أكرم القصاص - علا الشافعي

الانبا ارميا

"نهر العطاء!"

الأحد، 03 أبريل 2016 11:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بينما نسير فى طريق الحياة، تواجهنا عواصفها وأحزانها وآلامها، وقد نتعثر الخُطى ونظن أنه لا بصيص أمل فى القدرة على استكمال رحلتنا. إلا أنه كلما اشتدت ظلمة الطريق، كان علينا أن نتذكر أن الفجر قد اقترب . نعم، فمع ما يمر بالإنسان من صعاب، إلا أنه لا يزال وميض للأمل: فى أن الأزمات لابد أن تعبر يومًا ما. ستجد أيها القارئ العزيز: أيدى تشُد من أزرك وتُنهضك عند تعثرك، قلوبًا تمتلئ بالمحبة والخير تعلمت فن العطاء، عقولًا تؤمن بمواهبك وقدراتك على الوصول إلى القمم وتفتح لك أفاقًا جديدة واسعة. وهكذا تسير بنا الحياة. لٰكننى كثيرًا ما أجد أن البشر يحملون فى ذاكرتهم صورًا للخبرات المؤلمة والأبواب المغلقة، فى حين أنهم يمتلكون تلك الومضات من الضياء التى ساعدتهم على العُبور والعمل والإصرار.

لذٰلك استوقفتنى كثيرًا كلمات الإمبراطور القائد "الإسكندر الأكبر" حين سُئل: "أى شىء نِلتَه بمُلكك أنت أشد سرورًا به؟"، فقال: "قوتى على مكافأة من أحسن إلى بأكثر من إحسانه"، لم يكُن تركيز القائد فى لحظات الضعف التى مرت به، بل فى البشر الذين قدَّموا له خيرًا يومًا؛ فصارت إنجازاته هى إنجازات لهم وقوته هى قوة لهم. وهٰكذا، خطَّت كلماته عمقًا لمفهوم "القوة" قلما وجدنا من يحتذيه. كذٰلك استبدل بخبراته من ذكريات قد تؤدى إلى قساوة القلب، أشخاصًا هم مَثل للعطاء والمحبة؛ فتدفقت المحبة ليستمر نهر العطاء فى الحياة متحديًا كل جُدوبة ويأس وقسوة.

وإن كان هناك من يظن أن القوة التى تؤول إليه هى من أجل التسلط أو تعويض للنفس عن أزمنة الضعف التى مرت بها، فإن هناك النقيض الذى يمتلئ بالإيجابية فيوجه قوته إلى مساندة الخير والأمل فى الحياة.

ووجدتُنى أتساءل: أيدرك البشر أن الأمل الذى يحلُمون به فى الحياة يحتاج إلى تلك القوة التى تعضد وتسند الخير فى أعماق من يقدِّمه؟ وهل أدرك الإنسان أن السعادة ليست أمرًا شخصيًّا ينفرد به عن الآخرين، بل هى بما يتقاسمه هو والآخرون فى لحظات الحياة؟ أتذكُر يا عزيزى من كانوا أنهارًا للعطاء فى حياتك فأبحرتَ من شاطئ تحطمت عليه شراعك إلى آخر ترسو عليه فى أمن وسلام؟

تلك يا صديقى هى سمات الأوفياء الأقوياء الذين تعلموا حكمة الحياة، وتعلموا معنى القوة الحقيقية من الله ـ تبارك اسمه.
لذٰلك:
لا تدَع رحلتك تمضى فى الحياة، وأنت لا تذكر منها إلا ظلماتها.
لا تُسرع فى طريقك، متناسيًا الأيدى التى عضدتك فى مسيرك.
لا تنسَ أن لقوتك رسالة كى يستمر نهر المحبة والعطاء، فهذا ما سيذكره الناس عنك.
• الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسى .








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة