يضم العدد ملفًا خاصًا عن سرايات وقصور القاهرة. حيث يصطحب عمرو سميح طلعت القارئ فى جولة "بين السرايات". وعن سراى الجيزة، يقول إن فاليريانى Valeriani، العالم الإيطالى الذى زار القاهرة فى ثلاثينيات القرن التاسع عشر، يقول: إن بالجيزة قصرين صغيرين، واحد لإبراهيم باشا والآخر لمحرم بك زوج الأميرة توحيدة بنت محمد على، بالقرب من قرية الدقى، والأغلب أنهما مختلفان عن سراى الجيزة الأصلية.
ويرى الكاتب أن سعيد باشا قد أتم بناء قصر الجيزة فى أواخر عهده؛ وكان آخر ما شهد قصر الجيزة من أحداث فى عهد محمد سعيد باشا هو زيارة الأمير إدوارد ولى عهد إنجلترا الذى جاء إلى مصر سنة 1862م؛ فأعد له الوالى قصر الجيزة، وفرشه بأثاث فاخر ليحل الأمير ضيفًا به أثناء إقامته فى مصر. أما إسماعيل باشا فقد اعتلى عرش البلاد فى يناير 1863م. وقد جاء متأثرًا بالحضارة الغربية، محبًّا للعمران والتنمية، شغوفًا بالبناء والتشييد. وما إن استقر إسماعيل فى الحكم حتى اشترى كُلَّ القصور والمنشآت التى امتلكها عمه سعيد باشا.
كان إسماعيل باشا قد هدم قصر عمه وشرع يبنى السراى الجديدة سنة 1865م، فاستقدم المهندسين من الآستانة لرسم السراى وتصميمها، وقد بلغت حدًّا هائلاً من الاتساع والضخامة، حتى قيل إن بها حوالى خمسمائة صالون وجناح! اشترى إسماعيل باشا بعض الأراضى حتى بلغ حدُّ السراى الشرقى النيل. وقد بلغت حديقة السراى حوالى مائة فدان، مقسمة ثلاثة أقسام.
ويقول الكاتب: "خمسون عامًا على أكثر تقدير هى كلُّ عمر سراى الجيزة اختفت بعدها من الوجود، وربما يصعب عليك أن تتخيل جمال معمارها وحسن تخطيطها الآن حين ترتاد المنطقة؛ ولكن بقى منها أثر واحد قد يُيَسِّرُ عليك تخيل ما انطوى من روعة وفخامة. تأمل تفاصيل بوابات المتحف المصرى العملاقة الشاهقة، أو تفحص جلال أخواتها التوائم الفائقة؛ بوابات قصر عابدين ومبنى البرلمان. تلك البوابات والسور الحديدى ممشوق القوام الذى يتشابك معها كانت تحتضن مائة فدان بها سلاملك وأكشاك وجداول ماء وبحيرات ونخيل وجبالايات ومشايات وتكعيبات. كلها كانت... بين السرايات!".
وتنتقل المجلة إلى "قصر الجزيرة"، فيقول الدكتور خالد عزب إن قصر الجزيرة كان أحد القصور التى أعاد بناءها الخديوى إسماعيل، وهو فى الأصل كان يعرف بالقصر الكبير، شيده عبد الرحمن كتخدا قبل سنة (1173هـ/ 1759م). وذلك لإقامة الباشاوات المعينين لحكم مصر عند قدومهم إليها قبل انتقالهم للقلعة المقر الرسمى للحكم، ولإقامة كبار رجال الدولة العثمانية عند زيارتهم لمصر أيضًا.كان هذا القصر يتكون من عدد كبير من الوحدات المعمارية، تصطف على طول شاطئ النيل.
وقام إبراهيم باشا بن محمد على بهدم هذا القصر وإعادة بنائه مرة أخرى، ويبدو أنه كان مستغلاًّ أيضًا لاستقبال ضيوف الدولة؛ حيث شيد إبراهيم قصرًا لإقامته فى منطقة جاردن سيتى عرف بالقصر العالي. ثم آل هذا القصر إلى الخديوى إسماعيل عن أبيه، وهدمه فى عهد سعيد باشا وأعاد بناءه. ثم تغيرت خططه بالنسبة لهذا القصر بتوليه حكم مصر؛ فقد رأى استغلاله لإقامة ضيوف مصر الأجانب أثناء حفل افتتاح قناة السويس. وأعيد بناء القصر من ثلاثة أقسام رئيسية، وهى الحرملك والسلاملك الصغير وأبهاء الاستقبال.
ويرى تيموثى ميتشيل أن تصميم بعض غرف هذا القصر يماثل تصميم غرف قصر التويلرى بفرنسا؛ وكأن الخديوى إسماعيل أراد بتصميم هذا القصر أن يجمع بين قاهرة ألف ليلة وليلة التى ولع بها الأوروبيون فى القرن التاسع عشر فى تصميم واجهاته على النمط الإسلامى، ورغبته فى كسب ود الأوروبيين فى تشييده عمائر تظهر مدى ولائه للحضارة الأوروبية فى اتباعه التصميم الأوروبى لداخل القصر. وكلف إسماعيل المهندس الفرنسى باريل بتحويل الأرض الزراعية المحيطة بالسراى إلى حديقة؛ فقام بردم أرضها بارتفاع مترين. وقسمت الحديقة إلى عدة حدائق.
وفى موضوع بعنوان "محمد بك تيمور ومنزله فى شبرا"، يتناول الدكتور محمد أبو العمايم "، منزل محمد بك تيمور ابن أحمد تيمور باشا. فى ٥٤، شارع راتب باشا المتفرع من شارع شبرا. وشارع راتب هو أحدالشوارع الرئيسية ذات الأهمية التاريخية فى حى شبرا، كان بداخله قصر راتب باشا وأملاك أخرى له،ومجموعة من الفيلات والمبانى الجميلة اختفى معظمها. وتعد فيلا محمد بك تيمور نموذجًا من نماذجتصميمات الفيلات فى أوائل القرن العشرين فى هذه المنطقة التى تتناثر فيها الفيلات والقصور بشمالشبرا.
وهى فيلا من منشآت أول القرن العشرين، تجمع الأسلوب الأوروبي- وهو الغالب- وعناصر من الفنالإسلامي. وهى مكونة من دورين فوق بدروم، ولها شرفتان عظيمتان واحدة بحرية والأخرى شرقية، ويوجدسلاملك بالجهة الجنوبية الغربية، وغرفة لعلها للحارس بالزاوية الشمالية الغربية، وكانت بها ساقية فيالخلف جهة شارع الأزهار، اختفت الآن، وقد أُقحمت مبانى بعض الدكاكين فى سور الفيلا الشماليوالشرقى، واختفت البرجولا التى على يسار الداخل من الباب العمومى إلى حديقة الفيلا.
ويرى الكاتب أن هذه الفيلا تعد أثرًا مهمًّا بين مبانى مصر حيث تجتمع فيه الأهمية التاريخية. فهى لعلم من أعلام مصر فى الأدب، وذات أهمية فنية؛ حيث تمثل صورة لعمارة بداية القرن العشرين فى مصر لشخصية مهمة تنتمى إلى عائلة ذات اعتبار كبير، وهى تعد أحد آثار حى شبرا الذى فقد خلال الآونة الأخيرة بعضًا من أهم آثاره على رأسها قصر النزهة الشهير (المدرسة التوفيقية) الذى هدم بواسطة هيئة الأبنية التعليمية فى عامى ١٩٩٠و١٩٩١، وكذلك قصر الحاج أغا بازورج المقابل له (مدرسة شبرا الإعدادية بشارع شبرا)
يضم العدد أيضًا موضوعات أخرى متنوعة، ومنها "السلطان حسين: بريق الإمارة وخفوت السلطنة" للدكتور مصطفى الغريب، "فنار بورسعيد وحلم التنوير" لطارق إبراهيم حسينى، و"مساجد الإسكندرية: صفحات مجهولة من التراث المصري" للدكتور إسلام عاصم عبد الكريم، والرابطة الشرقية لعبد الوهاب شاكر، و"منقباد .. تاريخ وتراث" لأحمد عبدالعاطى حسن عمر، وغيرها من الموضوعات.
مجلة ذاكرة مصر صادرة عن إدارة المشروعات الخاصة بمكتبة الإسكندرية، رئيس تحريرها الدكتور خالد عزب وسكرتيرة التحرير سوزان عابد والتصميم والإخراج الفنى لأحمد بهجت.
موضوعات متعلقة
بالصور.. فوز طالبتين مصريتين بالمركز الرابع بمعرض إنتل الدولى للعلوم
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة