ننتظر زيارة السيسى ولشراكة فعلية بين البلدين أقتصادياً وسياسياً وأجتماعياً
"أبو الغيط" دبلوماسى محنك وله خبرات واسعة وتنتظره فى ملفات كبيرة
وصف محمد سعد العلمى، سفير المغرب فى مصر، التصرفات الأخيرة للأمين العام للأمم المتحدة، بان كى مون، خلال زيارته إلى مخيمات اللاجئين بمعسكر فى منطقة "تندوف" الجزائرية بـ"غير الحيادى"، وتجاوز لمسئوليات منصب الأمين العام، موضحاً أن تصريحات مون قد تدفع لتأجيج الأمور، وهو ما جعل الرباط تبادر لاتخاذ 3 إجراءات رداً على هذه التصريحات.
وأكد السفير المغربى، خلال ندوة بـ"اليوم السابع"، التزام الرباط بميثاق وقرارات الأمم المتحدة، موضحاً أن بان كى مون لم يتحدث عن مصير المساعدات الإنسانية التى تقدم للاجئين منذ سنوات، وتتسرب عبر طرق أخرى لتباع فى أسواق الدول المجاورة، مبينا أن كلمة "احتلال" التى وصف بها بان كى مون الوضع فى الصحراء المغربية ليست مطروحة ولا وجود لها بأية وثيقة من وثائق الأمم المتحدة، وإلى نص الندوة .
بداية كيف تنظرون لموقف بان كى مون وما حاول فرضه خلال زيارته لمعسكرات تندوف؟
هذه الزيارة كانت منتظرة منذ مدة تبعاً لدعوة وجهها المغرب للأمين العام للأمم المتحدة خلال سنة 2014، حيث كان من المفترض أن يتعرف خلالها بان كى مون على حقيقة الأوضاع فى المنطقة كأمين عام للأمم المتحدة، وهو ملتزم بما يفرضه عليه المنصب الذى يشغله من حياد ونزاهة وموضوعية، وما لاحظناه فى المغرب للأسف هو أن بان كى مون خلال هذه الزيارة لم يكن محايداً ولا نزيهاً فى تعامله مع الأحداث، سواء فى تصريحاته أو تصرفاته، وأنه انزلق إلى بعض المواقف التى ما كان له أن ينزلق إليها وهو يحتل المنصب السامى الذى يتبوأه.قد يكون للأمين العام للأمم المتحدة بعض المواقف الشخصية، غير أنه حينما يكون فى مهمة تتعلق بالأمم المتحدة ينبغى أن يتحمل كامل المسئولية، وأن يستحضر دائماً أن مهمته هى الحفاظ على الأمن والسلم والاستقرار، والبحث عن كل السبل التى يمكن أن تؤدى إلى تحقيق هذه الأهداف، لكنه بشعور منه أو دون شعور انزلق إلى اتخاذ مواقف من شأنها أن تؤدى إلى تأجيج التوتر والزيادة فى حدة الخلاف، وبالتالى التسبب فى أمور تعاكس المهمة التى هو منتدب للقيام بها.
هل تعتبرونه تجاوز حدود مسئولياته؟
بان كى مون تجاوز حدود مسئولياته، فهو ملزم بالخضوع لميثاق الأمم المتحدة وقرارات أجهزتها لكنه تجاوز ذلك، لقد استرجع المغرب أقاليمه الجنوبية التى كانت خاضعة للاحتلال الإسبانى، طبقاً للقانون الدولى عبر التفاوض مع الدولة المحتلة وهى إسبانيا، والذى أدى إلى عقد اتفاقية مدريد سنة 1975 التى سجلت بالأمانة العامة للأمم المتحدة، وبالتالى المغرب استرجع أقاليمه الجنوبية فى إطار شرعى تقره المواثيق الدولية، وكانت هذه مرحلة أخرى من مراحل تحرير كافة التراب الوطنى.وحينما نتحدث عن أراضى الصحراء الغربية فهى جزء من منطقة فى جنوب المغرب، تحررت أراضيها على مراحل وبالتدريج، إذ استرجع المغرب جزءاً من هذه الصحراء الغربية وهى منطقة طرفاية عام 1958 بعد معارك خاضها جيش التحرير المغربى ضد الاحتلال، واضطرت إسبانيا للتفاوض والاعتراف بضمها للمغرب، ثم اعترفت بعد ذلك بضم منطقة سيدى إفنى التى ظلت تحتلها إسبانيا حتى سنة 1969، وقبلت بعد ذلك التفاوض بشأن منطقة الساقية الحمراء ووادى الذهب سنة 1975 فى أعقاب المسيرة الخضراء المظفرة.
جدير بالذكر أن المغرب قد وضع ملف تصفية الاستعمار فى أقاليمه الجنوبية أمام الأمم المتحدة منذ بداية الستينات. وفى سنة 1965 صدر قرار عن الجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو إسبانيا للتفاوض مع المغرب حول تصفية الاستعمار فى سيدى إفنى والصحراء، وللتاريخ لم هناك حينذاك من ينازع المغرب فى مطالبته باسترجاع كامل وحدته الترابية، لذلك فقد خضعت إسبانيا للتفاوض مع المغرب فقبلت بالانسحاب من منطقة سيدى إفنى عام 1969 وناورت لتأخير التفاوض حول الساقية الحمراء ووداى الذهب.
ومع تغير الأوضاع فى المنطقة، بدأت مشكلة الصحراء فى الظهور، والغريب فى الأمر أن البوليساريو التى تدَّعى أنها حركة تحرير لم تبرز فى الميدان إلا بعد تحرير الساقية الحمراء ووادى الذهب، فتأسيسها كان لمعاكسة المغرب فى استكمال وحدته الترابية وليس من أجل طرد المستعمر الإسبانى، إذ حينما كانت المطالبة بانسحاب المستعمر الإسبانى قائمة كان المغرب الطرف الوحيد الذى يطرح هذا الموضوع ويعمل من أجل استرجاع حقوقه المشروعة واستكمال بسط سيادته على كافة أراضيه.
كيف تعاملتم فى المغرب مع تصريحات بان كى مون ؟
حينما برزت تصريحات وتصرفات بان كى مون كان من الطبيعى أن يكون هناك رد فعل قوى فى المغرب على الانزلاقات التى وقع فيها الأمين العام للأمم المتحدة، فقد صدر احتجاج رسمى من طرف الحكومة، التى سارعت إلى إصدار بيان سجلت فيه مآخذ المغرب على الأمين العام وشجبها لتصريحاته وتصرفاته التى تجاوزت حدود صلاحياته، وعلى المستوى الشعبى كانت هناك احتجاجات شعبية واسعة تجلت على الخصوص فى اجتماع مجلسى البرلمان فى دورة طارئة خصصت لمناقشة الموضوع، عبر خلالها ممثلو جميع مكونات الشعب المغربى عن إدانتهم الشديدة لتلك التصريحات والتصرفات غير المقبولة.
كما كانت هناك المظاهرة الشعبية التى لم يسبق لها مثيل، والتى تجاوز عدد المشاركين فيها أزيد من 3 ملايين من المواطنين، وكل ذلك يبرز أن قضية الصحراء بالنسبة للمغرب، ملكا وحكومة وشعبا، قضية مصيرية لن تقبل فيها بلادنا أى تنازل بأى شكل من الأشكال، فهى قضية تتعلق بمصير المغرب الموحد الذى استرجع أراضيه بتضحياته، وهى أيضاً رسالة لكل العالم وليس فقط لبان كى مون، هى رسالة من شعب مؤمن بقضيته العادلة التى لن يقبل فيها بأى شكل من التطاول على حقوقه المشروعة.
تقولون إنكم لن تقبلوا التنازل فى قضية الصحراء، فما هى آخر ما يمكن أن يقدمه المغرب فى هذا الملف ؟
لقد كان آخر ما يمكن أن يتقدم به المغرب فى سعيه إلى إقرار السلم والأمن والاستقرار فى المنطقة، وفى نطاق بحثه أيضاً عن مخرج ملائم يرضى الأطراف هو الاقتراح الذى تقدمت به المملكة المغربية إلى مجلس الأمن رسميا منذ سنة 2007 ألا وهو إقامة نظام حكم ذاتى فى الأقاليم الجنوبية من المغرب، وذلك فى إطار اختياراته الديمقراطية فى تعميق اللامركزية وتوسيع مجالات الحكم المحلى فى مختلف التراب الوطنى بداية من هذه الأقاليم. فإذا كانت النية حقاً هى تمكين السكان من أن يدبروا شؤونهم بأنفسهم فليس هناك صيغة أحسن من الصيغة التى يقترحها المغرب، لأن الحكم الذاتى الموسع فى نطاق السيادة المغربية سيمكن السكان فعلاً من جميع الصلاحيات التى ستتيح لهم تدبير شؤونهم بأنفسهم وفى مناخ من الأمن والاستقرار، الذى سيشمل المنطقة بمجموعها.
وجدير بالذكر فى هذا الصدد أن مجلس الأمن قد ثمن المبادرة المغربية واعتبرها مبادرة جدية وذات مصداقية وقابلة للتنفيذ، وأنها يمكن أن تكون أساساً لحل نهائى ومقبول من الأطراف.
المغرب يتحدث عن حكم ذاتى وبان كى مون يقول إنه احتلال ؟
هو قال "احتلال"، وهذه كلمة غير موجودة فى أية وثيقة من وثائق الأمم المتحدة، منذ استرجاع المغرب لأقاليمه الجنوبية، والحديث عن احتلال فيه تجاوز خطير من جانب بان كى مون، وكذلك الأمر بالنسبة لحديثه عن الاستفتاء الذى أصبح متجاوزا منذ سنة 2004، حين أقرت الأمم المتحدة استحالة إجراء الاستفتاء بالنظر إلى عدم تمكن الأطراف من الاتفاق على معايير مدققة يتم على أساسها تحديد هوية من سيشارك فى الاستفتاء، وصدور قرار مجلس الأمن يدعو إلى حل سياسى تفاوضى متفق عليه بين الأطراف. ومنذ ذلك التاريخ ومجلس الأمن يصدر قرارات تحث على ذلك وتنوه بجدية ومصداقية المبادرة المغربية بشأن الحكم الذاتى.
ومن الطبيعى أن دور الأمين العام إنما هو تطبيق قرارات مجلس الأمن، وليس الخروج عليها والعمل على تجاوزها!! والأفظع من ذلك أن يلجأ الأمين العام خلال زيارته للمخيمات إلى رفع أصبعيه بشارة النصر !!
قد يكون بان كى مون تأثر بالأوضاع الإنسانية التى وقف عليها خلال زيارته لمخيمات اللاجئين تندوف؟
إن الغريب فى الأمر فى هذا الصدد هو أن بان كى مون لم ير داعيا لإثارة قضية الخروقات المكثفة لحقوق الإنسان فى مخيمات تندوف بالجزائر، بما فيها حالات النساء الصحراويات الثلاث المحتجزات منذ أزيد من سنة، والتى عرضت عليه بشكل منتظم، سواء من قبل الضحايا أنفسهم أو من طرف المنظمات الدولية لحقوق الإنسان.
كما أنه فى الوقت الذى أعرب فيه عن اعتزامه على تنظيم مؤتمر لمانحى المساعدات الإنسانية للمحتجزين فى مخيمات تندوف، فإنه لم يتطرق قط خلال هذه الزيارة لقضيتين بالغتى الأهمية:
- وتتمثل القضية الأولى فى ضرورة إجراء إحصاء لهاته الساكنة، والذى دعا إليه الأمين العام بنفسه فى العديد من تقاريره ويفرضه القانون الدولى الإنسانى، كما جميع قرارات مجلس الأمن منذ 2011.
- وتهم القضية الثانية، الاختلاس المؤكد، ومنذ أربعة عقود، للمساعدات الإنسانية الموجهة لساكنى المخيمات، والتى تتحول عبر طرق أخرى لتباع فى أسواق الدول المجاورة، وهو ما أكدته تقارير المفوضية السامية للاجئين وبرنامج الغذاء العالمى ومكتب محاربة الغش بالاتحاد الأوروبى.
وجدير بالذكر أن كل هذه التجاوزات أبعد ما يكون عن تحقيق الهدف الذى أعلنه الأمين العام خلال هذه الزيارة والمتمثل فى إحياء المفاوضات.
تصرف "بان كى مون" لا يصب فى صالح استقرار المنطقة..لصالح من جاءت خطوات بان كى مون؟ وما هى الجهة التى يسترضيها؟
بكل تأكيد تصرفات بان كى مون لا تساعد على استتباب السلم والأمن فى المنطقة، بل تتجه على العكس من ذلك إلى تأجيج الصراع بها، وفى هذا الظرف بالذات من الشهور الأخيرة فى ولاية الأمين العام، وإذا كان ما قام به أخيرا من تصرفات خرقاء تستهدف عبثا بالسيادة الوطنية للمغرب، فإن الجهة التى يسترضيها ذلك لا يمكن أن تُخفى على أحد!! وسيظل المغرب صامداً فى مواجهة كل المناورات مهما تعددت مصادرها واختلفت أشكالها.
هل سيؤثر ما قام به بان كى مون على مهمة الأمم المتحدة فى المنطقة الجنوبية من المغرب؟
لقد أعلن المغرب اتخاذ ثلاثة إجراءات فورية كخطوات أولى رداً على تصريحات بان كى مون، ولا يزال يحتفظ بحقه المشروع فى اللجوء إلى تدابير أخرى، إذا ما اضطر إلى اتخاذها دفاعاً عن سيادته ووحدته الترابية.
تم إجراء تقليص ملموس لجزء كبير من المكون المدنى ضمن بعثة المينورسو، خاصة فى شقه السياسى، فالبعثة الأممية أنشئت أساساً سنة 1991 من أجل السهر على وقف إطلاق النار ولوضع حد للهجمات المسلحة التى كانت تنطلق من الأراضى الجزائرية للاعتداء على السكان الآمنين داخل الأراضى المغربية المحررة، وكان المغرب قد استكمل حينذاك تشييد جداره الأمنى الممتد على طول 2000 كلم لحماية حدوده شرقا وجنوبا، وفى هذا الإطار أشرفت الأمم المتحدة على إبرام اتفاقية لوقف إطلاق النار، لا يزال المغرب ملتزماً بجميع مقتضياتها العسكرية.
أما فيما يخص الاستفتاء، فإن الأمم المتحدة، وبعد كل الجهود التى بذلتها فى الإعداد لإجرائه على امتداد فترة طويلة تجاوزت ثلاثة عشر سنة (1991-2004)، انتهى بها الأمر أمام كل ما واجهها من عراقيل من قبل خصوم المغرب إلى التسليم باستحالة تنظيمه، وتبعاً لذلك فإن الموظفين الأمميين الذين عينوا للقيام بمهمة الإعداد للاستفتاء لم يبق لهم أى دور يقومون به مادامت المهمة التى جاءوا من أجلها لم تعد قائمة، لذلك بادر المغرب إلى المطالبة برحيلهم.
أما الإجراء الثانى فإنه يتعلق بإلغاء المساهمة الإرادية التى ظلت المملكة المغربية تقدمها للمينورسو فى نطاق الحرص على حسن سير عمله، وهى مساهمة قدرت بـ3 ملايين دولار سنوياً.
ويتعلق الإجراء الثالث ببحث صيغ سحب التجريدات المغربية المنخرطة فى عمليات حفظ السلم فى عدة أنحاء من العالم، وهو إجراء قرر المغرب أخيراً توقيف الشروع فى اتخاذه استجابة لمناشدات الدول التى تستقبل تجريدات مغربية ضمن قوات حفظ السلام الأممية.
هل تصريح بان كى مون ورد المغرب سيؤدى إلى توتر فى العلاقة بينكم وبين الأمم المتحدة؟
لا.. أبداً.. لقد حرص المغرب، فى مختلف المنتديات، على توضيح موقفه المتجلى فى أن الخلاف القائم مع شخص الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون، وليس مع منظمة الأمم المتحدة، بالنظر إلى الانزلاقات المتكررة لبان كى مون وتصرفاته غير المتلائمة مع مهمة الأمين العام ومسؤولياته التى تفرض عليه التزام الحياد والموضوعية.
هناك توصيفات غربية بوجود حرب باردة بين الجزائر والمغرب، كيف تقيم هذه التوصيفات؟
لقد حرص المغرب باستمرار على أن تظل علاقاته مع الجزائر قائمة على حسن الجوار، اعتباراً لما يربط البلدين الشقيقين من أواصر متينة، ولكن مع كامل الأسف هناك أطراف وجهات فى الجزائر لا تزال مصرة على مناصبة العداء لبلادنا، خصوصاً فيما يتعلق بوحدتها الترابية، مع أنها تعلم علم اليقين أن هذه المسألة بالنسبة للمغرب، بجميع مكوناته، "مسألة وجود"، ولا يمكن أن تخضع لأية مساومة أو تكون موضوع أى تنازل.
هل فكرتم فى التحاور المباشر مع الجزائر ؟
طبعاً.. فعلى امتداد العقود الأربعة الماضية توفرت عدة فرص للحوار المباشر بين البلدين، غير أنها كانت تتوقف دائما قبل أن تصل إلى نتائج تذكر، كما أن عدة أطراف دولية، وفى مقدمتها دول عربية شقيقة، حاولت الوساطة بين البلدين والتقريب بين وجهات نظرهما، غير أنها لم تتمكن من الوصول إلى أية نتيجة أمام تملص الجزائر وادعائها بأن لا علاقة لها بالنزاع القائم، بالرغم من أن الجميع على إدراك تام بأن المشكل سينتهى حتماً بمجرد أن ترفع الجزائر يدها عنه.
لقد انتهى البوليساريو مبدئياً بعد عودة مؤسسيه وأعضائه إلى وطنهم المغرب، وحينما سيرفع الحصار عن المخيمات فقطعا لن يبقى بها أحد، وأعتقد أن منطق العصر الذى نسعى جميعا للانخراط فيه يستحثنا على التخلص من الانشداد إلى الماضى وسلبياته، للتوجه بعزم قوى نحو المستقبل بكل ما يفتحه من آفاق وآمال.
هل هناك مفاوضات لعودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقى؟
مفاوضات مع من؟.. إن قرار المغرب بالانسحاب من منظمة الوحدة الأفريقية كان معللاً بأسباب وجيهة معلومة، وحينما ستنتفى تلك الأسباب سيبادر المغرب قطعاً إلى احتلال موقعه من جديد.
لقد ارتكبت منظمة الوحدة الأفريقية خطأ جسيماً حين قبلت فى جملة أعضائها كياناً وهمياً لا يتوفر فيه أى شرط من شروط الدولة ذات السيادة، فكان انسحاب المغرب من هذه المنظمة التى تحولت إلى الاتحاد الأفريقى إحقاقا للشرعية ودفاعا عنها، لذلك فحينما سيوضع حد لهذا الوضع غير الطبيعى الذى تم فى ظروف ملتبسة ونتيجة لتآمر مكشوف، فإن المغرب سيعود إلى المنتظم الأفريقى.
وفى جميع الأحوال، المغرب دولة أفريقية، وساهم كما هو الشأن بالنسبة لمصر فى تحرير أقطارها، فمصر والمغرب كانتا قاعدتين أساسيتين فى قيادة معركة تحرير أفريقيا من الاستعمار، وكان مؤتمر الدار البيضاء فى بداية الستينيات إحدى المحطات البارزة فى هذا المجال، وحالياً المغرب يرتبط بعلاقات قوية مع مختلف دول القارة الأفريقية، مهتما بقضاياها، ومدافعا عن مصالحها، ومناضلا من أجل نهوضها وتقدمها، إن عدم وجودنا داخل الاتحاد الأفريقى لن يثنينا أبداً عن القيام بدورنا الكامل فى دعم القارة ومؤازرة دولها وشعوبها.
إذا انتقلنا لملف آخر وهو قرار المغرب المفاجئ بعدم استضافة القمة العربية، لماذا قررتم ذلك؟
حين اتخذ المغرب قراره بإرجاء حقه فى تنظيم دورة عادية للقمة العربية، أصدر بلاغاً واضحاً وشفافاً أبرز فيه أن الظروف الموضوعية لا تتوافر لعقد قمة عربية ناجحة، قادرة على اتخاذ قرارات فى مستوى ما تقتضيه المرحلة العصيبة التى بمر بها العالم العربى، وبما يستجيب لتطلعات الشعوب العربية، معلناً عدم استعداده لاحتضان قمة يبدو أنها لن تخرج بأى نتيجة ملموسة لفائدة الشعوب العربية.
أرسل المغرب رسالة مفتوحة إلى كل من يعنيه الأمر، مفادها أننا فى الظروف العصيبة الحالية التى يجتازها العالم العربى، من الخليج إلى المحيط، لم يعد مسموحاً لنا فيها أن نتعامل مع الأوضاع كما دأبنا على ذلك، مكتفين بأن تكون لقاءاتنا على مستوى القمة مجرد مناسبة للمصادقة على توصيات عادية وإلقاء خطب تعطى الانطباع الخاطئ بالوحدة والتضامن بين الدول العربية.
إن الوضع العربى الراهن يتطلب التحلى بإرادة قوية لرفع مختلف التحديات، من خلال تماسك عربى حقيقى، وتضامن فعلى كفيل بمواجهة الأخطار التى تحدق بنا من كل جانب.
إن حاجتنا اليوم أكيدة إلى عقد قمة عربية للصحوة العربية ولتطوير العمل العربى المشترك باعتباره السبيل الوحيد لإعادة الأمل والثقة للشعوب العربية، وهذه هى الرسالة التى سعى المغرب إلى تبليغها، وكلنا أمل فى أن تستقبل بما تستحقه من عناية واهتمام.
هل يمكن اعتبار قرار المغرب كان نتيجة شعوره بالإحباط من العمل العربى ؟
لا.. لو كان هذا هو رأى المغرب بالذات لكان قد أعلنه بكل وضوح، فالمغرب منخرط فى العمل العربى، ولم يتأخر يوماً عن القيام بواجباته، ومن المعلوم أن المملكة المغربية احتضنت حتى الآن ست قمم عربية كانت جميعها قمما تاريخية ناجحة واتخذت فيها قرارات حاسمة.
كيف تنظر المغرب للأمين العام الجديد للجامعة العربية السفير أحمد أبو الغيط؟
يجدر التنويه فى البداية إلى أن علاقتنا بالدكتور نبيل العربى، الأمين العام الحالى للجامعة، اتسمت باستمرار بالتعاون والاحترام المتبادل، وليس لنا أية مآخذ عليه، فقد حاول أن يكرس كل جهده فى الحفاظ على الحدود الدنيا من العمل العربى المشترك فى الظروف العصيبة التى ما فتئت تجتازها الدول العربية فى السنوات الأخيرة.
أما بالنسبة للسفير أحمد أبو الغيط فقد أكدت المملكة المغربية، منذ البداية بشكل واضح، دعمها لمن سترشحه مصر للأمانة العامة، وبالطبع فإننا حينما أعلنت مصر بصفة رسمية عن ترشيح السفير أحمد أبو الغيط رحبنا بهذا الترشيح وساندناه، وربما نحن الدولة العربية الأولى التى وجهت مذكرة رسمية تعلن فيها تأييدها لأحمد أبو الغيط، اعتبارا لسيرته الدبلوماسية الحافلة، وعرفناه فى المغرب عن قرب، سواء كمندوب دائم لبلاده فى الأمم المتحدة أو كوزير لخارجية مصر، فعرفنا فيه الدبلوماسى المحنك ذو الخبرة الواسعة، والكفاءة العالية، وأعتقد أنه يتمتع بكل المؤهلات التى تجعله يضطلع بدوره كأمين عام لجامعة الدول العربية على الوجه المطلوب .
هل لديك نصائح للأمين العام الجديد للجامعة العربية ؟
الأمين العام الجديد حينما سيلتحق بمهمته سيجد أمامه ملفات كثيرة سيكون عليه أن يلم بها جميعا ليكوِّن رؤية عربية شاملة وتصوراً كاملا لتحركه فى إطار معالجة مختلف هذه الملفات، إننا نتمنى له كامل التوفيق والنجاح فى مهمته، وإننى شخصياً متيقن من أن السفير أحمد أبو الغيط سيعطى دفعة أخرى قوية للعمل العربى المشترك تتجه به نحو مزيد من التضامن والتكامل والاندماج.
كيف ترى الصراع السنى الشيعى فى المنطقة ؟
هذا مظهر آخر من مظاهر الفتنة فى العالم العربى والإسلامى، فقد عاش المسلمون عبر القرون متساكنين فيما بينهم، أما ما نشهده اليوم من صراع وتوتر فهو أمر جديد وطارئ، علينا أن نتصدى له لنحد من غلوائه، وذلك من خلال إشاعة قيم الاعتدال والتسامح ونبذ أسباب التطرف والمغالاة.
كيف تصف العلاقة بين مصر والمغرب خاصة فى الجانب السياسى والثقافى ؟
لقد اتسمت العلاقات المغربية المصرية باستمرار بأنها علاقات جيدة، تقوم على الاحترام المتبادل بين البلدين الشقيقين، كما أن الروابط التى تربط الشعبيين متينة وراسخة لها جذور عميقة ممتدة عبر القرون، وتكوِّن الأرضية الصلبة لأواصر المحبة التى تجمع البلدين والشعبين الشقيقين، ويبقى على المسئولين فى البلدين أن يسعوا باستمرار إلى مزيد من التطوير والتوسيع لمجالات التعاون لتشمل كل الميادين ولتكون على مختلف المستويات.
وفى هذا الإطار فإننا نتطلع إلى الزيارة التى سيقوم بها إلى المغرب الرئيس عبد الفتاح السيسى، كما نتطلع أيضا إلى زيارة الملك محمد السادس إلى مصر، وكذلك انعقاد اللجنة المشتركة الكبرى برئاسة قائدى البلدين الشقيقين تتويجاً لما نسعى إليه من قيام شراكة فعلية بين البلدين فى مختلف المجالات الإقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية.
هل تخطينا مرحلة الخلافات ؟
بالتأكيد لا توجد فى الوقت الحاضر أية خلافات أو توترات بين المغرب ومصر، فسماء المغرب ومصر ساطعة، ونادرا ما تمر بها غيوم، وحتى حينما يحصل ذلك لا بكون له أى تأثير يذكر، وسرعان ما تنقشع الغيوم لتعود الأجواء إلى طبيعتها الصافية.
هل تتفق مع القول بان حجم العلاقات الاقتصادية بين مصر والمغرب لا تتفق مع تاريخ العلاقات؟
هناك اتفاقية أغادير التى أبرمت عام 2007 لتنظيم التبادل الحر بين المغرب ومصر والأردن وتونس، وكنا نعتبر حينما تم التوقيع على هذه الاتفاقية أنها ستفتح آفافا واسعة للتبادل الحر بين بلداننا الأربعة، وستكون خطوة مهمة تمهد لسوق أوسع يشمل كل الدول العربية.
فى إطار اتفاقية أغادير هناك تبادل لا بأس به نطمح جديا فى توسيعه، وقد تكون الظروف التى يجتازها الوطن العربى خلال السنوات الأخيرة ربما هى التى حدت من ذلك الزخم الذى كان يمكن أن يتحقق لو ظلت الأمور تجرى مجراها الطبيعى.. هناك خطوات بالفعل لكنها تبقى دون المستوى الذى يوازى ما نتوق إليه من طموحات.
وماذا عن الاستثمار المتبادل
؟هناك استثمارات مصرية فى المغرب، واستثمارات مغربية فى مصر، لكنها تبقى مع ذلك دون المستوى المطلوب وما هو متاح فى هذا المجال من إمكانيات واسعة.
أعلنت المغرب مؤخراً عن افتتاح أكبر مشروع طاقة شمسية فى العالم، هل سيحدث تعاون مع مصر فى هذا المجال ؟
هناك زيارات متبادلة فى هذا المجال، ومن المعروف أن مصر تتوفر على خبرة مهمة فى هذا الميدان نسعى إلى التعرف عليها والاستفادة منها، كما أن المغرب هو الآخر يرحب بتقديم خلاصات ما اكتسبه من تجربة قيمة فى مجال الطاقة المتجددة لأشقائه فى مصر كلما رغبوا فى ذلك، إننا ينبغى أن نكثف تعاوننا فى كل المجالات وبما يحقق المنافع المشتركة لبلدينا الشقيقين.
موضوعات متعلقة..
- بالصور.. محمد سعد العلمى سفير المغرب لدى القاهرة يزور مقر "اليوم السابع"
- سفير المغرب لدى القاهرة: افتتاح فندق وايت بيتش بالغردقة يؤكد أن مصر آمنة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
المفروض الاستماع للطرف الجزائري هو الآخر ..
عدد الردود 0
بواسطة:
شكيب بالاكردار
حدثت مساومة
عدد الردود 0
بواسطة:
Mohamed
رأي لمحكمة العدل الدولية