وينظر إلى الجزائر كشريك طبيعى للاتحاد الأوروبى الذى يسعى لتنويع مصادر إمداداته من الطاقة بعدما أثار الصراع فى أوكرانيا مجددا مخاطر الاعتماد أكثر من اللازم على روسيا أكبر مورد للطاقة إلى الاتحاد.
وفى الوقت الحاضر تحتل الجزائر المرتبة الثالثة بين كبار موردى الغاز للاتحاد الأوروبى بعد روسيا والنرويج غير أن طاقتها التصديرية عبر ثلاثة خطوط أنابيب تمتد عبر البحر المتوسط غير مستغلة بشكل كبير.
وفى 2013 أشارت تقديرات الاتحاد الأوروبى إلى أن الجزائر صدرت 25 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعى عبر خطوط الأنابيب إلى أسبانيا وإيطاليا بما يقل عن نصف طاقتها التصديرية البالغة 54 مليار متر مكعب بينما صدرت 15 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعى المسال من طاقة قدرها 40 مليار متر مكعب.
وشكل انخفاض الطلب الأوروبى أحد العوامل وراء خفض الصادرات الجزائرية لكن كميات الغاز المتاحة للتصدير تضررت أيضا بفعل نضوب الإنتاج من حقول قديمة والزيادة السريعة فى احتياجات الجزائر من الغاز المستخدم فى توليد الكهرباء.
ولدى الجزائر عشرات المشروعات التى تتوقع الحكومة أن تدر إنتاجا جديدا وتساهم فى استقرار تدفق صادرات الغاز إلى أوروبا. لكن المشكلة تكمن فى جذب الاستثمارات اللازمة لاكتشاف وتطوير حقول جديدة والحفاظ على الحقول القديمة.
* حوار استراتيجى
وقالت مصادر فى قطاع النفط والغاز إن المشكلات التى كافحت الجزائر للتصدى لها على مدى السنوات العشر الماضية كانت نابعة من بيروقراطية متحجرة وشروط تعاقدية متزمتة ومخاوف أمنية وتأخر مشروعات واضطراب فى شركة سوناطراك الحكومية للنفط.
ويضم منتدى اليوم مسؤولين من الجزائر والاتحاد الأوروبى إضافة إلى شركات نفطية لمناقشة مصادر الغاز والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة رغم إدراك الكثيرين لأن ذلك سيكون مجرد خطوة أولى على الطريق من أجل تعاون أفضل.
وقال ماريك سكوليل سفير الاتحاد الأوروبى لدى الجزائر "هناك إدراك جيد على الجانبين بطبيعة التحديات... هذا أمر استراتيجى يمثل أول أو ثاتى فصول حوارنا الاستراتيجى بشأن الطاقة وسيتواصل."
وأظهرت وثيقة لسوناطراك من اجتماع عقد فى مارس مع مسؤولين من الاتحاد الأوروبى أن شركات النفط لديها مخاوف بشأن ستة أمور وهى الافتقار إلى عروض جيدة وبيانات أكثر وضوحا إضافة إلى العقود المتزمتة والشروط المالية والضرائب والحاجة إلى مزيد من المرونة.
وقال مصدر أجنبى فى القطاع "لا يستطيعون فعل الكثير فيما يتعلق بأسعار النفط لكنهم يستطيعون فعل شئ ما بشأن تيسير العملية."
وتقول مصادر من القطاع ومسؤولون من الجزائر والاتحاد الأوروبى إنه ما زالت هناك علامات على إحراز تقدم منذ العام الماضي.
فالمحادثات بين الطواقم الفنية تجرى على أرضية مشتركة. وتبدو سوناطراك -التى تضررت لفترة طويلة من التغييرات الإدارية السريعة والفضائح- أكثر تحررا وتعرض الدخول فى مفاوضات مباشرة متبنية نهجا أكثر مرونة.
ويقول مسؤولون جزائريون إن صادرات الغاز إلى أوروبا فى تزايد بفضل حقول جديدة، وتقول سوناطراك إن الصادرات ستنمو بنسبة 15 % إلى ما يزيد عن 50 مليار متر مكعب فى 2016، وزادت الشحنات عبر خط الأنابيب وصادرات الغاز الطبيعى المسال 30 % فى الأربعة أشهر الأولى من العام.
مرونة الحكومة
ويمثل انهيار أسعار النفط خطرا ينذر بفقد الجزائر لبعض جاذبيتها للشركات فى الوقت الذى تتزايد فيه حاجة البلاد إلى تلك الشركات. لكن محللين يقولون إن الأوقات الصعبة وهبوط إيرادات الحكومة ربما تدفع البلاد الآن إلى إبداء مزيد من المرونة.
وقال مصطفى حنيفى مدير قطاع المحروقات بوزارة الطاقة الجزائرية ردا على سؤال بشأن أى تغييرات محتملة فى السياسة "تتعلق المسألة بجعل الأمور أكثر جاذبية وجذب المزيد من الاستثمارات من الشركات الأوروبية."
وأضاف "يمكن أن يتكيف أى قانون مع البيئة الدولية... نقوم بدراسة المسألة."
ولا يزال اقتصاد الجزائر فى طور الخروج من نموذج الإدارة المركزية الذى ساد فى أعقاب استقلال البلاد عام 1962 وتمول إيرادات النفط والغاز برنامجا ضخما للدعم ساعد الحكومة على تهدئة التوترات الاجتماعية.
ويناقش قادة الجزائر بالفعل كيفية التعامل مع الموقف بعدما أدى هبوط أسعار النفط إلى تراجع إيرادات الطاقة التى تشكل 60 % من الميزانية. ويقول محللون إن الإصلاحيين يريدون فتح الاقتصاد بينما يعارض الحرس القديم أى شئ يتخطى إجراءات لسد العجز.
وحفزت دورات صعود وهبوط أسعار النفط العالمية تحولات فى السياسة فى الماضى، وفتح قانون المحروقات فى 2005 القطاع لكن مؤسسة الرئاسة عرقلته ببنود أكثر صرامة وبزيادة سيطرة الدولة والكثير من الضرائب.
وبعد جولة مزايدات ضعيفة لحقول فى 2011 غيرت الجزائر قانون المحروقات مجددا لتتيح مزيدا من الحوافز. لكن مزايدة فى 2014 اجتذبت أربعة عروض فقط مع شكوى بعض الشركات من نقص الشفافية والبيانات الجيدة. وتم تجميد مزايدة فى 2015.
ولا يزال الوضع الأمنى مبعث قلق منذ هجوم تنظيم القاعدة فى 2013 على محطة الغاز إن أميناس والذى أسفر عن مصرع 40 شخصا من العاملين وألحق أضرارا بقاطرة الإنتاج الثالثة فى المحطة والتى لا تزال متوقفة عن العمل.
وبعد ذلك الهجوم عززت قوات الجيش الجزائرى الأمن وهو ما مكن الشركات الأجنبية من العودة، لكن هجوما صاروخيا فى مارس استهدف محطة للغاز فى خريبشة أظهر استمرار المخاوف الأمنية وهو ما دفع بي.بى وشتات أويل إلى سحب العاملين مجددا.
الموضوعات المتعلقة:
- اخبار الجزائر .. القضاء على ستة إرهابيين بولاية البويرة الجزائرية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة