حذرت الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار من تداعيات أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى على الاقتصاد المصرى، فى عدد من القطاعات، ووصفته بأنه تحد كبير يستوجب اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهته والتقليل من تأثيره السيئ على القطاعات المصرية، وهو ما ظهر مبكرا فى خسارة البورصة أكثر من 16 مليار جنيه فى أول تعامل لها من إعلان الخروج من الاتحاد.
وأشارت الجمعية فى تقرير حول الأزمة إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى يضعنا أمام مجموعة من التحديات التى يجب النظر فيها ودراستها بشكل مدقق وسريع واتخاذ إجراءات مناسبة وبدائل لتجنب التداعيات السلبية لخروج بريطانيا من منطقة اليورو.
وقال محسن عادل، نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار، إن العلاقات التجارية مع اليورو وبريطانيا ستتأثر بعد تراجعات سعر اليورو والإسترلينى، لأن انخفاض أسعار تلك العملات قد يخلق تراجعا مماثلا فى فرص التصدير المصرية لتلك الأسواق نتيجة انخفاض أسعارها أمام الدولار، وبالتبعية أمام الجنيه، وهو ما يتسبب بشكل واضح فى ارتفاع فرص نمو الواردات الأوروبية والإنجليزية لمصر.
وأشار إلى أن تشكيلة محفظة الاحتياطى النقدى الأجنبى لمصر وما يتضمنه من عملات أجنبية فى ظل التقلبات الحالية يعد من أبرز الأمور، التى يجب التحوط لها سريعا، متسائلا «كيف سيتحرك البنك المركزى المصرى فى ذلك الإطار، وهل ستلجأ مصر إلى تحويل جزء من تلك العملات فى المحفظة إلى ذهب أو إلى الدولار، مع الأخذ فى الاعتبار اقتراب ضم «اليوان»، عملة الصين، إلى سلة العملات الرئيسية فى صندوق النقد الدولى، وهو ما يستدعى دراسة مستفيضة حاليا لضمه إلى العملات الخاصة بمحور قناة السويس، وبالتالى إدخاله كجزء من سلة العملات لدى البنك المركزى المصرى.
وأوضح عادل أنه بعد خروج بريطانيا فإنه من المتوقع أن تكون هناك حركة ركود فى التجارة العالمية، ومعناه انخفاض فى الإيرادات من التبادل التجارى سواء الصادرات أو حركة الملاحة، وبالتالى لابد من دراسة تلك التحركات والتوقعات حاليا والعمل على إيجاد بدائل.
ولفت إلى أن استثمارات الخليج هى أكبر مصدر للاستثمار فى مصر فيما تأتى بريطانيا فى المركز الثانى، ونلحظ حاليا تخارجا خليجيا من بريطانيا، لذا فإنه ينبغى على مصر أن تكون لديها خطة لجذب جزء من تلك الاستثمارات، وهو ما يتطلب وجود حوافز لمناخ الأعمال.
وأكد عادل أن التأثيرات السريعة لتخارج بريطانيا ستتركز فى أسواق المال، وأسعار العملات نتيجة التقلبات العالمية، فيما ستأتى تداعيات الخروج على الجزء المتعلق بالتجارة والاستثمار على مستوى متوسط وطويل الأجل.
وطالب عادل الحكومة المصرية بسرعة التحرك لعمل اتفاقيات تجارة ثنائية مع بريطانيا للوقوف على شروط أفضل فى الوقت الحالى، نظرا لأنه سيكون هناك منافسة خلال الفترة المقبلة على عقد اتفاقات للتجارة والاستثمار بين بلدان كثيرة وبريطانيا.
وأصابت حالة من الفزع أسواق المال العالمية والمحلية فى معظم دول العالم، بعد الإعلان عن تصويت الشعب البريطانى على خروج بلاد من الاتحاد الأوروبى، ورغم أن هذا الانسحاب سيستغرق وقتا يصل إلى العامين، حتى يتم بشكل كامل، إلى أنه أحدث هزة عنيفة فى الاقتصاد العالمى بمجرد الإعلان عنه.
وعقب الإعلان مباشرة سجلت سوق الأسهم اليونانية تراجعا حادا، وتراجعت بورصة أثينا 15% على الفور بعد فتح التداول، وتهاوت أسهم البنوك بواقع 30%، وهو الحد الأقصى المسموح به قبل تعليق التداول.
كما انخفض الروبل الروسى بأكبر وتيرة فى شهرين تقريبًا خلال تعاملات أول يوم بعد الإعلان، بالتزامن مع هبوط أسعار النفط بشكل حاد عقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، وسط مخاوف المستثمرين بشأن النمو الاقتصادى والاستقرار السياسى فى أوروبا، وهبط الروبل أمام الدولار بنسبة 2.9%، لترتفع العملة الأمريكية لمستوى 65.5 روبل.
وقال محمد صالح المحلل المالى، إن السيناريو الأفضل الآن، بعد تصويت الشغب البريطانى على الخروج من الاتحاد الأوروبى، هو خروج بريطانيا من الاتحاد فى عام 2018، وأن تتمكن بريطانيا فى أفضل الأحوال من الفوز بوضع مشابه لسويسرا واتفاقية تجارة مع شركائها السابقين فى الاتحاد الأوروبى.
وتوقع صالح أن تقوم بريطانيا وفقا لتقارير دولية سابقة بعقد اتفاق تجارى مع الاتحاد الأوروبى مباشرةً، مع الحفاظ على الاتفاقيات التجارية مع باقى العالم، لكن ذلك سيؤدى حتماً إلى انخفاضٍ فى الاستثمارات، وتقلّص الناتج الإجمالى المحلّى 3% مع حلول عام 2020.
وفى حال لم تقم بريطانيا بذلك، أى أنها لم توقع اتفاقية تجارية مباشرة مع الاتحاد، فإنها تصبح مُرغمة بالالتزام بقوانين منظمة التجارة العالمية، وهو ما سيعيد الحواجز الجمركية، لكن ذلك سيُكبد بريطانيا العديد من الخسائر الاقتصادية.
وأكد أن تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، كما يرى العديد من المصادر، لن يقف عند حدود أوروبا، ولكنه سيصل بلا أدنى شك إلى دول عديدة بالعالم، من بينها مصر التى تتمتع بشراكات تجارية مع الاتحاد الأوروبى، ولكن حتى الآن فإن هذا التأثير غير محسوبة عواقبه على الاقتصاد المصرى، فهناك تساؤلات حول موقف صادرات الدول المختلفة، ومنها مصر، للاتحاد الأوروبى، ومدى التزام بريطانيا بالاتفاقيات الدولية المبرمة فى إطار الاتحاد الأوروبى ومن أهمها اتفاقية الشراكة الأوروبية، وهل سيتم الخروج من لحظة الاستفتاء أم يؤجل لفترة بعدها.
كما أوضح محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، أن هناك ضرورة لمراجعة بنود الصادرات المصرية للأسواق الاوروبية وقياس مدى إمكانية إحلالها أرخص نتيجة قرار الانفصال أو وجود فرص أكبر لتصدير سلع وخدمات مصرية مقابل سلع وخدمات إنجليزية كانت تحصل على ميزة تفضيلية نتيجة وجود بريطانيا فى الاتحاد الأوروبى، مع ضرورة مراقبة أداء البورصة المصرية والتعاملات فيها بصورة دقيقة، خلال الفترة الحالية، خاصة وأن هناك أسهما مصرية مدرجة ببورصة لندن وإعداد بدائل سريعة للتعامل مع أى اضطرابات محتملة قد تحدث فى حالة صدور القرار البريطانى بالانفصال لتحجيم أثرها على البورصة المصرية.
وأشار إلى أن قرار الانفصال قد يؤدى إلى خروج استثمارت من بريطانيا للبحث عن ملاذات آمنة، ومن ضمنها استثمارات خليجية قد يكون متاحا لمصر فى حالة إعداد خطة عاجلة اجتذاب جانبا منها، منوها إلى أن اتساع الفجوة التضخمية بين مصر وشركائها التجاريين الرئيسيين بالاتحاد الأوروبى من شأنه أن يؤدى إلى مزيد من ارتفاع سعر الصرف الفعلى الحقيقى، وبالتالى، استمرار إيذاء الصادرات السلعية لهذا فإنه يجب الإسراع فى الإجراءات الاقتصادية على فترة زمنية مناسبة للتحسين من بيئة الاستثمار ككل بشكل ملحوظ.
وأكد عادل أنه وفقا لتقارير دولية فإن خروج بريطانيا من الاتحاد سيحرمها من الحقّ فى اتخاذ قرارات مهمة فى الشأن التجارى وستكون أقلّ جاذبية لاستقطاب الاستثمار الخارجى ولن يؤخذ برأيها فى قرارات السوق الأوروبية المفتوحة للخدمات الإلكترونية والمالية والتجارية وغيرها، والخروج من الاتحاد سيزعزع الاستقرار فى أوروبا التى تظل بريطانيا سوقها الأساسية.
لكن المصوتين لصالح الانعزال يجدون أن فى إمكانهم التباحث مباشرة فى معاملاتهم التجارية مع الجهات المعنية من دون اللجوء إلى المركزية الأوروبية، ويعتقدون بأن الشركات البريطانية ستتحرر من عبء أحكام السوق الأوروبية، ويرون أن التجارة بين بريطانيا والدول الأوروبية ستستمر لأن بريطانيا تستورد من أوروبا أكثر مما تصدر إليها.
- وزير بريطانى: لندن قد تجرى استفتاء ثانيا على عضويتها بالاتحاد الأوروبى
"المصرية للتمويل" تحذر من تداعيات أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى على الاقتصاد المصرى.. وتطالب بإجراءات عاجلة لمواجهتها .. خبير: الاستثمارات العربية ستلجأ لمصر بعد الهروب من لندن
الثلاثاء، 28 يونيو 2016 09:22 ص
الاتحاد الأوروبى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال مغربى قاسم القبانى قنا
حتى لانقتل الفرص ونحول الاحلامم بدلا من واقع مامول الى كوابيس صناعات التصدير كلها بقنا