حنان شومان

لجنة تسلم لجنة تسلم لجنة.. حتى وصلنا لآخر لجنة

الخميس، 24 مارس 2016 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قرر رئيس الوزراء تكوين لجنة لمناقشة قضايا السينما ومشكلاتها، وللحق أمام هذا الخبر تذكرت أغنية شريهان فى مقدمة إحدى فوازير رمضان حين كانت تقول «شهر يسلم شهر يسلم شهر.. حتى وصلنا لآخر الشهر». فهكذا تماما هو حال اللجان التى يكونها كل رئيس وزراء يأتى لمصر منذ أن وعيت الحياة فى هذا البلد، فيوم أن كانت السينما المصرية تاريخيًا تنتج مائة فيلم ويزيد راجعت الأرشيف الصحفى فوجدت أخبارا تتحدث عن تكوين لجان لبحث أزمة السينما، وحين قل العدد فصار سبعين فيلما أو أقل أيضًا نقلت لنا الأخبار أن ولاة الأمر كونوا لجانا لبحث أزمة السينما ومشكلاتها، وقل العدد أكثر وأكثر، ومازال أرشيف الأخبار ينقل لنا حكاية تكوين لجان لبحث أزمة السينما، ثم أخيرًا وليس آخرًا أعلن محلب رئيس الوزراء السابق عن تكوين لجنة لبحث أزمة ومشكلات السينما، وها هو شريف إسماعيل رئيس الوزراء الحالى يسير على خطى أجداده، ثم آبائه، والسابقين والأولين، وبالتأكيد اللاحقين له الذين سيكونون لجانا لبحث أزمة السينما، حيث ربما وقتها لن يكون هناك إنتاج سينمائى مصرى، ولكنهم رغم هذا سيستمرون فى تكوين اللجان، ولذا فهل أملك أنا أو غيرى إلا أن نغنى لكل رئيس وزراء أو وزير ثقافة كون لجنة لبحث مشكلات السينما أغنية المبدعة شريهان، مع بعض التصرف، «لجنة تسلم لجنة تسلم لجنة حتى وصلنا لآخر لجنة».

المشكلة الحقيقية أن السينما ومشكلاتها وأزماتها لا تحتاج للجان ولا غيره، السينما تحتاج فقط لدولة ومسؤولين متفهمين أهميتها الاقتصادية قبل أى أهمية أخرى. لا يمكن أن ينكر حتى أى عابر سبيل أهمية السينما للأمم كهوية وثقافة وتاريخ يحفظ للأجيال المتعاقبة ذاكرتهم، وكترفيه، ولكن هل يتفهم أحد ممن شكلوا ومازالوا يشكلون اللجان هذا الأمر؟ أشك بشدة.

أزمة السينما المصرية تتمثل فى أزمة أمة لا تعرف مواطن قوتها أو ضعفها.
صار من السخف أن نردد نفس المقولات والحقائق عن أن السينما المصرية كانت فى يوم من الأيام هى ثانى أهم منتج نصدره بعد القطن وبالتالى دعامة من دعائم الاقتصاد القومى، كما صار من السخف أن نردد أن اللهجة المصرية وجزءا كبيرا من قيمة مصر لدى الأشقاء العرب تاريخيًا تعود للسينما وأفلامها، وكثير من السخف يزيد إذا تحدثنا عن قوة مصر الناعمة التى تمثل السينما إحدى أهم دعائمها، وبنفس القدر من السخف حين نردد أن السينما الأمريكية تحتل دور العرض والدراما التركية والهندية تحتل شاشات البيوت والدولة لا تدرك بعد قيمة غياب السينما أو الدراما، ولا ترى من حل إلا تكوين لجنة كل شوية.

نحن كدولة أو كلجان أو كمتخصصين أو حتى كشعب لا يجب أن نتصور أننا قادرون على اختراع العجلة، أو أن تلك اللجان ستأتى بما لم يأت به الأولون ولا الآخرون. المسألة بسيطة لو فقط فكرنا بشكل علمى منهجى أساسًا علينا أن نطرح عدة أسئلة:

1 - هل هناك أزمة سينما فعلا، وما هى مواصفات تلك الأزمة، فهل هى أزمة فكر أم توزيع أم إنتاج أم مستلزمات الإنتاج؟

2 - دراسة معطيات أساسية وهى غياب القطاع العام أى الإنتاج بفلوس الدولة، وهو واقع لن يتغير، ولكن علينا أن نبحث فيما يمكن للدولة أن تقدم غير الإنتاج بفلوسها مثل التسهيلات فى التصوير، المساعدة فى نشر العروض السينمائية، حتى يتسنى للمنتج المصرى أن يزيد دخله من العرض الداخلى، فالدولة ممثلة فى وزارة الثقافة تملك مئات من قصور الثقافة فى القرى والنجوع والمدن الصغيرة، وتستطيع تحويلها لدور عرض صغيرة تُعرض فيها الأفلام الحديثة.

هناك عشرات من الأفكار القابلة للتنفيذ ولن تكلف الدولة الكثير، وربما ستدفع بصناعة السينما لحال أفضل، ومنها بالتأكيد تسهيل تصوير الأفلام الأجنبية فى مصر، ولنا فى المغرب ودبى خير مثال، مما سيزيد من الدخل القومى وبخاصة أن العملة الصعبة عندنا بعافية.

3 - ستظل أزمة الفكر فى السينما قائمة وتلك لن يحلها إلا تطور مصر كلها، فدعنا من هذا الأمر مؤقتًا ولنكن عمليين.

السينما بهجة وثقافة واقتصاد وفكر، فإن كان الفكر لدينا أو كثير منه مأزوم فلا تحبسوا البهجة والاقتصاد فى اللجنة التى تسلم للجنة حتى وصلنا لآخر لجنة.








مشاركة

التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

الكاتب احمد المالح

الواقعية يا حنان

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة