتنة؟.. كوكتيل الفقر والأمية وأفكار الجماعات المتشددة وكوارث الحلول العرفية الأزمة الطائفية فى المنيا
تحليل تكتبه: زينب عبد اللاه

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هكذا يتلخص فكر الدولة والمؤسسات الدينية والرسمية فى حل الأزمات الطائفية التى تزايدت مؤخرا وخاصة فى محافظة المنيا التى شهدت ما يقرب من 5 حوادث طائفية خلال فترة لا تتجاوز شهرين بدأت بواقعة سيدة الكرم مرورا بقضية كوم اللوفى بسمالوط ثم أحداث قرية أبو يعقوب وأحداث طهنا الجبل وأخرها أحداث قرية ادمو.

"اغسل المواعين فى الترعة وبلاش تستحمى فيها"، هذا ما تمخضت عنه محاولات بيت العائلة بالمنيا لحل أخر الأزمات التى وقعت بقرية إدمو بعد مشاجرة وقعت بين مسلمين وأقباط أسفرت عن إصابة 9 أشخاص من الجانبين بسبب قيام بعض الشباب بالاستحمام فى الترعة بينما تقوم بعض النساء بغسيل الأوانى بها.

هذا الحادث الذى يمكن أن يقع بين أى مواطنين سواء مسلمين أو اقباط وليس له أى علاقة بديانة أطراف المشاجرة ولكنه يرتبط بعادات القرية ومستوى الخدمات المنعدم وحالة العشوائية والفقر المتفشية فى المنيا.

وكالعادة فى كل أزمة طائفية أو غير طائفية تقع بين مسلمين وأقباط يسارع بيت العائلة وعدد من مؤسسات الدولة فيما يسمونه كذبا بمحاولة احتواء الأزمة، بتشكيل لجان لتقصى الحقائق لا يصل أى منها إلى أى حقيقة حتى ولو كانت واضحة وضوح الشمس، فينبرى مجلس الشعب بتشكيل لجنة، وينخرط مجلس حقوق الإنسان لتشكيل أخرى، وينطلق وفد من بيت العائلة لزيارة مسرح الأحداث.. "لجنة رايحة ولجنة جاية وجلسات عرفية فض مجالس تنتهى بصلح كاذب وحلول عرفية تجور على حقوق البعض، وتتلخص فى بيانات مكررة ومضحكة أحيانا، تتنافى مع التصريحات الرباقة بأن القانون سيأخذ مجراه.

وهو ما حدث فى قرية أبو يعقوب مؤخرا حيث تصالح أطراف واقعة الاعتداء والاشتباكات التى شهدتها القرية بسبب حرق بعض منازل الأقباط نتيجة شائعة بناء كنيسة، حيث تم إعلان الصلح بعد تدخل بيت العائلة وتعديل أقوال الشهود والمتهمين بالنيابة العامة بالمنيا وإخلاء سبيل 16 متهما بكفالة مالية.

الأكثر غرابة فى التعامل مع أحداث الفتنة ما صدر عن بيت العائلة الذى أعلن نجاحه فى عقد صلح عرفى بين طرفى مشاجرة قرية إدمو، حيث أكد الشيخ محمود جمعة مقرر بيت العائلة بالمنيا، أنه تم الاتفاق على عدم قيام الشباب بالاستحمام فى منطقة غسيل الأوانى الخاصة بالنساء، وأن تقتصر هذه المنطقة على غسيل الأوانى ؟!!!!

أى والله..هكذا كان الحل الجهبذ لإحدى الأحداث التى شهدتها المنيا، والتى كان من الممكن أن تتصاعد فى ظل ما تعانيه المحافظة من توترات متتالية.

وبنفس المنطق والطريقة يتم التعامل مع كل الأزمات الطائفية أو الجنائية التى يكون طرفاها مسلمون ومسيحيون والتى تنتهى بوقوع المزيد من الأحداث والتوترات، لتبقى كل القضايا معلقة والمشكلات الحقيقية بلا حل وهو ما ينذر باحتمالات وقوع كوارث أكثر مأساوية خلال الفترات القادمة.

وبنظرة سريعة على أحوال محافظة المنيا نتأكد أن بقاء الأسباب وتفاقمها سيؤدى إلى كوارث طائفية قادمة.
ففى أغلب الحوادث الطائفية يكون السبب شائعة عن بناء كنيسة لتتفجر التوترات وتحدث الاعتداءات وتنتهى بجلسات صلح بينما يظل قانون بناء الكنائس معلقا دون أن يخرج للنور، وتنطلق تصريحات كاذبة مع كل واقعة تؤكد قرب صدوره.

بينما يلعب الفقر والعشوائية والبطالة وغياب الثقافة وتغييب الوعى عاملا مشتركا فى هذه الأحداث سواء طائفية أو جنائية، فالمنيا من أكثر محافظات مصر ارتفاعا فى معدلات الفقر والعشوائية، و50% من مواطنيها أميين، ويعيش 40% من سكانها تحت خط الفقر، فضلا عن افتقاد المحافظة للكثير من الخدمات، إضافة إلى أنها من أكثر المحافظات الطاردة للعمالة، ويعتبر مركز سمالوط الأول على مستوى الجمهورية فى تصدير الأطفال القصر للهجرة غير الشرعية، كما أن معظم حوادث القتل والخطف فى ليبيا يكون ضحاياها من أبناء محافظة المنيا الذى هجروها بحثا عن لقمة العيش.

وكانت المنيا ومعها أسيوط موطنا ومرتعا للجماعات الاسلامية والسلفيين منذ السبعينات حيث قامت هذه الجماعات بنشر أفكارها المتشددة عن الأقباط والتعامل معهم وبناء الكنائس وهو ما يفسر أن محافظة المنيا هى أكثر المحافظات التى شهدت حرق كنائس وأحداث عنف ترتبط بشائعات عن بناء الكنائس، وأصبحت مسرحا للعديد من النزاعات الطائفية حيت شهدت المحافظة 116 قتيلا ومئات الجرحى فى أحداث عنف طائفى خلال الفترة من 2011 وحتى منتصف 2015 وفقا لدراسة نشرتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

أسباب تزايد أحداث العنف الطائفى فى المنيا هى تلك المسكنات التى تترك صديدا وجروحا تتفاقم حتى توشك على إحداث غرغرينا بجسد مريض، هذه الحلول العرفية التى تدهس القوانين وتخفى نيرانا تحت الرماد تهدد بالانفجار فى أى وقت، وتتلاحم مع كوكتيل الفقر والبطالة والعشوائية والأمية والأفكار المتطرفة فى مجتمع أهمله الوطن وتعامل معه بمنطق اغسل المواعين فى الترعة وبلاش تستحمى، فيها بدلا من أن يحل مشاكله حلولا جذرية تعتق رقابنا من الفتن القادمة.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة