غير أن "أهل ليستر" يعتبرون تلك الحادثة نذير خير دفع بمدينتهم إلى الصدارة والقمة بعد فترة وجيزة، من خلال فريقها لكرة القدم ليستر سيتى، حديث الساعة ومفاجأة البريميرليج.
"فريق الثعالب" ضخ حيوية فى شرايين المدينة ومحيطها، وبدأ سكانها يدركون جيداً أن حصده اللقب الغالى ليس مجرّد خيال أو حلم وردى، وتعد ليستر الواقعة على بعد 150 كيلومترا شمال غربى لندن، "بلدة" بالمعنى الحضرى للمدن الكبيرة، نظراً لتعداد سكانها "المتواضع".
وقد تأسس ناديها عام 1884 ولم يحصد لقب الدورى فى تاريخه، وأفضل إنجازاته حلوله وصيفاً عام 1929، وإحرازه كأس الرابطة 3 مرات فى أعوام 1964، 1997 و2000.
ولطالما عاش "فريق الثعالب" فى منطقة شرق وسط إنجلترا فى ظل نوتنجهام فورست وديربى كونتى، اللذين يخوضان حالياً منافسات الدرجة الثانية.
مكاتب المراهنات شاهد عيان على مفاجأة ليستر
ولم تمنحه مكاتب المراهنات أكثر من واحد على 5 آلاف، من احتمالات الفوز باللقب فى بداية الموسم، خصوصاً أنه حافظ فى اللحظة الأخيرة على موقعه فى الأضواء، لكن ما تحقق بعدها يفرح قلوب كثر، وفى مقدمهم النجم السابق جارى لينيكر،الذى أمضى مواسمه السبعة الاحترافية الأولى (1978-1985) فى عرين ليستر، قبل أن يتألق مع ايفرتون وبرشلونة وتوتنهام.
ويردد لينيكر (80 مباراة دولية و48 هدفاً)، الذى يحمل أحد شوارع المدينة اسمه، "يجب استغلال هذه اللحظات والبناء عليها".
حتى يومنا هذا، حقق ليستر 17 فوزاً فى 29 مباراة ويبتعد بفارق 5 نقاط فى صدارة الدورى الانجليزى الممتاز عن أقرب منافسيه توتنهام و8 عن أرسنال صاحب المركز الثالث، وذلك قبل تسع مراحل على انتهاء الموسم، وهو سجل يسعد مالك النادى البليونير التايلاندى فيتشاى سريفادانابرابا، صاحب مجموعة "كينج باور" التى تدير محلات تجزئة فى أسواق حرة، والذى أدخل طابعاً شرق آسيوى على أروقة النادى.
نيولوك ليستر سيتى فى العصر التايلاندى
جدران البهو المؤدى إلى غرف اللاعبين وغرفة تبديل الملابس فى "كينج باور ستاديوم" تحمل رموزاً وأدعية باللغة التايلاندية، كما يزور النادى رهبان بوذيون مرات سنوياً لمباركة اللاعبين.
و"المناخ الآسيوى" الذى أدخله البليونير التايلاندى ونجله، نائب الرئيس، على الفريق انعكس ايجاباً فى مؤشر الأعمال، واكسبت سلسلة الانتصارات الأخيرة النادى أكثر من 300 ألف متابع إضافى على صفحته فى "تويتر"، كما حققت مبيعات قمصانه قفزة تجاوزت الـ3 آلاف فى المئة فى اليابان، موطن مهاجمه شنجى أوكازاكى.
فى "الترتيب المجنون" للدورى الإنجليزى، خرق ليستر سيتى الخمسة الكبار (أرسنال، تشلسى، مانشستر سيتى، مانشستر يونايتد وليفربول)، الذين تناوبوا على حصد اللقب منذ موسم 1997- 1998، وحققوا مداخيل خيالية، خصوصاً بعدما زادت عائدات النقل التلفزيونى 71 فى المئة.
ليستر من "اليأس إلى النجاح"
والنادى المتواضع الذى كان على وشك الإفلاس عام 2002، بات يشار إلى لاعبيه، أمثال جيمى فاردى صاحب الشعبية الكبيرة، والذى سجل فى المباريات الـ11 الأولى تباعاً هذا الموسم، والجزائرى رياض محرز.
ويلفت المؤرخ الاختصاصى مات تايلور إلى أن ليستر يحقق إحدى أكبر المفاجآت فى تاريخ الدورى الإنجليزى من ناحية التطور السريع والمتنامى، لاسيما وأنه يمثل مدينة مقرون اسمها برياضة الرجبى، وفريقها للعبة (النمور) أحرز بطولة أوروبا عامى 2001 و2002، كما سبق أن توج فريقها للكريكيت بلقب الدرجة الأولى.
ويتحدث مؤرخ النادى جون هاتشيزون عن أهمية أن يبقى أنصار النادى "متحفزين ويحلمون، خصوصاً أنهم كانوا يعرفون فى قرارة أنفسهم أن مرحلة شهر فبراير وما بعده ستكون ثقيلة عليهم وقاسية، لكنهم مصممون على المتابعة نحو الأفضل".
ويشير هاتشيزون إلى 3 مراحل أو حقبات ذهبية مر بها ليستر سيتى، هي: حقبة العشرينات من القرن الماضى حين حل ثانياً فى الدورى (1929)، وستيناته حين بلغ نهائى كأس انجلترا 3 مرات، وأواخر تسعيناته التى شهدت حلوله خلال 4 مواسم متتالية فى النصف الأول من ترتيب الـ"بريميرليج".
وكان العام 2002 مفصلياً، اذ قرر النادى بناء ملعب جديد يتسع لطموحاته، تاركا صرحه التاريخى فى "فيلبرت ستريت"، فأطلق حملة تبرعات لسد الديون المتراكمة، ساهم فى الترويج لها النجم لينيكر، المعلق الحالى فى الـ"بى بى سي"، فجمع مبلغ 8.5 مليون يورو، غير أن عهد المستثمر الأميركى من أصل صربى ميلان ماندريتش شهد إخفاقات أوصلت ليستر إلى الدرجة الثالثة، قبل معاودته الصعود تدريجياً.
ماذا قدم البليونير التايلاندى للنادى الإنجليزى؟
ويعتبر قدوم البليونير التايلاندى سريفادانابرابا عام 2010 هبة من السماء، فقد ضخ أكثر من 150 مليون يورو، مركّزاً فى الترويج والاستثمار على سوق بلاده وسياحها ومستهلكيها، وبعد صموده العام المنصرم فى الدرجة الأولى إثر الفوز على وستهام، بدأت الحملة لتأكيد الجدارة بين الكبار بقيادة الإيطالى كلاوديو رانييرى الذى بث فى صفوف لاعبيه "روح الفريق والتعاون"، ما اعتبر من أبرز عوامل النجاح، فضلاً عن برنامج تحليل قدرة المواهب الذى اعتمده كشاف اللاعبين أستاذ التربية البدنية ستيف والش، فقد استثمرت الإدارة نحو 200 ألف يورو فى تطبيقه، ما يساوى موازنة بنحو 10 ملايين يورو كانت ستنفق على شراء لاعبين.
وها هو ليستر سيتى يتابع مسيرة "مظفرة" مهما كانت خاتمتها، وأنصاره يرددون نشيد "لن نتخلى عن الذئاب"، الذى أصبح مصدر فخرهم وأغنية رائجة فى المدينة ونواديها الليلية.
ولا يزال النجم السابق لينيكر عند رهانه بأنه سيقدم برنامجه "مباراة اليوم" بملابسه الداخلية، فى حال فاز ليستر بلقب الـ"بريميرليج".
وكان أطلق هذا التحدى فى الخريف الماضى، باعتبار أن أكثر المتفائلين يضعون "الثعالب" فى المرتبة الثالثة فى نهاية المطاف، لكن ها هم يخالفون التوقعات ويبدون مؤهلين دائماً لقلب الطاولة.
موضوعات متعلقة:
- بالفيديو.. قبل انطلاق الجولة 29 للبريميرليج.. ليستر يسعى للاستمرار فى الصدارة.. اليونايتد لمواصلة التألق.. توتنهام يحاول كسر عُقدة أرسنال.. وتشيلسى يستعد لدورى الأبطال بمواجهة ستوك
- البريميرليج × أسبوع "28"..ليستر يحتفظ بالصدارة..وصحوة اليونايتد تقلق الكبار
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة