يحتفل حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى اليوم، العاشر من إبريل، بالعيد الأربعين لتأسيسة.. فى مثل هذا اليوم 1976 كنت أبلغ من العمر ثلاثة وعشرين عامًا، وفى قاعة اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى العربى كانت القاعة تعج بالمؤسسين، شبابًا وشابات، عمالًا وفلاحين، نوبيين وبدوًا، وزراء سابقين وطلابًا، لذلك لم يكن غريبًا أن يقول خالد محيى الدين فى كلمته الافتتاحية: «نظرة واحدة إلى القاعة تكفى لتثبت من نحن».
ظلت هذه العبارة تعيش داخلى ما حييت، وبالفعل ولد المنبر فى إبريل وفى نوفمبر ولد الحزب، وفى ديسمبر كانت أولى المعارك، إضراب عمال النقل العام فى القاهرة، يؤيد الحزب الإضراب كون قادة من الحزب فى قيادة الإضراب، بالإضافة إلى أن برنامج الحزب ينص على حق الإضراب، ولم يمضِ سوى أقل من شهرين حتى اندلعت فى مصر من أسوان للإسكندرية انتفاضة يناير 1977، تلك الانتفاضة التى أطلقت عليها الصحافة العالمية «ثورة الجياع»، ولكن الرئيس السادات وصفها بـ «انتفاضة الحرامية»، ومنذ تلك اللحظة وحتى رحيل الرئيس السادات لم تتوقف الصحافة عن الهجوم على «التجمع»، ولم تغلق السجون أبوابها إلا وهى موصدة على الآلاف من اليساريين، ومن 160 ألف عضو بدأت الاستقالات حتى انخفض العدد إلى بضعة آلاف، ولكن الحزب لم يتوقف عن النضال، ومن انتفاضة الخبز يناير 1977 إلى مبادرة السلام التى قام بها الرئيس السادات إلى القدس، وما تلاها فى مارس 1978 من اتفاقيات السلام، ويعارض «التجمع» بمفرده المبادرة والاتفاقيات لتبتلع السجون والمعتقلات ما تبقى من قيادات، حتى أنه كان المقر المركزى للحزب ليس به سوى خالد محيى الدين ومكتبه، وأعضاء لجنة الحريات الذين كانوا يزورون السجناء، ويقدمون لهم سبل الحياة، حتى صحيفة «الأهالى» التى كان الحزب يصدرها صباح كل أربعاء، داومت السلطات على مصادرتها حتى أغلقت.. لكن «التجمع» أصدر نشرة داخلية «التقدم» التى كانت تعارض الحكم، وتوزع بالآلاف فى المصانع والمزارع والجامعات، ولم يتوانَ الحكم فى القبض على كل من يوزعها، ووصلت الحملة إلى مطاردة أعضائه وقياداته والقبض عليهم 1980.
أربع سنوات و«التجمع» فى حالة حرب مع نظام السادات، وعندما أتى الرئيس مبارك إلى الحكم، دعا الحزب أعضاءه بالتصويت بـ«لا» فى الاستفتاء على الرئيس الجديد، مؤكدًا أن سياسة مبارك هى استمرار لسياسة السادات.
يذكر لـ«التجمع» أنه الحزب الوحيد الذى عارض الجماعة الفاشية، الإخوان، منذ اليوم الأول، ولم يتوقف عن الذود عن العدالة الاجتماعية والفقراء والكادحين، ومناصرة القضايا العربية، خاصة القضية الفلسطينية، وكافح ضد التطبيع مع العدو الصهيونى، ولم يخُن أبدًا القضايا المبدئية، مثل حق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
إننا أمام حزب أسطورى، استمر رغم مطاردة أعضائه وسجنهم، والتضييق على وظائفهم، استمر الحزب وانهارت دول فى المنطقة، واختفت حركات وأحزاب وقوى سياسية، استمر الحزب كبيت لليسار ومدرسة للاشتراكية.
إننا أمام الحزب الوحيد الذى استمر من الحياة الحزبية الثانية «1977/ 2016» بالرغم من كل ما تعرض له من مواجهات مع كل الأنظمة والحكومات حتى ثورتى 25 يناير 2011، و30 يونيو 2013، لاشك أن كل تلك الضربات قد أوجعت أوصاله، ولكنه الحزب الوحيد الذى عقد مؤتمراته بانتظام ولم تتوقف فيه الديمقراطية الداخلية..
تحية لحزب التجمع ولقياداته وكوادره وأعضائه.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة