تدخل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المرحلة الأخيرة فى ماراثون السباق نحو البيت الأبيض بين هيلارى كلينتون التى تستعد للاحتفال بفوزها بترشيح الحزب الديمقراطى، ـ والتى لم يعد ينقصها سوى 29 مندوبا لتحصل على غالبية 2383 المطلوبة للفوز بترشيح الحزب، فى حين يحتاج منافسها ساندرز نحو 800 مندوب ـ وبين منافسها الجمهورى وهو دونالد ترامب الذى حسم معركة المندوبين منذ شهر.
والمعروف أن الانتخابات الرئاسية فى الولايات المتحدة تجرى كل أربع سنوات كما ينص الدستور الأمريكى. وتقام الانتخابات فى يوم الثلاثاء ما بين الثانى إلى الثامن من نوفمبر المقبل، وتجرى فى ذلك اليوم أيضا انتخابات لاختيار أعضاء مجلس النواب وبعض أعضاء مجلس الشيوخ ومجالس الولاية والمجالس المحلية. وتتم عملية انتخاب الرئيس الأمريكى بشكل عام على مرحلتين:
المرحلة الأولى: انتخاب المرشح من كل من الحزبين الرئيسيين (الديمقراطى والجمهورى) عن طريق انتخابات أولية، إذ يجرى الحزبان عادة انتخابات فى كل ولاية يصوت فيها عادة المنتمون للحزب. ثم يختار المرشح من كل حزب نائبا له ويتم التصديق عليهما رسميا فى مؤتمر الحزب. أما المرحلة الثانية وهى الانتخابات العامة التى يصوت فيها المواطنون الأمريكيون للمندوبين الذين يدلون بأصواتهم لصالح أحد المرشحين.
ويعد المجمع الانتخابى مؤسسة دستورية تشكل حلقة رئيسية فى مسار الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يقوم أعضاؤها بانتخاب أحد المرشحين لسباق الرئاسة نحو البيت الأبيض نيابة عن الناخبين من المواطنين الذين انتخبوهم ليقوموا بهذه المهمة، مع التزام مندوبى المجمع غالبا بالتصويت لصالح المرشح الذى اختاره الناخبون الأمريكيون فى الانتخابات العامة.
سعى واضعو الدستور الأمريكى عام 1787 لضمان تمتع رئيس البلاد بصلاحيات كافية تجعله مستقلا عن الكونجرس بمجلسيه (النواب والشيوخ) إيمانا منهم بمبدأ فصل السلطات.
وانطلاقا من ذلك وتطبيقا للمادة الثانية من الدستور الأمريكى، أسس المجمع الانتخابى ليكون حلا توافقيا للخلاف الذى نشب خلال إعداد الدستور بين الداعين لانتخاب الرئيس مباشرة من قبل الشعب، وآخرين طالبوا بتكليف الكونجرس بانتخابه.
وأسس الدستور تبعا لذلك نظام "الهيئة" أو "المجمع الانتخابى" الذى يكلف من خلاله ناخبون عن كل ولاية بانتخاب رئيس البلاد ونائبه، مع التزامهم غالبا بالتصويت للمرشح الذى اختاره الناخبون فى الانتخابات العامة.
تشكيل المجمع
يتكون المجمع الانتخابى من 538 مندوبا يمثلون كافة الولايات الأمريكية الخمسين، حيث تمثل كل واحدة منها حسب عدد أصواتها فى الكونجرس بمجلسيه (الشيوخ والنواب)، والمحدد فى 535 إضافة إلى ثلاثة أصوات لمقاطعة كولومبيا.
ويحق لكل ناخب من المجمع إعطاء صوت واحد للرئيس وصوت واحد لنائب الرئيس، أما العدد المطلوب للفوز بمنصبى الرئيس ونائب الرئيس فهو 270 صوتا.
وهناك ست ولايات توصف بأنها الأكثر تأثيرا فى المجمع الانتخابى لاستحواذها على 191 صوتا تمثل نسبة 35% من إجمالى عدد أصواته، تتصدرها ولاية كاليفورنيا (55 صوتا)، وتكساس (38 صوتا)، وفلوريدا (29 صوتا)، ونيويورك (29 صوتا)، وإيلينوى (20 صوتا)، وبنسلفانيا (20 صوتا).
ويلاحظ أن هؤلاء الناخبين يجتمعون فى كل ولاية على حدة للإدلاء بأصواتهم لانتخاب الرئيس، لكنهم لا يجتمعون أبدا كناخبين للولايات بشكل جماعى كهيئة قومية.
طريقة الاختيار
تختلف طريقة اختيار المندوبين للمجمع الانتخابى بين الحزبين الديمقراطى والجمهورى وبين الولايات الخمسين نفسها، وهناك وسيلتان رئيسيتان لاختيار المندوبين وهما: إما الانتخابات الأولية التمهيدية أو المؤتمرات الحزبية الانتخابية التفضيلية.
وتتم الانتخابات الأولية أو التمهيدية بالاقتراع غير المباشر فى الولايات، فيختار الناخبون مندوبين عنهم (يسمون أحيانا "الناخبين الكبار") يكونون ملتزمين بالتصويت للمرشح الرئاسى الذى تعهدوا بالتصويت لصالحه فى المؤتمر العام للحزب.
أما الأسلوب الثانى فيتمثل فى المؤتمرات الحزبية الانتخابية العامة بالولايات حيث يقدم أعضاء الحزب- الذين يرغبون فى ترشيح أنفسهم- برامجهم، ويحاولون كسب التأييد لينالوا بطاقة الترشح باسم الحزب.
وموازاة مع ذلك يتم خلال تلك المؤتمرات انتخاب المندوبين الذين سيصوتون فى المؤتمر الانتخابى العام للحزب، تبعا للنسب التى حصل عليها المتنافسون- من المندوبين- فى المؤتمرات المحلية.
ويعتمد هذا النظام على قاعدة أن المرشح الرئاسى الفائز بأغلبية الأصوات الشعبية فى الولاية يفوز بجميع أصواتها فى المجمع الانتخابى، وتطبق هذه القاعدةَ الولايات كافة باستثناء ولايتى نبراسكا وماين اللتين تطبقان نظام التمثيل النسبى، حيث تقسم فيهما أصوات المجمع الانتخابى حسب نسبة الفوز فى التصويت.
ويمنح هذا النظام المرشح بطاقة الفوز رئيسا للبلاد فى حال حصوله على 270 صوتا انتخابيا فى المجمع، وهو ما يستطيع تحقيقه بالتركيز على 11 ولاية فقط هى الأكثر تمثيلا فى الهيئة.
ويجتمع أعضاء المجمع الانتخابى بعواصم ولاياتهم لاختيار الرئيس ونائبه فى أول يوم اثنين من ديسمبر المقبل بعد الانتخاب الشعبى الذى يجرى فى نوفمبر القادم، وينقلون النتائج إلى الحكومة الاتحادية لتعلن النتيجة الرسمية للانتخابات فى جلسة مشتركة للكونجرس يعقدها يوم السادس من يناير2017 ليعلن اسم الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأمريكية لمدة أربع سنوات مقبلة.
أما فى حالة عدم حصول أى مرشح للرئاسة على أغلبية الأصوات فى المجمع الانتخابى فيختار مجلس النواب الرئيس من بين ثلاثة مرشحين حاصلين على أعلى عدد من الأصوات، على أن تمثل كل ولاية بصوت واحد.
أما بالنسبة لنائب الرئيس، ففى حالة عدم حصول أى مرشح على الأغلبية فإنه يختاره مجلس الشيوخ من بين المرشحين الحاصلين على أعلى عدد من الأصوات.
شكوك وانتقادات
ينتقد بعض المراقبين والمحللين هذا النظام بأنه يتحكم فى هوية الفائز بالانتخابات الرئاسية، ومبرراتهم بأنه آلية "غير ديمقراطية" لحسم الانتخابات لأن كافة الولايات باستثناء ولايتين تتبع نظام "الفائز يفوز بالكل"، إضافة إلى اتهامه بعدم التعبير أحيانا عن إرادة الناخبين فى الانتخابات العامة، مدللين على ذلك بسوابق تاريخية، إذ انتخب المجمع الانتخابى ثلاث مرات مرشحين خسروا فى التصويت الشعبى هم:
راذرفورد هيز عام 1876، وبنجامين هاريسون عام 1888، وجورج بوش الابن عام 2000.
وفى المقابل.. يدافع المؤيدون عن هذه الآلية بقولهم أنه يحافظ على النظام الفيدرالى الأمريكى لأنه يمنح كل ولاية ثلاثة أصوات على الأقل مهما قل عدد سكانها مقارنة بغيرها من الولايات الخمسين، كما يشيرون إلى أن هذا النظام يحتم على كل مرشح الفوز بعدد من الولايات المنتشرة جغرافيا، بدلا من التركيز على الولايات الحضرية الكثيفة سكانيا.
أخبار أمريكا..المجمع الانتخابى الأمريكى يحسم الخيار بين كلينتون وترامب
الثلاثاء، 07 يونيو 2016 11:01 ص