مش بعيد أبدا أن يظهر لنا وسط "إعلانات الشحاتة" والرخامة والغتاتة بتاعة اليومين دول، والتى تتاجر بأمراض الناس وعاهاتهم وفقرهم على الفضائيات، إعلان لرجل طويل عريض يبدو عليه بؤس الدنيا كله وهو يقول "أنا اسمى أحمد أنا كنت مستور والحمد لله وكنت عايش بما قسمه الله لى أنا والعيال وأم العيال؛ لحد ما دلنى أصدقاء السوء على سكة البورصة.. وياريتنى ما عرفتها؛ فقد خسرت بسبب ألاعيب الحيتان فيها الجلد والسقط وأصبحت على الحديدة..تعاطفك وحده مش كفاية.. اتبرع لضحايا البورصة ولو بجنيه"..!!
وإذا كان البعض يشتم من كلامى هذا بعض المبالغة والسخرية ؛ فإننى أؤكد وبملء الفم بل وأقسم غير حانث؛ أن هناك ضحايا فعلا للبورصة خسروا الجلد والسقط وأصبحوا على الحديدة..وأغلبهم أصيب بالشلل وبالسكر والضغط والقلب..وكل ذلك بسبب اللعب والتلاعب الذى يحدث فى البورصة.
ومن يقرأ دفاتر البورصة المصرية على مدى السنوات الثلاث الأخيرة يتأكد أن ما يحدث فيها، دون أدنى مبالغة، هو جزء من المؤامرة الكبرى التى تهدف إلى إضعاف مصر اقتصاديا وسياسيا.. وحتى لا يتهمنى أى أحد بأننى من المهووسين بنظرية المؤامرة.. أو أننى من الذين يركبون الهواء.. تعالوا نقرأ معا ما حدث ويحدث فى البورصة باليوم وبالساعة إن أردتم..!
ولنبدأ بيوم الأحد الماضى 26 يونيو وهو ما يمكن أن نصفه بأنه "الأحد الأسود" فى تاريخ البورصة؛ حيث خسر رأس مالها السوقى، وهذه أرقام إدارة البورصة وليست أرقام أى أحد آخر،16.2 مليار جنيه وهو ما يمثل خامس أكبر خسارة فى تاريخ البورصة،على ما أذكر.
والطريف أن سبب هذا الانهيار غريب جدا وهو إعلان نتيجة الاستفتاء على خروج بريطانيا من الإتحاد الأوربى.. ولعل هذا يدفعنا إلى التساؤل وماذا كان سيحدث لو أن مصر هى التى خرجت وليست بريطانيا..؟!
ولإن خبراء سوق المال فاهمين الفولة فقد أعربوا عن دهشتهم من هذا الانهيار؛ والذى يمثل رد فعل عنيفا مبالغا فيه جدا من جانب المتعاملين فى البورصة.
ولعل هذا يذكرنا بيوم "الأحد الأسود" الأول من يونيو من عام 2014 حيث فقدت البورصة فى النصف ساعة الأولى من التداول أكثر من عشرة مليارات جنيه..ثم قفزت الخسائر فوصلت فى نهاية الجلسة إلى أكثر من 19 مليار جنيه وهو أكبر رابع هبوط فى تاريخ البورصة كله..!
وقد يسأل المرء ما هو ذلك السبب الخطير جدا الذى دفع البورصة المصرية إلى الانهيار بتك الصورة..؟!
السبب يا سادة هو الانتخابات الرئاسية التى كانت تجرى فى ذلك الوقت..فمع بدء الاقتراع يوم 26 مايو بدأت البورصة فى الهبوط..واستمرت كذلك حتى وصلت للذروة يوم الخميس 29 مايو..ثم انهارت يوم الأحد الأول من يونيو..!!
ولأن المسألة كانت مفضوحة فقد ردد البعض أن سبب الإنهيار هو إعلان الحكومة اعتزامها تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية على تعاملات البورصة..ياسلااااااام..!
وهو سبب واه من الأسباب، التى ما أنزل الله بها من سلطان، والتى يختلقها حيتان البورصة لتبرير ما يحدث فيها من بلاوى من لعب وتلاعب..!
ولأن حيتان البورصة إيديهم "طايلة" كما يقولون فهم يتحدون الجميع ؛ حيث يرفعون أسعار أسهم شركاتها خاسرة لسابع سما ويهبطون بأسهم أخرى شركاتها رابحة سابع أرض..دون أن يجرؤ أى أحد على أن يقول لهم تلت التلاتة كام.
وقد تناولت فى العديد من المقالات، على فترات، مثل تلك الحالات..وهى ما زالت موجودة حتى الان للأسف.
فما يحدث للأسهم فى البورصة لا علاقة له على الإطلاق بأداء الشركات المدرجة فيها، والتى تمثلها تلك الاسهم.. وهو ما يعنى أن هناك خللا ما، وأن هناك من يلعب من تحت الترابيزة ويحرك اتجاهات الاسعار للوجهة التى يريدها دون أى اعتبار لأداء الشركات أو للأحداث الإيجابية على الصعيد الخاص أو العام.
وقد يكون من المفيد أن أذكر هنا، لمجرد الذكرى لا أكثر، أن معظم الأزمات الاقتصادية العالمية بدأت من البورصة..فالأزمة الاقتصادية العالمية بدأت من وول ستريت فى 24 أكتوبر من عام 1924 بسبب عدم تعبير الأسهم عن الأرباح الحقيقية للشركات.. أقول تانى.. بسبب عدم تعبير الأسهم عن الأرباح الحقيقية للشركات؛ مما أدى لانهيار قيمة الأسهم حتى أصبحت أرخص من ورق الكلينكس، وعجز المستثمرون عن سداد ديونهم للبنوك..فأفلست البنوك.. وأغلقت المؤسسات الصناعية وتم تسريح عمالها..!
هذه هى يا سادة خطورة اللعب فى البورصة، وخطورة ألا تعبر الأسهم المتداولة فيها عن الأوضاع الحقيقية لشركاتها، وهى حقيقة يبدو أن القائمين على البورصة لم يدركوها بعد.
عموما أنا أرى أن وضع حد لما حدث ويحدث فى البورصة يتجاوز بكثير سلطات رئيس البورصة ورئيس هيئة الرقابة المالية..فما يحدث هو، كما قلت، جزء من المؤامرة الكبرى على مصر وشعب مصر.. وعلى الحكومة أن تتدخل بسرعة للتحقيق فيما يجرى فى البورصة ووضع حد لما تتعرض له من تلاعب أعتقد أن وراءه بعض الذين لايريدون الخير لمصر.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة