ماجدة إبراهيم

لو كنت فظا

السبت، 07 مايو 2016 06:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أن تنام وتصحو لا تحلم إلا بشىء واحد، أن تتنفس.. فى شهيقك هدف واحد لا ترى فى نهاية طريقك إلا هو.. أن تتخيل أنك فى أعلى قمة الجبل، وأن كل ما حلمت به قد تحقق كل هذا أحسست به عندما التحقت بكلية الإعلام جامعة القاهرة، واعتبرت أن هذه الخطوة هى البداية لمستقبل رسمته وأنا مازلت فى الصف الأول الإعدادى، فى ذلك الوقت الذى قرأت فيه، روايات إحسان عبد القدوس ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ويوسف السباعى، عمالقه عظام جمعوا ما بين الأدب والصحافة، وتمنيت أن أكون واحدة منهم أفكر كما يفكرون.. أبدع كما يبدعون. أذكر الجملة التى استقبلتنى بها كلية الإعلام عندما كانت تحتل الدور الرابع من مبنى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، كان ذلك منذ أكثر من عشرين عاما، قال تعالى (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) تلك الآية التى أنزلها الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، لتكون دعوة لرسالة سامية على أسس الحق والعدل. استوقفتنى الآية، وتساءلت: لماذا اتخذتها كلية الإعلام دستورا لها وشعارا من خلالها يتعلم الصحفى، أو المذيع، أن يكون حلو الحديث رقيق القلب منضبط النوايا؟!! قابلت فى بداية مشوارى الصحفى من احتضنوا أحلامى وساعدونى، ومن انتشلوا آمالى من داخلى وأهالوا على جبينى التراب وأذلونى. كنت أعرف أن حلمى الصحفى لن يكون ممهدا بالورود.. فشحذت همتى وتوكلت على الله.. فما قرأته فى كتب الأدب والصحافة وما تحدث به عمالقة المهنة فى مصر كان مختلفا عما رأيته، لكننى قررت أن تكون لى مدرستى فى زمن أغلقت فيه المدارس وضاعت فيه الأهداف.. كنت أرى أن الصحفى لابد أن يبتعد عن السياسة، وأن يكون بلا توجه فرغم أن بداياتى كلها فى صحف حزبية، لكننى لم أنتم فى أى مرحلة من مراحل حياتى لأى حزب سياسى.. لم تعد الصحف فى سنوات العشر الأخيرة، فيها ما يبنى العقول، مثلما تفعل الكتب واقتصرت على كل ما يثير الفضول، ويسلى النفوس وأحيانا قليلة ما يفيد القارئ. والحقيقة أنها لم تكن الصحف هى السبب وراء تدنى مستوى المنشور لكن الذوق العام والتميز الأجوف وراء انهيار منظومة القيم.. خمسة وعشرون عاما، وأنا أعمل فى هذه المهنة التى منحتنى ثقة فى النفس، وأحسست أنها بالفعل هى السلطة الرابعة، تقديرا لدورها فى المجتمع، سواء كان على مستوى النضال الفكرى أو الأخلاقى. والآن أقول (فاقد الشىء لا يعطيه) إذا أردنا أن يحترمنا المجتمع، فعلينا أن نتخلص من تلك النماذج التى تسىء لمهنتنا.. لسلالم نقابتنا التى شهدت اعتصامات وتظاهرات سلمية على قدر رائع من التحضر. طهروا كيان نقابتنا من صحفى الأجندات والسبوبة.. تخلصوا من الحناجر الملوثة بالشائعات والتحريض.. دافعوا عن حق كل مظلوم ليجد من يسانده بدون مقابل.. بدون حسابات. رغم إننى ضد اقتحام نقابة الصحفيين من قبل الأمن، لكننى أشم رائحة كريهة لدسائس تنسجها عناصر من الجانبين تريد إشعال الموقف برمته لحسابات بعينها.. تصعيد الأمور ليس فى صالح مصر.. فمصر هى الباقية، فالكل يجىء ويرحل ويبقى التراب المصرى شاهدا على نضال شعب.. والصحفيون ينتمون لهذا الشعب البسيط لا يتميزون عنهم، ولا توجد على رأسهم ريشة.. لكنهم ضمير هذه الأمة.. ذلك المصباح الذى ينير القلوب ويوجه العقول، فهل كان الصحفيون قادة الرأى والقلم على مستوى المسؤولية ويدا واحدة فى مواجهة أى محاولة لشق الصف من منا لا يختلف، ولكن هل تعلمنا كيف يكون فن الاختلاف، هذا الاختلاف الذى نرفض أن توجهه عصا غليظة، ولكن تحكمه قواعد وقيم إنسانية. حان الوقت للجلوس حول طاولة واحدة حدودها مصر وأرضيتها تراب مصر، من أجل بقاء بلادنا، وعلينا أن نتذكر دستورنا الصحفى (لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) فهل لدينا الاستعداد لبداية جديدة؟








مشاركة

التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

حفنى

محاولة ذكية

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة