وقضت المحكمة برئاسة المستشار محمد السعيد محمد الشربينى وعضوية المستشارين سعد الدين حسن سرحان، ووائل عمر الشحات، بسكرتارية محمد عبد الستار، بمعاقبة الدكتور محمد بديع مرشد جماعة الإخوان و35 آخرين بالسجن المؤبد، ومعاقبة 9 بالسجن المشدد 15 سنة، ومعاقبة 19 بالسجن 10 سنوات و21 آخرين بالسجن 3 سنوات، وبراءة 20 آخرين.
وبرز فى حيثيات الحكم رد المحكمة على الدفع من دفاع المتهمين بانتفاء أركان جريمة الاشتراك والاتفاق الجنائى بالنسبة للمتهمين بصفة عامة، وللمتهم الأول محمد بديع بصفة خاصة وأن خطابه التحريضى كان بعد الأحداث وليس قبلها، فإن المحكمة ترد بقول الله تعالى فى الآية 29 من سورة القمر "فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر" والآية 48 من سورة النمل بقوله تعالى "وكان فى المدينة تسعة رهط يفسدون فى الأرض ولا يصلحون" والآية 67 من سورة هود "وآخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا فى ديارهم جاثمين كأن لم يفتوا فيها إلا أن ثموداً كفروا ربهم ألا بعداً لثمود"، فقد نزلت تلك الآيات فى عقاب من ذبحوا ناقة صالح عليه السلام ولم يمتثلوا لأمر الله .
وانتقلت الحيثيات لذكر أن المشرع المصرى وضع المادة 39 من قانون العقوبات على أنه يعتبر فاعلاً فى الجريمة من يدخل فى ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أعمال ويأتى عملاً من الأعمال المكونة لها مما يدل على أن الجريمة ارتكبت من عدة أفعال سواء حسب طبيعتها أو لخطة تنفيذها، فإن كل من تدخل فى هذا التنفيذ يعد فاعلاً مع غيره ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده، إذ أن المقرر أنه مجرد وجود المتهم على مسرح الجريمة يشد من آزر المتهمين وقت اقتراف الجريمة تنفيذاً لقصدهم المشترك، الذى بيتوا النية عليه يحقق مسئولية المتهمين جميعاً، كما أنه من المقرر أن الاتفاق الجنائى هو إتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه، ومن حق المحكمة أن تستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التى تتوافر كما أن الاتفاق على ارتكاب جريمة لا يقضى فى الواقع أكثر من تقابل إرادة المتهمين ولا يشترط لتوافره مضى وقت معين أو تلاحق زمنى بشكل معين بل هى عبارة عن سلسلة أعمال متصلة فى بعضها البعض تحقيقاً للغاية، مما يمثل القصد المشترك بينهم، ويكفى أن تستخلص المحكمة ذلك الاتفاق الجنائى من ظروف وملابسات الواقعة مادام هناك ما يسوغ وقوعه بالفعل، والمحكمة فى ذلك ليست مطالبة بالآخذ فقط بالأدلة المباشرة بل أنها تستخلص ذلك من كل ما يقدم اليها من قرائن وأدلة حتى لو كانت غير مباشرة، وللقاضى الجنائى مطلق الحرية فى استنتاج عقيدته من وقائع الدعوى مادام ذلك الاستخلاص لا يخرج عن الاقتضاء العقلى والمنطقى
ولما كان من الثابت يقيناً للمحكمة من واقع مشاهدتها الأسطوانة المدمجة فى حضور المتهم الأول محمد بديع عبد المجيد سامي، والتى حوت خطابه الذى ألقاه بميدان رابعة العدوية بالقاهرة وإقراره أمام المحكمة بصحة كل ما تضمنته من عبارات "نحن ثوار أحرار هنكمل المشوار، نحن خرجنا لتحرير مصر من محاولات سرقة ثورة مصر، نحن سنبقى فى الميدان حتى نحمل الرئيس محمد مرسى على أعناقنا، أنه لا بديل عن عودة الرئيس محمد مرسى ودون ذلك دماؤنا وأرواحنا، هنجيبه على أكتافنا وأرواحنا فداه، سنفديه بأرواحنا وصدورنا عارية، نحن بصدورنا العارية أقوى من الرصاص، الإخوان المسلمين هى أكبر قوة شعبية ومتماسكة ومنها عباراته الموجهة للقوات المسلحة "أقول للجيش إنه بعد أن يعود الرئيس مرسى للحكم سنتفاهم فى كل شىء، الحكم العسكرى لن تعرفه مصر بعد ألآن، إضافة لعباراته "نحن نعيد حقوق المصريين إليهم من محاولات دنيئة الانقلاب العسكرى باطل وكل الإجراءات التى تمت باطلة، هذه الجموع تطالب بالرئيس محمد مرسى ولن نقبل فصالاً "، وندائه للشعب المصرى "وأقول لشعب مصر هيا الى جميع ميادين مصر وأنتم ثوار إحراز هنكمل المشوار"، وأن المحكمة بما لها من سلطة تقديرية تستدل بتلك العبارات على توافر الركن المادى لفعل التحريض فى حق المتهم الأول "محمد بديع"، لأنه قال تلك العبارات على مرآى ومسمع الكافة وانه قصد من إلقاء هذا الخطاب التحريضى حث أعضاء جماعته ومؤيدوه والمنتمين اليها على استخدام العنف والقوة وإثارة الفوضى وتهديد أمن وسلامة البلاد، وذلك أن عبارة "افتداء محمد مرسى بالدماء والأرواح ولا بديل عن عودة الرئيس مرسى ومن دون ذلك دمائنا وأرواحنا وتكرار تلك العبارة وما على شاكلتها من الافتداء بدمائهم وأرواحهم وصدورهم عارية من أجل عودة مرسي، وأختتم خطابه التحريضى بـ"هيا الى النزول لجميع ميادين مصر"، فإنه يقصد من كل هذه العبارات التحريض على استعمال القوة والعنف والتصدى للجيش المصرى ولكل سلطات الدولة ولمجابهة كل من يحول دون تحقيق مخططهم من أجل إعادة الرئيس الأسبق لحكم البلاد ولو كان ثمن ذلك الدماء والأرواح .
وأشارت المحكمة أنه لا يتصور عقلاً ومنطقاً أن يحرض ويحفز بديع أعضاء جماعته على إعادة مرسى ولو كان الثمن الدماء والأرواح دون أن يكون ذلك باستخدام كل أنواع القوة والعنف وإراقة الدماء ومجابهة جميع سلطات الدولة وحديثه للجيش هى عبارة تدل دلالة قاطعة على إمكانية استخدام القوة والعنف ولو فى مواجهة الجيش، على نحو تحققت معه معنى اشتراكه بالتحريض على كافة الجرائم التى أقترفها المتهمون حضاً منه لهم على ذلك، وما كان منهم إلا السمع والطاعة، وأسرعوا لارتكاب الأحداث محل المحاكمة، فلا سند لما أثاره الدفاع من عدم توافر أركان الاشتراك بالنسبة للمتهم الأول .
وقالت المحكمة فى حيثياتها، إن تحريات الأمن الوطنى التى عززتها أدلة الثبوت للمتهمين بأمر الإحالة، ومنهم من تم ضبطه يومى الأحداث بعد فض التجمهر وإثناء هروبهم بما ترى معه المحكمة توافر أركان الجريمة المسندة للمتهمين من جريمة حيازة أسلحة نارية "آلية وخرطوش" وأسلحة بيضاء وأدوات ما تستخدم فى الاعتداء على الأشخاص، وأن تلك الجريمة ثابتة فى حق المتهمين جميعاً حيث أن المقرر فى الجرائم جائز إثباتها بكافة طرق الإثبات ومنها جريمة حيازة سلاح آلى وذخيرة، فالمحكمة لها كامل الحرية أن تستمد اقتناعها من أى دليل تطمئن اليه، فإذا أقامت قضائها بثبوت الجريمة مما استخلصته من شهادة الشهود فلا تكون خالفت القانون فى شيء ولا يمنع المسائلة والعقاب، عدم ضبط السلاح مع المتهم ما دام القاضى أقتنع من الأدلة أن المتهم كان يٌحرز سلاح، واستعمال السلاح فى القتل أو الجرح يوجب معاقبة حامله وجميع شركائه طبقاً للمادة 43 من قانون العقوبات.
تعود وقائع القضية لأحداث 5 يوليو 2013 عندما وقعت اشتباكات بين الإخوان وأجهزة الأمن أمام مبنى ديوان عام محافظة الإسماعيلية لفض اعتصام الإخوان، وأسفرت عن سقوط ثلاثة قتلى والعشرات من المصابين . وأحال المستشار هشام حمدى المحامى العام الأول لنيابات الإسماعيلية القضية رقم 3313 لسنة 2014 فى شهر سبتمبر 2014 الى محكمة ألجنايات حيث نسبت إلى المتهمين من الأول وحتى الرابع والثلاثين تهم تدبير التجمهر أمام ديوان عام محافظة الاسماعيلية وتعريض السلم العام للخطر، حيث كان الغرض من التجمع ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص والممتلكات العامة والقتل والتأثير على رجال السلطة العام فى أداء أعمالهم بالقوة والعنف.
كما نسبت النيابة العامة إلى المتهمين من الخامس والثلاثين وحتى الخامس بعد المائة، الاشتراك وآخرين مجهولين فى تجمهر من شأنه تعريض السلم العام للخطر، كما كان الغرض منه الاعتداء على المنشآت العامة والخاصة والتأثير على رجال السلطة العامة بالقوة والعنف وحمل البعض منهم لأسلحة نارية وأدوات تستخدم فى الاعتداء على الأشخاص، حيث استعرضوا القوة ولوحوا بالعنف واستخدموها ضد عدد من رجال الشرطة ومواطنين آخرين تصادف وجودهم أمام مبنى الديوان العام لمحافظة الإسماعيلية بقصد ترويعهم وإحداث الأذى المادى والمعنوى، وكذا فرض حالة من الفوضى هم وآخرون من جماعة الإخوان والموالين لهم فى مسيرات عدة أمام المبنى، حاملا بعضهم أسلحة نارية وبدأهم بالضرب والاعتداء على المجنى عليهم مما ترتب عليه تعريض حياتهم للخطر وتكدير الأمن والسكينة. واقترنت الجريمة بجناية قتل عمد لكل من المجنى عليهم إسلام جمال محمود الصادق عمدا مع سبق الإصرار، كما عقدوا النية على قتل من تصادف وجوده فى محيط تظاهراتهم أمام مبنى الديوان العام. كما قتلوا المجنى عليه ربيع محمد الشوادفى عمدا مع سبق الإصرار والمجنى عليه متولى على متولى، وكذا الشروع واخرون فى قتل نحو 15 من المجنى عليهم، كما حاولوا وآخرون احتلال مبنى من المبانى الحكومية "مبنى الديوان العام وخربوا وآخرون مجهولون عمدا، أملاكا عامة من بينها سيارة شرطة وسيارة إسعاف، كما عرضوا سلامة وسائل النقل العامة البرية وعطلوا سيرها من خلال تعطيل السير فى الطريق العام أمام مبنى المحافظة، كما روجوا وآخرين بطريق الفعل والقوة لأغراض الجماعة ورددوا هتافات معادية للقوات المسلحة والشرطة وحازوا أسلحة نارية بغير ترخيص وأسلحة بيضاء وعصى وشوم، كما أتلفوا وآخرون أموالا منقولة.
موضوعات متعلقة..
تفاصيل الحكم بالمؤبد لـ"بديع" و35 إخوانيا والسجن لـ49 وبراءة 20 آخرين
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة