محسن حسنين

ليس بـ"أوراك الدجاج" وحدها يحيا الإنسان!

الإثنين، 04 أبريل 2016 09:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
جميل جدًا أن تغرق الحكومة كل شوارع المحروسة من أسوان لرأس التين بالسيارات التى تبيع للمواطنين أوراك الدجاج بأقل من عشرة جنيهات للكيلو تحت شعار "خلى الفقير يعيش".. لكن للأسف مشكلة الفقراء وأبناء الطبقة المتوسطة ليست فى تذوق أوراك الفراخ فقط.. لكن مشكلتهم مع الحكومة الحالية وكل حكومة هو توفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة التى تليق بهذا الشعب العظيم الذى يستحق ما هو أكثر من أوراك الدجاج!

فليس من العدل فى شىء أن يلتهم المصريون "أوراك" الدجاج الرخيصة.. و"صدورهم" مليئة بالأسى.. أقصد طبعًا صدور المصريين لا الدجاج..!
والحقيقة أننى كنت واحدًا من ملايين المصريين الذى كنت أعلق آمالا كبيرة فى أن يمنحنا بيان الحكومة، الذى ألقاه رئيس الوزراء منذ أيام فى مجلس النواب، بصيصًا من الأمل فى أن نحيا مثل هذه الحياة الكريمة.. لكن، للأسف، خاب أملى..فبيان الحكومة جاء باهتا..تقليديًا..يؤكد أن الحكومة الحالية لا تختلف عن أى حكومة سابقة، فهى لا تجد أى حل لمشاكلها المزمنة إلا على حساب الشعب..!

فكل أخطاء الحكومات السابقة، وأخشى أن أقول واللاحقة أيضًا، يدفع فواتيرها الشعب من حر ماله ومن لحمه الحى.. وكأن هذا الشعب مكتوب عليه دائمًا وأبدًا قلة الراحة على رأى المطرب فهد بلان..!
وأهم ملاحظة على بيان الحكومة هو أنه يؤكد أن الحكومة تفكر بصورة تقليدية، ككل الحكومات السابقة، ولا تملك حلولاً "خارج الصندوق".. كما أن البعد الاجتماعى وتحقيق العدالة الاجتماعية وتخفيف العبء عن الطبقات المهمشة والفقيرة لا يحتل أى أولوية فى برنامجها.

يضاف إلى كل هذا وذاك أن الحكومة لم تحدد لنا آليات حل المشاكل المتلتلة التى يعانى منها الاقتصاد، والتى تقذفها الحكومة بمهارة تفوق مهارة ميسى ورونالدو أفضل لاعبين فى العالم، فى ملعب الشعب الغلبان!

خد عندك مشكلة البطالة.. فقد حدثنا رئيس الحكومة عن خفض معدلاتها إلى حوالى 10 أو 11% دون أن يحدد لنا كيف سيتم ذلك.. هل من خلال المشروعات القومية العملاقة؛ أم من خلال المضى قدمًا فى تنفيذ بعض المبادرات المطروحة الآن ومنها مبادرة البنك المركزى لتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة؟

كما لم يحدد لنا رئيس الوزراء رؤية حكومته لإعادة تشغيل آلاف المصانع المغلقة بالضبه والمفتاح فى طول مصر وعرضها.. وهى خطوة، لو اتخذها، ستضرب عصفورين بحجر واحد؛ حيث ستؤدى إلى تخفيف حدة البطالة، وهى أيضًا ستساعد على زيادة الإنتاج والاقتراب من معدلات النمو الطموحة التى قدرها بيان الحكومة بما يتراوح بين 5 و6%؟
وبدلاً من أن تعد الحكومة الشعب بالرخاء وعدته بمزيد من المعاناة خلال السنوات الثلاث القادمة ؛ حيث ستفرض ضرائب جديدة تتمثل فى ضريبة القيمة المضافة؛ التى ستؤثر على كل فئات الشعب.. الفقير قبل الغنى؛ بالإضافة للتوسع فى تطبيق الضريبة العقارية، وخفض الدعم، على الأقل دعم الوقود، وتحرير أسعار الكهرباء والمياه والغاز..إلى آخر ذلك من مفردات المنظومة التى حفظناها عن ظهر قلب لخفض العجز فى الموازنة العامة للدولة..

وكنت أتمنى من الحكومة الحالية، بل ومن كل الحكومات السابقة، وهى تتحدث عن تحرير الأسعار أن تتطرق ،ولو على إستحياء، إلى تحرير الأجور والمعاشات.
فعلى الرغم من موجة ارتفاع الأسعار الحالية، والموجات القادمة المتوقعة ،ببركة الحكومة الحالية، بعد خفض الدعم وتحرير أسعار الوقود والكهرباء والمياه والغاز.. فإن الأجور لم ولن تتحرك أو تتحرر بنفس القدر.

بل والمصيبة الأكبر هى مصيبة أصحاب المعاشات؛ الذين استولت الحكومة على مئات المليارات من أموالهم التى دفعوها من لحمهم الحى؛ فى أكبر عملية سرقة فى التاريخ، لتمنحهم ملاليم لاتسمن ولا تغنى من جوع.. ما يضع أصحاب المعاشات، عن جدارة، فى خانة واحدة مع الفقراء والمساكين وأبناء السبيل والغارمين وفى الرقاب.. الذين يستحقون الصدقة!.
أما النكتة التى أطلقتها الحكومة، وهى بالمناسبة نكتة أفكه من نكت الصعايدة بتاعة اليومين دول، فهى السيطرة على الأسواق؛ ومنع ارتفاع الأسعار.. وهذا الكلام تعلم الحكومة هى قبل غيرها، أنه غير واقعى ولن يحدث.. فالحكومة بجلالة قدرها، لا يمكنها أن تحاسب أى تاجر أو حتى بقال صغير فى أصغر قرية فى بر مصر لسبب بسيط جدًا وهو أن ذلك يتعارض مع آليات السوق الحر!.

ولماذا نذهب بعيدًا.. فحتى السلع المسعرة جبريًا كالأدوية زادت أسعارها زيادة فاحشة منذ أيام دون أن تتدخل الحكومة أو حتى تعترض.. حتى أن أسعار بعض الأدوية زاد بنسبة أكثر من 300%.. ولم نسمع للحكومة أو نقابة الصيادلة أو أجهزة حماية المستهلك أى صوت..ناهيك عن جهاز حماية المنافسة ومنع الإحتكار الذى يغط فى نوم عميق مستمتعا بأكل الرز، الذى ارتفعت أسعاره أيضا، مع الملايكة!!

لقد كنت أتمنى أن نسمع من الحكومة الحالية كلاما غير الذى كانت تقوله كل الحكومات السابقة ؛ كما كنت أتمنى أن أسمع منها حلولا غير تقليدية ،غير التى حفظناها عن ظهر قلب، لمشاكلنا ؛ كما كنت أتمنى لو أنها إهتمت بالبعد الاجتماعى وأنصفت الفقراء والمهمشين وأصحاب المعاشات و"مهدودى الدخل"،وخففت من معاناتهم..لقد كنت أتمنى كل هذا وأكثر؛ لكن من الواضح أن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه!!
• رئيس تحرير مجلة اكتوبر السابق.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

ناديا

ليس بالخبز وحده يحيا الانسان هذه اية في الكتاب المقدس

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة