فى ألف حكم قضائى جديد لمحكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، أصدرتها السبت الماضى، يدق ناقوس الخطر حول مستقبل التعليم فى مصر، أثبت أن الأنظمة الجديدة فى العالم تضع التعليم قبل التنمية لأنها أساس التنمية، وأن كل دول العالم واجهت تحدى التقدم بالتعليم وقد أصبحت هى القضية الأولى فى مصر وألزمت المحكمة وزير التربية والتعليم بتمكين ألف طالب وطالبة بالثانوية العامة والدبلومات الفنية بأداء الامتحانات وإلغاء قرارات فصلهم.
وأكدت أن وزير التربية والتعليم أصدر قرارا لائحيا لمواجهة ظاهرة الغياب بمشاركة أولياء الأمور والإخصائى الاجتماعى واللجنة الفرعية لحماية الطفولة، ثم تجاهلتها المدارس فى التطبيق، كما أكدت على الوزير علاج ظاهرة الغياب معالجة إدارية وإجرائية وليست تربوية ودوره لا يقتصر على مجرد إصدار القرارات اللائحية لمستقبل الطلاب، بل عليه أن يضع برنامجا واعيا يكفل آليات حسن تطبيقها وتفعيل تنفيذها .
وأكدت المحكمة كذلك على أن ظاهرة غياب الطلاب عن المدارس من أهم المشكلات الاجتماعية والتربوية والنفسية كشفت عنها ظاهرة أكثر سوءا هى الدروس الخصوصية التى احتلت بطرق غير مشروعة دور المدرسة التعليمى والتربوى، ما أدى إلى إفراغ العملية التعليمية من مضمونها وأكدت أيضا أنه بات من الضرورى تغيير المناهج التعليمية التى تخلق فرص للإبداع والعبقرية، فالمدارس ليست مصانع لتفريخ الطلاب الذين تنقصهم القدرات الكافية لمواجهة تحديات العالم بل إن التعليم يسلح الطلاب بأدوات العصر ويجعلهم خط الدفاع الأول لتحديات العصر سريع الإيقاع، ويظل دور المعلم هو العنصر الغالب للإصلاح، وأكدت على أنه يتعين على الوزارة تطبيق القانون فى تقرير الحوافز التشجيعية للطلاب المتفوقين رياضيا وثقافيا وفنيا والتوسع فى الحفلات الترفيهية والأنشطة المناسبة لميول الطلاب وعلاج الأسباب النفسية لغيابهم وتطوير المناهج والتخفيف من قلق الامتحانات، وأكدت المحكمة أنه يتعين عدم تهميش دور أولياء الأمور باعتبارهم الطرف الأهم فى العملية التعليمية ويجب تغيير نظرة الوزارة تجاههم، بحيث يكونون شركاء فى تحمل المسئولية.
وحكمت المحكمة السبت الماضى، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين صالح كشك ومحمد حراز ومحمود النجار وخالد شحاتة ووائل المغاورى نواب رئيس مجلس الدولة فى ألف دعوى وقضت بوقف تنفيذ ألف قرار صادر من التربية والتعليم بفصل 1000 طالب وطالبة بالثانوية العامة ودبلومات الشهادات الفنية من المدارس المقيدين بها بمختلف قرى ومراكز ومدن محافظة البحيرة لتجاوزهم نسبة الغياب المقررة قانوناً، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها قيدهم بالدراسة بمدارسهم، وتمكينهم من أداء الامتحانات المقررة وألزمت الإدارة المصروفات وأمرت بتنفيذ الأحكام بمسوداتها دون إعلان حرصا على مستقبل الطلاب.
قالت المحكمة إن وزير التربية والتعليم أصدر القرار رقم 179 لسنة 2015 بتاريخ 17/5/2015 بشأن لائحة الانضباط المدرسى المحددة لحقوق وواجبات الطلاب ومسئوليات أولياء الأمور واختصاصات العاملين بالمدرسة والمحددة لحقوق ومسئوليات وواجبات المعلمين وإدارة المدرسة، استحدث نظاما جديدا للتعامل مع الظاهرة الخطيرة لغياب التلاميذ من المدارس سيما فى مرحلة الثانوية العامة والدبلومات الفنية أشرك فيها ولى الأمر ووفقا للبند تاسعاً منه والوارد بالقواعد العامة لإعداد لائحة الانضباط المدرسى المنصوص عليها فى الملحق (2) تحت عناوين المخالفات والمعالجات الأولى والثانية والثالثة مقسمة طبقا لحجم ودرجة وتكرار الخطأ ومن بينها الغياب الكامل (بدون عذر مقبول) ونص على أنه يتعين على كل إدارة مدرسية أن تلجأ إلى ثلاث معالجات يتعين اللجوء إليها حسب الترتيب الوارد بها وتدرجها فى المعالجة قبل قرار فصل الطالب وهى معالجات قررت كضمانة جوهرية للطلاب للوقوف على أسباب غيابهم ومساعدتهم على تجاوزها، وتتمثل المعالجة الأولى فى استدعاء ولى الأمر وأخذ تعهد كتابى عليه وعلى الطالب، فإن لم يلتزم الطالب بالانتظام فى المدرسة تعين على إدارة المدرسة اللجوء إلى المعالجة الثانية التى تتمثل فى تحويل الحالة للإخصائى الاجتماعى لدراستها والتأكد من عدم معاناة الطالب من أى مشاكل قد تؤدى إلى التسرب من التعليم فإن لم يلتزم الطالب بالانتظام فى المدرسة تعين على إدارة المدرسة اللجوء إلى المعالجة الثالثة والأخيرة التى تتمثل فى إحالة الطالب إلى مراكز الخدمة المدرسية أو اللجنة الفرعية لحماية الطفولة لدراسة الحالة واتخاذ الإجراء المناسب مع الأسرة فى حالة إذا ما كان الطالب يعانى من ظروف اقتصادية أو اجتماعية صعبة قد تؤدى إلى تسربه من التعليم فإن لم يلتزم الطالب بالانتظام فى المدرسة بعد اللجوء إلى المعالجات الثلاث المذكورة تعين على مدير المدرسة ولجنة الحماية المدرسية دراسة وضع الطالب واتخاذ قرار بالفصل طبقا للقانون، وبهذه المثابة فإن عدم لجوء إدارة كل مدرسة إلى المعالجات الثلاث التى نص عليها القرار الوزارى المشار إليه يترتب عليها أن يكون قرار فصل الطالب مخالفا لحكم القانون .
وأضافت المحكمة أن ما كشف عنه سيل الدعاوى الجارفة من فصل الطلاب كانت بسبب ظاهرة غيابهم عن الحضور وعزوفهم عن الانتظام فى مدارسهم، وهو الأمر الذى دفع وزير التربية والتعليم إلى أصدر قراره الوزارى الجديد رقم 179 لسنة 2015 أوجب فيه على كل إدارة مدرسة على مستوى الجمهورية أن تلجأ إلى المعالجات الثلاث بالمشار إليها وجعل إشراك ولى الأمر فيها قاسما مشتركا، بيد أن هذا القرار لم تقم بتنفيذه أية إدارة مدرسية فى الدعاوى الماثلة، مما يجعله حبرا على ورق ويكون الوزير به قد عالج ظاهرة الغياب معالجة إدارية وليست تربوية وكان يتعين على وزير التربية والتعليم إلا أن يقتصر دوره على مجرد إصدار القرارات اللائحية المتصلة بمستقبل طلاب المدارس، بل كان يتعين عليه عن طريق الأجهزة المعاونة له أن يضع برنامجا واعيا يكفل فيه آليات حسن تطبيق قراراته اللائحية وتفعيل تنفيذها عن طريق وكلاء الوزارة ومديريها بالمحافظات المشرفين على جميع المدارس المختلفة خاصة تشكيل اللجان التى استجدها قراره اللائحى وهى اللجنة الفرعية لحماية الطفولة لدراسة الحالة واتخاذ الإجراء المناسب مع الأسرة فى حالة إذا ما كان الطالب يعانى من ظروف اقتصادية أو اجتماعية صعبة قد تؤدى إلى تسربه من التعليم ليكون مصدر القرار قريبا من الغاية إلى يسعى إليها فى تلك القرارات فيستبين ماهية النصوص التى تستقر لمناسبتها البيئة المدرسية وتلك التى تحتاج فيها إلى تعديل وفقا لروح التطور والملاءمة له، فلم تجد المحكمة فى خضم الدعاوى المعروضة عليها ثمة مدرسة وحيدة أو فريدة قامت إدارتها المدرسية المسئولة عن أمر التربية والتعليم بتطبيق تلك المعالجات الثلاث التى استوجبها القرار الوزارى المشار إليه، ذلك أن ظاهرة غياب التلاميذ عن المدارس تستوجب التوقف والتأمل والمتابعة والبحث والعلاج فقد أصبحت آفة كبرى انتشرت فى المجتمع المصرى انتشار النار فى الهشيم مما يشكل تهديدا لأجيال الأمة باعتبار الطلاب هم مستقبلها وقادتها فى الغد القريب وأملها فى التقدم والبناء، مما يتوجب معه على المسئولين بوزارة التربية والتعليم العمل على إعادة الدور المدرسى وإصلاح منظومة التعليم ككل وإحياء عناصر المدرسة الجاذبة لا الطاردة ولن يتأتى ذلك إلا بإعداد جيد للمدرسين وتفعيل الأنشطة التربوية للمدارس .
وأشارت المحكمة إلى أن مشكلة غياب الطلاب عن المدارس باتت من أهم المشكلات الاجتماعية والتربوية والنفسية الهامة كشفت عنها ظاهرة أكثر سوءا وهى الدروس الخصوصية التى احتلت بطرق غير مشروعة دور المدرسة التربوى والتعليمى، حيث تقاعست المدارس عن تدريس المناهج العلمية وشرحها للتلاميذ على نحو أدى إلى إفراغ العملية التعليمية من مضمونها وشعر الطلاب بأن حضورهم فى المدارس عديم الجدوى، ولم يقتصر ذلك على طلاب المرحلة الثانوية بل امتد الخطر إلى طلاب المرحلة الإعدادية، بحيث بات من الضرورى على وزارة التربية والتعليم بحث أسباب تلك الظاهرة من جميع النواحى والبحث عن حلول جذرية لمحاربة الدروس الخصوصية التى يراها الطالب بديلا موازيا للمدرسة و يجب على المعلمين إدراك الفروق الفردية بين الطلاب والدقة فى درجات التحصيل وعدم إرهاقهم بالواجب المنزلى والاهتمام بالكيف وتخفيف الكم فى المناهج وتبسيط المناهج الدراسية ومناسبتها لقدرات وميول التلاميذ، كما يجب أن تتضمن المناهج الدراسية بعض الأنشطة التعليمية وربط المناهج بالبيئة المحلية وينبغى مراجعة المناهج بشكل دورى وتجديد الموضوعات طبقا لمستجدات التطور، ومن أدوات الإصلاح كذلك العناية بالبيئة المدرسية والاهتمام بالإرشاد الطلابى وتفعيل دوره والعمل على تطبيق نظام المقررات الاختيارية فى المدارس وتوعية التلاميذ عن طريق وسائل الإعلام ومشاركة أولياء الأمور مشاركة فعلية وجادة وعدم تهميشهم باعتبارهم الطرف الأهم فى العملية التعليمية الذى يساعد على إنجاح العملية التعليمية بالسيطرة على أبنائهم وتوجيههم بما يكفل صالحهم ويجب تغيير نظرة وزارة التربية والتعليم لأولياء الأمور، بحيث يكونون شركاء فى تحمل المسئولية، والعمل على تقرير ما نص عليه قانون التعليم من ابتداع منح الحوافز التشجيعية للطلاب المتفوقين رياضيا وثقافيا وفنيا، والتوسع فى الحفلات الترفيهية والأنشطة المناسبة لميول الطلاب.
كما يجب علاج الأسباب النفسية لغياب التلاميذ وأهمها التخفيف من قلق الامتحانات باستخدام الاختبارات الدورية وتوثيق العلاقة بين المعلمين والتلاميذ من ناحية وبين التلاميذ وزملائهم من ناحية ثانية عن طريق الاشتراك فى الأنظمة الجماعية، وبغير هذا النظر السديد سوف يسوء أمرهم وهم الأمل فى النهوض بمستقبل هذا الوطن والدولة أحوج ما تكون إلى تربيتهم وتعليمهم وتخريج أجيال قادرة على خوض معترك الحياة العلمية الحديثة بعلومها المتطورة والمتسارعة لتلحق بركب الأمم المتقدمة وتحد من مشكلة الأمية والبطالة، وما يترتب عليهما من مساوئ عديدة تلحق بالبلاد.
واختتمت المحكمة حكمها الذى يعد وثيقة تربوية أنها لم تعر اهتماما للأعذار المرضية إلى دأب الطلاب على تقديمها فى آلاف الدعاوى إذ لا يكون جائزا فى منطق العقل أن يتزامن مرض آلاف الطلاب كل عام وبمناسبة غيابهم، مما يتخذون منه افتعالا واختلاقا للمرض كشفت عنه أوراق آلاف الدعاوى المماثلة للوصول إلى إعفائهم من الحضور والانتظام فى المدارس باستثناء الحالات المرضية الحقيقية التى يكشف عنها التأمين الصحى للمدارس وفقا للقانون لا غيره من أى جهة طبية أخرى، وهو ما يعرض مستقبل الطلاب للخطر الحقيقى فى مشروعية الفصل عندما تلجأ إدارات المدارس المختلفة على تطبيق المعالجات الثلاث التى يكون القاسم المشترك فيها مشاركة أولياء أمورهم لصغر سنهم وانعدام خبرتهم فى الحياة فلا يستطيعون تقرير مستقبلهم فى غيبة من أسرهم الذين يجب إشراكهم فى تحديد ملامح حياتهم الدراسية، مما يتعين أن يعيه أولياء الأمور والطلاب أنفسهم، وإذا كان الثابت أن 1000 طالب كانوا مقيدين فى العام الدراسى 2015 /2016 بمرحلة الثانوية العامة والدبلومات الفنية بمختلف المدارس المدعى عليها، وقد صدرت القرارات المطعون فيها متضمنة فصلهم منها لتجاوزهم نسبة الغياب المقررة، وخلت الأوراق من أن الإدارة المدرسية قد طبقت قرار وزير التعليم المشار إليه ولم تلجأ إلى المعالجات الثلاث الواردة به وهى المقررة كضمانة للطلاب للوقوف على أسباب غيابهم ومساعدتهم على تجاوزها، فإن القرارات المطعون فيها تكون مخالفة لصحيح حكم القانون .
القضاء الإدارى بالإسكندرية يودع أسباب 1000 حكم السبت الماضى بعودة الطلاب المفصولين.. ويلزام وزير التعليم بتمكين ألف طالب بالثانوية العامة والدبلومات الفنية بأداء الامتحانات وإلغاء قرارات فصلهم
الإثنين، 16 مايو 2016 11:48 ص
محكمة القضاء الإدارى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة