أكرم القصاص - علا الشافعي

عبد الفتاح عبد المنعم

لماذا سقطت الأندلس؟ «16»

الخميس، 21 يوليو 2016 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ملوك الطوائف أول مسمار فى نعش الدولة الإسلامية


ألا ليت شعرى هل لها من مطالع/ مَـعَادٌ إلى ما كـان فيهـا مــن السعـد

وهل أذنـب الأبناء ذنب أبـيهم/ فصاروا إلى الإخراج من جنة الخلد

بهذه الأبيات وصف الإمام الكاتب القاضى أبو المطرف بن عميرة، بلنسية حين حل الرزء بها، وكأنه يرثى بها حال الأندلس كلها ويستشرف ما ستؤول إليه الأمور فى نهاية النهاية.

اليوم وبعد مضى أكثر من خمسمائة عام على سقوط غرناطة 1492م، وطرد المسلمين من شبه الجزيرة الإيبيرية 1609م، مازلنا لم نلتفت إلى معطيات هذا الدرس ولم نقف عنده، والدرس كله- منذ الفتح إلى السقوط- لم يدرس وفق سنن الله الكونية والاجتماعية فى قيام الأمم وسقوطها؛ بل حوله العرب- بخاصة- والمسلمون- بعامة- إلى صفحة من المجد والازدهار يتغنون بأمجادها فى كتب التاريخ المدرسى التى يغلب عليها الابتسار والتلفيق.. هذا ما عبرت عنه الباحثة مريم الميرفى فى بحثها عن الأندلس وحمل عنوان «أسرار انكسار الأندلس.. لماذا انطردنا؟» وكأن سنن الله كانت بعيدة عنهم فلم يكن سقوطهم عقابا من الله، بل كان سقوطهم لمجرد توحد أعدائهم وتمزق صفوفهم وتفرق كلمتهم، لكن لماذا تفرقوا وتمزقوا؟

كانت لأهل الأندلس بين زمان الفتح وما بعده وقائع فى الكفار شفت الصدور من أمراضها، ووفت النفوس بأغراضها، واستولت على ما كان لملة الكفر من جواهرها وأعراضها، ثم وقع الاختلاف، بعد ذلك الائتلاف، فعصفت ريح العدو والحروب سجال، وأعيا العلاج حكماء الرجال، فصار أهل الأندلس يتذكرون موسى بن نصير وطارق، ومَنْ بعدهما من ملوك الأندلس الذين رَاعَتِ العدوَّ الكافر منهم طوارق. والشاهد أنه منذ أواسط القرن الخامس حصل للأندلسيين ضعف شديد وذلة، وصاروا يهادنون ملوك إسبانيا الشمالية ويدفعون لهم الجزية، حتى إن المعتمد بن عباد- وهو أعظم ملوك الأندلس- كان يدفع جزية سنوية إلى الأذفونش ونتج عن هذا الضعف والتفكك سقوط المدن تباعا فى أيدى الصليبيين.

يخضع سقوط الأمم لأسباب كثيرة وليس لسبب واحد محدد، ونستطيع أن نقول، إن هناك أسبابا جوهرية وأخرى مساعدة على السقوط، أو بعبارة أخرى يمكن القول، إن هناك أسبابا عامة وأخرى خاصة؛ فالأسباب العامة هى التى تتصل بسنن الله الكونية والاجتماعية ويتساوى فيها البشر صعودا أو هبوطا، والأسباب الخاصة هى التى تتصل بالقسمات المميزة لكل أمة، وبطبيعتها الحضارية وتراثها الخاص، وبمستوى التحديات البيئية والنفسية والفكرية التى تحيط بها، والتى توجب عليها التكليف الخاص الذى يؤهلها للاستجابة الملائمة للتحدى.

وعندما نرصد التجربة الإسلامية فى الأندلس بهذه الرؤية الحضارية الشاملة المستوعبة للعوامل- العامة والخاصة- نقع على أسباب كثيرة تفسر لنا أسباب سقوط غرناطة بخاصة والأندلس بعامة، فمن أسباب سقوط الأندلس ضعف عقيدة الولاء والبراء، ويعد هذا سببا من أهم أسباب السقوط وأشدها، والمعلوم أن عقيدة الولاء والبراء فى أسسها هى، الولاء لله تعالى ولرسوله وللمؤمنين ومحبتهم ومناصرتهم، والتبرؤ من الكافرين وبغضهم وعداوتهم، فحين تسرب الوهن لقلوب الكثير من حكام دويلات الطوائف فى الأندلس ضعفت العقيدة الإسلامية فى النفوس والضمائر وتطويعها لخدمة القومية والعنصرية.
وللحديث بقيه غدا إن شاء الله.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة