أسماء مصطفى

المتلاعبون بالعقول

السبت، 11 يونيو 2016 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أقبل علينا الشهر الكريم ونحمد الله كثيرا أن بلغنا رمضان بروحانيته العظيمة وطقوس الشهر الكريم من عبادات ومظاهر احتفال لا نراها إلا في مصر الحبيبة التى دائماً لها طابع خاص وفريد فى الاستقبال أو الاحتفال بكل المناسبات سواء كانت دينية أو غيرها.

واعتدنا خلال الشهر الكريم أن تكون الشاشات التليفزيونية والمحطات الإذاعية على أهبة الاستعداد مع اشتعال المنافسة بينهما، بالطبع هذا ما عهدناه مع ظهور الفضائيات وعزوف المواطنين عن ماسبيرو الذى أصبح بالنسبة لكثيرين يأتى فى المرحلة الأخيرة، لن أتحدث عن الذكريات وما نشأنا عليه فى الماضى فى مراحل عمرية مختلفة حتى لا نظل فى حالة الحنين إلى الماضى أو ما يطلق عليه ( نوستالجيا) ولا عيب فى هذا بكل تأكيد وهى ظاهرة صحية بدون شك، ولكن ما أقصده هو أن نرى الحاضر الذى يدفعنى للبحث عن العقول التى يتم التلاعب بها خلال الشهر الكريم وهى طبقا لجميع الأبحاث الفترة الأطول من حيث المدة الزمنية التى يشاهد فيها الفرد التلفاز والتى أثبتت أحدث الدراسات أن 74? من إجمالى المشاهد التى يراها الأطفال والشباب فى الأعمال الدرامية وبعض البرامج تؤدى إلى سلوك إجرامي بنسبة 43? وطبقا للأبحاث الأخيرة خلصت دراسة حديثة أجرتها الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال إلى أن عدد الساعات التى يقضيها الأطفال ممن تمتعوا بالتعليم 900 ساعة سنويا فى المدرسة مقابل 1023 ساعة سنويا أمام شاشات التلفاز وغيرها وهذا الحد الأدنى بمعدل ما يقرب من ساعتين ونصف في اليوم.

حديثى عن عدد الساعات هو ما يجعلنى اسأل عن المحتوى، ماذا نشاهد طبقا للحد الأدنى ونحن خلال الشهر الكريم عدد ساعات المشاهدة ربما يتخطى 6 ساعات يوميا؟!

فى 1973 خرج علينا الكاتب الشهير هربرت شيللر بكتابه "المتلاعبون بالعقول" الذى تحدث فيه عن التضليل الإعلامى والوعى المعلب وصناعة المعرفة فى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أشار الكاتب إلى أن هناك خمس أساطير للتلاعب بالعقول، ومنها أسطورة التعددية الإعلامية انتقد الكاتب بشدة السياسة الأمريكية واستخدامها للإعلام بشكل أصبح يمثل خطرا على المجتمع، وعلى ما يبدو أن أمريكا كانت قادرة على احتواء أزمات الإعلام فى ذلك الوقت وحولت صناعة الإعلام والدارما فى بلادها إلى استخدام تلك القوى الناعمة التى تحدث عنها جوزيف ناى ذلك الرجل العسكري المخضرم في حكومة كلينتون وقد أشرت إليه فى مقال سابق ما أحوجنا للقوة الناعمة!

لا أعرف الآن ما هو الدور التى تقوم به الرقابة على المصنفات الفنية، ولن أسأل كيف استطاع المجتمع الأمريكى أن يصدر لنا أن الإباحية هى الحرية ودعونا نعُد إلى المحتوى والصناعة الضخمة التى ندافع عنها وعن حريتها وكانت من دعائم الاقتصاد المصرى فى عهد مضى على سبيل المثال وليس الحصر ابتدعنا خلال شهر التسامح والمغفرة برامج المقالب التى تتمتع بنِسَب مشاهدة عالية جدا لتتحول معها إلى إنسان فقد عقله لقد أصبحنا نضحك وتتعالى الضحكات على مشاهد الترويع والصراخ لا أعمم ولكن ما الذى يدفع شخص للابتسامة حتى عند مشاهدة شخص مفزوع يصرخ ربما يتعرض للإصابة بنوبة قلبية فكرة برامج المقالب هى صناعة أمريكية قمنا باستيرادها، وهناك من طورها للتلاعب بِنَا حتى تتعالى الضحكات كلما تعالت أصوات الصراخ.

أما الدراما الرمضانية فلا تخلو من القتل والإدمان والدمار النفسي وأحيانا الاغتصاب ومشاهد الرقص المبتذل وما يطلق عليه (الإفيه المبتذل).

وعلينا بعد كل هذا أن نصبح أسوياء بعد هذه الجرعة المكثفة وكأننا نعود بالزمن إلى الوراء لاستحداث نسخة كيف تصنع مريضا نفسيا وشخص غير سوى اجتماعيا، تحدثت كثيرا عن رواسب مشاهد العنف فى نفوس الأطفال وهناك خبراء أعلم منى ولكن على ما يبدو أن هناك من يرفض الانتباه ونسب المشاهدة هى المهيمن الأكبر على تلك الصناعة بأكملها، لقد كان هناك كتاب شهير مغضوب عليه وممنوع ظهر لنا مرة واحدة فى السينما المصرية، وهو كتاب كيف تصنع مريضا فى الفيلم الشهير أين عقلى استعرض فيه الكاتب المغضوب عليه جورج ويلز كيفية تحويل السلوك وتغيير العقائد وغسيل الدماغ كان هذا الكتاب شديد التعقيد كما قالوا عنه حتى على المتخصصين، كما ذكر كثيرون لقد فسر جورج 23 تقنية لصنع تغيرات السلوك والمرض النفسي للأسوياء، الغريب فى الأمر أن سبب الغضب على هذا المؤلف كان من منطلق منع استخدام محتواه للتطبيق على البشر بعد تطبيق التجارب على الحيوانات ولم يلتفت كثيرون لتلك التقنيات التى أشار إليها جورج والموجودة بالفعل حولنا للقضاء عليها ما يمارس الآن، وما يتداول حولنا وما نشاهده من منطلق الدراما والحريات والفكاهة كفيل بصنع ملايين من المرضى بشكل مباشر دون عناء حتى تداول الجرائم الحقيقية وشرحها تفصيلا بالصوت والصورة وحتى قبل ظهور اليوتيوب كان لدينا السبق كمؤسسة حكومية بإصدار جريدة خاصة بأخبار الحوادث والتى كانت تحقق مبيعات هائلة لا أعلم متى سوف ننتبه من يريد أن يرتكب جريمة ليس عليه سوى البحث على اليوتيوب ولا أعلم أين ومتى سوف يكون لدينا رقابة نفسية بجانب الرقابة الفنية لا أعلم؟ ترى سوف يُجد هذا السؤال إجابة ونعود إلى رشدنا.








مشاركة

التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

ألشعب الاصيل

ماذا تقولي عن رامز بيلعب بالنار والصراخ الدائم والصداع عقب الفطار

إفلاس حقيقي

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة