التبصير بأهداف المحكمة
الندوة كانت بادرة طيبة لمجلس الشباب العربي والإفريقي، فالموضوع مهم على المستوى المحلي والدولي، وكان إختيار لبنان لإقامة الندوة موفقا، فبيروت مركز إعلامي وثقافي كبير، إضافة للقانونين اللبنانين الذين يتابعون القضية ويقفون بجانبها في المحافل الإقليمية والدولية، كما كانت الندوة تدشينا لعمل السفير علي الصادق السفير السوداني الجديد ببيروت والذي تولى مهام منصبه قبل أيام في لبنان، والذي تحدث بالندوة عن هذا الموضوع الذي شغل العالم مؤكدا على أهمية عقد مثل هذه الندوات في هذا التوقيت لتبصير الناس بأهداف المحكمة الجنائية الدولية وبالذات على الدول الإفريقية ودول العالم الثالث.
وقال الصادق في الندوة منذ أن بدأت الحرب في دارفور في عام 2003 لم تقف الحكومة السودانية مكتوفة الأيدي بل تحركت السلطات من أجل الوصول إلى حل للمشكلة، كما طلبت مساعدة الإتحاد الإفريقي في إطار حلول إفريقية للمشاكل الإفريقية، مضيفا وبالفعل قد تم تكوين اليوناميد وهي قوات أفريقية تتولى المساعدة في مثل هذه الأمور، ولكن هناك ضغط مستمر بتمويل دولي للتركيز على القضية خارج الإتحاد الإفريقي، وتابع بعدها تم التوقيع على اتفاقيتي أبوجا والدوحة، وكان هذا جهد سياسي ينبغي ألا يغفل عنه، مشيرا أن السودان حاول الاستفادة من مبدأ التكاملية، بأن تكمل المحكمة مايبدأه القضاء المحلي، وقال لكن السودان لم يُمهل الفرصة، وبعدها توالت القرارات بنشر الشرطة والبوليس لاستتباب الأمن في دارفور وتحقيق المصالحالت وحل المشاكل بين الرعاة والمزارعين، موضحا أن الجنائية تتناول حتى الآن 4 قضايا إفريقية في دارفور وسيراليون ويوغندا وكينيا، مضيفا لكن مايحدث في فلسطين والصومال وغيرها من الدول لا يهمها، وهذا يعكس الخلل في عملها بخلق وسيلة للسيطرة على القرارات السيادية في الدول النامية، لافتا إلى أن السودان لا يهتم بهذه المحكمة وليس عضوا بها، وقال لا نرى إجبارا في التعاون مع جهة لسنا طرفا فيها، مشيرا أن روسيا والصين وأمريكا لم يوافقوا على ميثاق روما المكون لهذه المحكمة، وقال إن ماحدث مؤخرا عن فساد المحكمة، بالإضافة إلى شراء الشهود الذين تم أخذهم خارج السودان في دول مجاورة في مصر وتشاد وإفريقيا الوسطى، بتوفير السفر والاقامات لهم، مبينا أن هؤلاء الشهود عادوا وقالوا أن ما نشر عنهم من أقاويل ليس حديثهم، وقال إن كثير من الشهود إعترفت بذلك للحكومة وأن الحكومة وثقت هذه الاعترافات وأطلعت الدول الصديقة عليها، مؤكدا أن الإتحاد الإفريقي وقف وقفة قوية مع القضايا الإفريقية، وقال سوف نعمل الانسحاب من هذه المحكمة.
الجنائية مسيسة
من جانبه أكد منير شفيق المفكر العربي المعروف أن المحكمة الجنائية هي الأنياب، ومدعيها أوكامبو السابق وفاتو بن سودة الحالية هو المخلب، وأن المتحكم الحقيقي فيها هو الإدارة الأميركية والصهيونية العالمية.
وقال إن أمريكا هي التي تختار الذين يتقدمون لهذه المحكمة، والهدف وضع الدولة الضحية من أجل التهديد السياسي، مضيفا بالرغم من توقيع 140 دولة على ميثاق روما لم توقع أمريكا رغم تحكمها في المحكمة، والجنائية ليس لها أي علاقة بما تفعله الدول الكبرى ولهذا يجب أن تكون مرفوضة، وتابع أن مسعى المحكمة متناقض وأن إنتقاءها للدول المعرضة للمساومة والقائمة طول في ذلك، مشيرا إلى أن أوكامبو كان لا يتحرك في قضايا القتل والإبادة في فلسطين والعراق ورفض ماحدث من إبادة وتعذيب بسجن أبوغريب، وكذلك مايفعله الكيان الصهيوني والجرائم التي قام بها في غزة ولبنان، وقال ترك أوكامبو كل هذا وركز في إتهامات ضد الرئيس البشير، وقد أرادت الإدارة الأميريكية ابتزاز السودان في هذا الموضوع، مؤكدا أن هذه المحكمة فاسدة ومسيسة ومزدوجة المعايير، وقال لا يجب أن يعترف بها أحد في العالم إلا بعد أن تخلص من النفوذ الصهيوني عليها.
نظامها أعرج
أما الدكتور حسن جوني الأستاذ بالقانون الدولي فقد أكد أن القانون الدولي هو صناعة أوروبية، وأنه يقوم من أجل مصالح المستعمرين، لافتا إلى أن القانون الدولي الجنائي أقيم ضد الدول الفقيرة، متسائلا هل استطاعت المحكمة الجنائية أن تلبي أمال الناس في العدالة؟، موضحا أنه عندما انضمت الدول الإفريقية إلى هذه المحكمة كان هناك تشجيع مالي من أمريكا، وقال إن هذه الدول التي انضمت كان تعتقد أن هناك عدالة نوعية دولية سوف تأتي، مؤكدا أن نظام الجنائية أعرج، وقال إنها رفضت حتى تسمية العدوان باحتلال العدوان، ورأى جوني أن أي قضية يفضل أن تحل إقليميا، وقال في السودان حدث العكس، كانت القضية في الاتحاد الإفريقي وحولت إلى مجلس الأمن، مؤكدا أن حصانة الرئيس لا تمس مهما كانت الأسباب، وقال أن هذا وضعناه نص في الجامعة العربية التي كنت أعمل خبيرا بها، مضيفا أن الرئيس الذي يذهب من تلقاء نفسه للمحكمة هو حر، مستدركا في الوقت نفسه أنه لا يمكن أن يحاكم رئيس وهو في الحكم وأنه ليس من حقه ذلك حتى لو تقدم طواعية، لأن حصانته من سيادة الدولة، ويجب أن نتمسك بالحصانات الشرعية للرؤساء، موضحا أنهم كانوا يريدون محاكمة البشير وبشار الأسد وايميل لحود، وقلنا لهم في الأردن هل توافقون أن يحاكم الملك؟، مؤكدا أن كل المحاكم الدولية مسيسة، مستشهدا بحديث رئيس الصياغة في الجنائية والذي قال فيه أن المحاكم الدولية مسيسة، كما سرد جوني نماذج عديدة تثبت ذلك منها ماقاله رئيس حلف الأطلسي لرئيس محكمة بأننا( سمحنا لك بالإدعاء)، موضحا أن التحقيق في قضية السودان إرتكز على تقارير منحازة جدا، وأن الشهود قالوا لم نقل مانشر عنهم من شهادات، مؤكدا أن الحل في إنشاء محكمة جنائية خاصة بأفريقيا بعيدا عن الإمبرالية العالمية وأن يلتفت فيها للعرف وتقاليد الناس في الأحكام والعدالة.
الإستهداف واقع
الدكتور ليلى بديع الكاتبة والمحللة السياسية اللبنانية والتي زارت السودان كثيرا وتحيط بقضاياه جيدا إستعرضت من جانبها قضية دارفور من بدايتها وجهود الحكومة بالحل فيها، وألقت الضوء على الحركات في دارفور وعلى الدور الذي لعبته تشاد والتي أصبحت جزءا من الحل بعد أن كانت تحرض وتساعد الحركات في بداية الأزمة، مؤكدة أن دارفور خلقت صراع متواصل ومستمر في السودان، وقالت إن القضية ليست قضية تهميش، فقلة التنمية ليست بدارفور فقط وأنه يعاني منها الجميع في السودان، مؤكدة أن إستهداف السودان موجود وواقع يجب أن نعترف به ونواجهه.
وفي الختام كرم علي الصادق السفير السوداني ببيروت بجانب القائمين على مجلس الشاب العربي والإفريقي المتحدثين بالندوة.
موضوعات متعلقة
- الجنائية تحيل أوغندا وجيبوتى لمجلس الأمن لامتناعهما عن اعتقال "البشير"
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة