جمال أسعد

ثورة يوليو بين الحدث والأثر

الأربعاء، 20 يوليو 2016 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نحتفل هذه الأيام بالذكرى الرابعة والستين لقيام ثورة يوليو 1952. فماذا بقى من هذه الثورة؟ ثورة يوليو الحدث بدأت بانقلاب عسكرى قام به تنظيم الضباط الأحرار نتيجة للفساد والرشوة والمحسوبية وسيطرة الإقطاع ورأس المال على الحكم حيث مجتمع النصف فى المائة، أسقط الانقلاب الملك ولم يسقط النظام الملكى إلا عام 1953، كان يمكن لهذا الانقلاب أن يكتفى بإبعاد الملك عن الحكم ويترك الأمور كما هى لكى يظل انقلابا عسكريا وفقط. بل كان يمكن أن تعود الأمور إلى الخلف وإلى الأسوأ حتى يصبح الانقلاب ثورة مضادة.

لكن حدث غير هذا وذاك، فقد التف الشعب المصرى منذ اللحظة الأولى حول الضباط الأحرار الشىء الذى أعطى التنظيم الزاد الثورى والإرادة السياسية لمواصلة الطريق لتحقيق الثورة وتحول الانقلاب إلى ثورة حقيقية تسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، وتؤكد المساواة وتلغى الفوارق بين الطبقات وتملك الفلاحين الأرض وتؤمم المصانع لصالح الشعب والعمال، فتحدد ساعات العمل والحد الأدنى للأجور وتطبق مجانية التعليم وتتيح دخول الجامعات بلا وساطة وفرص العمل بلا محسوبية وحدث الحراك الاجتماعى الأعلى للطبقات الفقيرة.

حققت الثورة الجلاء وطردت الاستعمار البريطانى، بل واجهت الاستعمار بكل أشكاله.. ساعدت القوى الثورية فى العالم العربى والعالم الثالث بل تم هزيمة الإمبراطورية البريطانية سياسيا بعد 1956 وغابت عنها الشمس بعد طول شروق، الشىء الذى استفز القوى الاستعمارية قديمها وحديثها مع أتباعهم فى الداخل والخارج، فكانت مصيدة 1967 التى أظهرت معدن الشعب المصرى الذى يظهر فى الأوقات الصعبة والعصيبة.

مات عبدالناصر وجاء السادات، وبعد الانفتاح الاقتصادى ضاعت يوليو الحدث، وبدأت المكاسب تتلاشى والحقوق تضيع والردة على الثورة تأخذ مداها والخضوع للأمريكان بتوهم امتلاكها كل الأوراق أضاع النزعة الاستقلالية التحررية هنا توقف الحدث، ولكن لا ولن ينتهى الأثر القابع فى الضمير الجمعى المصرى والعربى.

بقى الأثر فى الحضور المعنوى للزعيم عبدالناصر كرمز للتحرر والاستقلال الوطنى والعدالة الاجتماعية، حيث نجده فى الميادين وعند الانتفاضات الشعبية حاضرا مؤكدا على مبادئ الثورة، ظل الأثر فى المبادئ الثورية التى لاتزال تلهم الثوار والثائرين، لايزال الأثر يؤرق مضاجع القوى الاستعمارية بكل أساليبها وجُل صورها المتغيرة والمتجددة. ولذا نرى حتى الآن وبعد غياب الحدث تلك الهجمات الدائمة والمستمرة ضد يوليو، لماذا؟ لأن الأثر والمبدأ والتجربة مازالت تؤكد المبادئ الثورية ومازالت هاديا يرنو إليه الثوار.

لايزال الأثر يزعج كل القوى الرجعية والتابعة، كل أصحاب المصالح الذاتية والرؤى الشخصية التى لا تتحقق إلا على حساب الوطن والشعب فنراهم يحملون يوليو كل السلبيات والعيوب والمصائب، وكأن يوليو الحدث مازال مستمرا، وكأن عبدالناصر مازال حاكما، فأين هى من الحكم الآن وما علاقتها بما يحدث منذ 1971 وبعد وفاة عبدالناصر؟ وما علاقة سياسة السادات الأمريكية من يوليو؟ وما علاقة تخبطات مبارك بيوليو؟ كل هذا يؤكد عظمة يوليو الحدث واستمرار يوليو الأثر الذى سيبقى مدى التاريخ، فالثورات الحقيقية التى غيرت للأحسن ولصالح الشعوب ستظل فى ذاكرة التاريخ، والثورات التى غيرت الواقع لصالح الجماهير غير المظاهرات والانتفاضات التى يطلق عليها ثورة خطأ، حمى الله مصر وشعبها من المنافقين وتجار السياسة والحاقدين على يوليو أصحاب المصالح الخاصة ولو على حساب الشعب.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة