وقال صندوق النقد فى تقرير "مستجدات آفاق الاقتصاد العالمى": "إن نتيجة الاستفتاء بالمملكة المتحدة تحمل زيادة كبيرة فى عدم اليقين الاقتصادى والسياسى والمؤسسى، والذى يتوقع أن يكون له تداعيات سلبية على الاقتصاد الكلى، لا سيما فى الاقتصاديات الأوروبية المتقدمة.. لكن الأحداث لا تزال تتكشف، ومن ثم فإن تحديد حجم التداعيات المحتملة أمر بالغ الصعوبة".
ونوه التقرير، الصادر بالإنجليزية، والذى حصل "اليوم السابع" على نسخة منه، إلى أن التنبؤات الأساسية للنمو العالمى 2016 و2017، تعكس الافتراض المعتدل الذى يتوقع تراجع عدم اليقين تدريجيا فى الفترة القادمة.
وفى هذا السيناريو، تستقر الترتيبات بين الاتحاد الأوروبى والمملكة المتحدة لتجنب زيادة كبيرة فى الحواجز الاقتصادية (على النحو الموضح فى "السيناريو المحدود" الذى تضمنه تقرير خبراء الصندوق بشأن المملكة المتحدة لعام 2016)؛ ولا تشهد الأسواق المالية اضطرابات كبيرة؛ وتقتصر الآثار السياسية على تداعيات محدودة.
وتابع: لكن هذه الافتراضات المعتدلة قد لا تتحقق، كما أن النتائج الأكثر سلبية تمثل احتمالا بارزا، ومع تجاوز النشاط الاقتصادى للمستوى المتوقع حتى الآن فى عام 2016 ونظرا للأثر الذى يرجح أن يحدثه خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى فى ظل الافتراضات الموضحة أعلاه، تم تخفيض تنبؤات النمو العالمى.
وتتفاقم الاحتمالات المتوقعة للاقتصادات المتقدمة بانخفاض قدره 0.1 نقطة مئوية فى 2016 و0.2 نقطة مئوية فى 2017، بينما تظل دون تغير يذكر فى اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية.
ففى الاقتصادات المتقدمة، انفردت المملكة المتحدة بأكبر تخفيض فى تنبؤات النمو، إذ خفض صندوق النقد توقعات النمو النمو بنحو 0.2% لعام 2016 وقرابة 1% فى 2017، وهو ما عزاه إلى احتمال أن تؤدى زيادة عدم اليقين عقب الاستفتاء إلى تراجع كبير فى الطلب المحلى مقارنة بالتنبؤات السابقة، رغم أن النمو فى الجزء الأول من 2016 كان أقوى بقليل من المستوى المتوقع فى أبريل.
وفى الولايات المتحدة، كان النمو أضعف من المتوقع فى الربع لأول من العام، مما تسبب فى خفض تنبؤات النمو لعام 2016 بنحو 0.2%. وتشير المؤشرات عالية التواتر إلى حدوث انتعاش فى الربع الثانى من العام والفترة الباقية منه، وهو ما يتسق مع تراجع التيارات المعاكسة الناشئة عن قوة الدولار الأمريكى وانخفاض الاستثمار فى قطاع الطاقة.
وتشير التوقعات إلى أن أثر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى سيكون ضئيلا فى الولايات المتحدة، حيث يتوقع أن يكون انخفاض أسعار الفائدة طويلة الأجل وعودة السياسة النقدية الطبيعية على نحو أكثر تدرجا بمثابة عامل موازن لاتساع فروق العائد على سندات الشركات وارتفاع سعر الدولار وبعض التراجع فى مستوى الثقة.
وفى منطقة اليورو، كان النمو الذى بلغ 2.2% أعلى من المعدل المتوقع فى الربع الأول من العام، مما يرجع إلى قوة الطلب المحلى – بما فى ذلك بعض الانتعاش على صعيد الاستثمار. وبينما تشير المؤشرات عالية التواتر إلى انخفاض النمو بدرجة ما فى الفترة المقبلة، فإن آفاقه المتوقعة كان يمكن أن تتعدل بزيادة طفيفة عن التوقعات الصادرة فى أبريل الماضى لعامى 2016 و2017 لولا تداعيات استفتاء المملكة المتحدة.
وفى ضوء التأثير الذى يمكن أن يقع على ثقة المستهلكين والأعمال والضغوط المحتملة فى البنوك (بسبب زيادة عدم اليقين، تم تخفيض توقعات النمو لعام 2017 بنسبة 0.2% مقارنة بتوقعات أبريل الماضى)، بينما يظل النمو المتوقع لعام 2016 أعلى بقليل نظرا لنتائج النصف الأول من العام. غير أن التأخر فى معالجة تركة المشكلات القائمة فى القطاع المصرفى لا يزال من المخاطر التى تهدد هذه التنبؤات.
وجاء النشاط الاقتصادى فى اليابان أفضل من المتوقع بقليل فى الربع الأول من العام – وإن كان الزخم الأساسى للطلب المحلى لا يزال ضعيفا بينما انخفض التضخم. ومع ما أعلن من تأخير رفع ضريبة الاستهلاك الذى كان مقررا له أن يتم فى أبريل 2017 إلى أكتوبر 2019، كان يمكن رفع تنبؤات النمو لعام 2017 بنحو 0.4% فى العام القادم. غير أن زيادة ارتفاع الين فى الشهور الأخيرة تؤثر على النمو فى عامى 2016 و2017 .ونتيجة لذلك، تم تخفيض تنبؤات النمو لعام 2016 بنحو 0.2% ومن المتوقع حاليا ألا يتم رفع تنبؤات النمو لعام 2017 بأكثر من 0.2%.
وفى الصين، تحسنت آفاق المدى القصير بفضل الدعم الذى وفرته السياسات مؤخرا. فقد تم تخفيض أسعار الإقراض القياسية خمس مرات فى 2015، وتحولت سياسة المالية العامة إلى اتخاذ موقف توسعى فى النصف الثانى من العام، وارتفع الإنفاق على البنية التحتية، وتسارع نمو الائتمان.
ومن المرجح أن يكون الأثر المباشر لاستفتاء المملكة المتحدة محدودا، نظرا لمحدودية تعرض الصين للمعاملات التجارية والمالية مع المملكة المتحدة إلى جانب استعداد السلطات للتحرك من أجل تحقيق النطاق المستهدف للنمو.
ومن ثم، تظل آفاق النمو فى الصين دون تغيير يذكر عما كانت عليه فى إبريل )مع تعديل طفيف بالزيادة لعام 2016، غير أن الأثر السلبى يمكن أن يكون كبيرا على الصين، إذا تأثر النمو فى الاتحاد الأوروبى بشكل ملموس.
وفى الشرق الأوسط، تستفيد البلدان المصدرة للنفط من التعافى المحدود الذى شهدته أسعار النفط مؤخرا، بينما تواصل ضبط أوضاع المالية العامة لمواجهة الانخفاض الهيكلى فى إيرادات النفط، ولكن العديد من بلدان المنطقة لا يزال محاصرا بالاضطرابات والصراعات.
وهناك عدة اقتصادات تتأثر الآفاق المتوقعة فيها تأثرا بالغا أيضا بالتوترات الجغرافية-السياسية، والنزاعات المسلحة المحلية، والإرهاب، وخاصة فى الشرق الأوسط، مع مزيد من التداعيات التى تنتقل عبر الحدود.
موضوعات متعلقة..
- هل الاقتراض من صندوق النقد المخرج الوحيد لأزمة الاقتصاد المصرى؟.. تراجع دعم الخليج وأزمتا السياحة والعملة تجعله الحل الأمثل.. وخبراء: شهادة ثقة للمستثمرين الأجانب ويمكن "المركزى" من إدارة السوق بمرونة
- 3 شواهد تؤكد استعداد مصر للجوء لصندوق النقد.. التلميح لخفض الجنيه.. والاتجاه لرفع الدعم وتطبيق "القيمة المضافة".. وتراجع الاحتياطى النقدى والاستثمارات الأجنبية أبرز الدوافع
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة