إيمان رفعت المحجوب

متى يقول الشيوخ هذا مبلغنا من العلم؟

السبت، 12 مارس 2016 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ترددت كثيرًا قبل أن أكتب هذا المقال فالموضوع لا يروقنى من قريب أو بعيد كما خشيت سوء التأويل ولكنى خشيت أيضًا وأنا الطبيبة المتخصصة أن يسألنى ربى ولا أريد مقابلته حاملة وزر كتم الشهادة، ثم من يفعل إذا لم يفعل الطبيب المتخصص فى مسألة كهذه".

القصة إنى كنت منذ أيام وأنا استقل سيارتى فى طريقى للعودة من عملى إلى منزلى أتابع كعادتى إذاعة القرآن الكريم، استمعت خلال ساعة إلى تلاوة آيات الذكر الحكيم تخللتها بعض أسئلة المستمعين قام بالرد عليها الضيف الذى قدمه المذيع قائلا كالعادة ايضاً " فلانٌ عالمٌ من علماء الأزهر " ومع كل الاحترام لا إدرى لماذا يسمى خريج الأزهر بالذات عالمًا؟

وظنى والله أعلم أن القرآن الكريم لم يقصد بالعالم من درس فى الأزهر ولا من حفظ القرآن لأننا لم نسمع أن أحدًا على عهد النبى أو على عهد الخلفاء الراشدين أو من بعدهم لقب عالم وقد كان منهم حفظة للقرآن ورواة للحديث وصحابة وتابعون، وفى وجهة نظرى الخاصة أن أجمل ما فى الدين الإسلامى أنه رفع الكهنوت فلا وساطة بين العبد وربه كل من حقه التواصل مع الله يدعوه ويستغفره يقرأ ويدرس ويجتهد ويستفتى قلبه وإن أفتاه الناس وأفتوه فالإثم ما حاك بصدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس وإن لم تستح فأصنع ما شئت بالمعنى الصحيح للحديث لا المعنى الذى يأخذه به الناس وهو أننا لا نفعل ما نستحى منه ونفعل ما لا نستحى منه، ولحد علمى أن أهل الذكر الذين خصهم الله بالسؤال فى الآية "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِى إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ * "هم من كان عندهم علم الدين اليهودى والمسيحى على عهد الرسول حين أنكر مشركو مكة على الرسول أن يكون الله أرسل رسولاً بشرًا، وهل كان الله ليأمر باستفتاء أحدٍ وفيهم نبيه!

وإنما قصد قسيسيهم وأحبارهم وثقاتهم كى يتأكدوا بعد أن كذبوا بالنبى! ثم ألم يكن الحجاج بن يوسف الثقفى؛ قاتل عبد الله بن الزبير وقاتل تسعين من التابعين؛ ألم يكن هو للقرآن حافظاً وله خادم وهو من قسمه إلى ثلاثين جزءًا كى يسهل على الناس قراءته نتبعهم حتى يومنا هذا!

عمومًا هذا موضوع كبير لست بصدد الحديث عنه؛ أعود إلى السؤال الذى راعنى والذى راعنى جوابه أكثر مما راعنى السؤال، قال السائل إن له؛ والعياذ بالله؛ ولد من سفاح وإنه ود لو اعترف به وورثه حتى يرتاح ضميره، فجاءت إجابة الشيخ صادمة! قال للسائل "كل طفل ولد من سفاح ليس ابنًا لأب هو ابن أمه ويدعى لها ولا يرث إلا منها فلا تدعوه لك ولا تورثه منك ولا هو أخ لأبنائك ولا هم إخوة له وإن اعترفت به! فالنسب لا يتحقق لأب إلا بزواج شرعى"! يا الله ما هذا الكلام! هل يولد طفل لأنثى دون رجل هو أبيه.

أنا لا أعلم فى الدنيا طفلاً ولد بغير أب إلا المسيح عليه السلام! ثم كيف لا يكون الأب أبًا والابن ابنا بكلمة من الشيخ! كل طفل فى الدنيا يولد لأم وأب أكيد علمناهم أو لم نعلمهم! ثم ماذا لو كان هذا أباه وذاك ابنه بالفعل وقد علم الأب ذلك على وجه اليقين! وما الفكرة أن ينكره أبوة ونحن ننكر أنه أبوه إذا تأكد له ولنا ذلك! من يقول ذلك؟ مقولة إن "الولد للفراش" كناية عن الزواج الشرعى هذه فى حالة إذا ما تنازع اثنان فى بنوة طفلٍ كل منهما يدعى انه له حباً فى بنوة المواليد الذكور على عادة العرب القدامى للتباهى بكثرة الولد وفى غياب وسيلة اثباتٍ قطعية للبنوة لم يكن هناك إلا الزواج الشرعى سبيلاً لإثبات النسب فى حال الشك. هذا وإننا نعلم حالات أقر فيها الرسول بعدم نسب طفل الزنا للفراش أى للزوج الشرعى وذلك فى حادثتى اللعان، وكان على استعداد لإقامة الحد على المرأة التى زنت حين جاء الوليد شبيها لمن اتهمها الزوج معه معتمدًا فى حكمه على ما توافر له من ادلة وقتها وهى "الشبه" أو الصفات الظاهرية أو ما نسميه فى علوم الطب الحديثة ( phenotype ) فما بالنا وقد اصبح لدينا ما هو أصدق وأدق من الـphenotype)) آلاف المرات بل ونتيجته أكيدة مئة بالمئة بما لا يدع مجالاً لأى شك وهو genotype)) ثم أن المنطق يقول أن نفى نسب طفل لفراش الزوجية هو إثبات نسب الطفل ذاته لغير فراش الزوجية، بعيدًا عن كل هذا النقاش الفلسفى السؤال الذى يطرح نفسه هنا فى عصر العلم وثورة علوم الوراثة هل إثبات البنوة أو نفيها مسألة دينية تحتاج فتوى شرعية ام مسألة بيولوجية بحتة تحتاج لإجراء تحليل قطعى قطع فيه العلم الشك باليقين وهو تحليل الجينات الوراثية وبصمة الدى إن أى؟.

ألم يكن الأجدر بالشيخ أن يقول "أيها السائل استغفر ربك ولا تعد لمثل هذا وكفى إثمًا وظلمًا لنفسك ولغيرك ويعتذر عن أن يفتى فيما إذا كان الطفل ابنًا للسائل أم لا بما لم يحط علمًا، محملاً فى ذلك نفسه والطفل المسكين وزرًا يعلم الله انه برئ منه ومخالفا فى نظرى نصا قرآنيا صريحا "ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ* فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِى الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ* وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَٰكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ* وَكَانَ اللَّهُ غفوراً رحيماً" كان الأولى بالشيخ أن يقول إن العصر تغير والعلم تقدم وما كان مستحيلاً بالأمس وحاول الشرع مشكوراً التحايل لإيجاد الحلول له فى وقت عزت فيه الأدلة اصبح ممكناً اليوم وان ليس فى اختصاصه هو تحديد اكان الولد ولده أم لا وإن عليه اللجوء للطبيب المختص

أما آن الأوان أن نحترم التخصص وأن نحترم العصر والعلم وأن يحجم أهل الفتوى عن الإفتاء إلا فيما يخصهم! إذا كان قد حدث ونسب النبى طفل السفاح لأمه دون أى أب فذلك لعدم التيقن من الأب الحقيقى فى حين كانت الأم هى الحقيقة الوحيدة المؤكده فى نسب الطفل بواقعة الميلاد على اعتبار أن شهادة الزانية لا يعتد بها لاحتمال الاشتباه فى مواقعة آخرين لها ولكنها قطعًا لن تخبر بذلك، أما وقد انتفت كل هذه الاعتبارات بالعلم وأصبح ما كان وهما يقينا فما الداعى أن أعاقب طفلاً بجريرة والديه وقد نهينا أن نزر وازرة وزر أخرى وحثنا الإسلام على كفالة اليتيم فما بالنا بالابن الحق نلقى به فى الشارع! وقد تتخلص منه أمه كذلك وكثيرًا ما يحدث وما أكثر اللقطاء، ثم ما الفكرة فى أن نخص الزانية بالعقاب دون شريكها فى الزنا بأن تتحمل هى وابنها عار فعلتها ويفلت الزانى بفعلته ولم يفرق الله فى كتابه العزيز بينهما فى العقوبة؟ إذا كان الغرض عقاب المرأة كى ترتدع كل امرأة فلا ننسى ان فى الوقت نفسه افلت شريكها كالشعرة من العجين وكأننا نقول له افعل ولا حرج! ثم من ذا يتحمل وزر حرمان ابن من النسب لأبيه؟ ومن ذا يتحمل وزر اختلاط الأنساب؟ ومن ذا يتحمل وزر احتمال زواج المحارم؟ وهو الأصل فى كل المسألة منذ البداية تجنب كل هذا حتى لا تختلط الأنساب وهو الأساس فى فكرة وجود عدة ومن ثم لا عدة لزوجة لم يدخل بها "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً".

هذا هو روح الدين الذى أفهمه وحاشا لله أن كان النبى يرفض التأكد من نسب طفل لأبيه إذا ما توافرت الوسائل لذلك وحاشا لله أن كان النبى يرفض نسب طفل لأبيه بعدما تبين له أنه الحق.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

الكاتب احمد المالح

طفل بلا حياة

عدد الردود 0

بواسطة:

أبو هشام القرقيرى

قبل الظن

عدد الردود 0

بواسطة:

المعلم

طبقي الكلام على نفسك أولا

عدد الردود 0

بواسطة:

ايمان رفعت المحجوب

ربنا يتقبل منا شهادتنا و منك سيدي الفاضل

عدد الردود 0

بواسطة:

ميرو ميرو

المسكر

ليه مبتعلقيش على كلام احمد الملاح النهاردة

عدد الردود 0

بواسطة:

المعلم

إلى الدكتورة

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

يادكتورة .. خليكي في تخصصك افيدلك وبلاش نغمة كوكتيل الطب على التدين وشغل الاضواء

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

رقم 1 .. بيفكرنى بامتحانات الجغرافيا اولى اعدادي

اكمل الفراغات الاتية من بين الاقواس

عدد الردود 0

بواسطة:

ايمان رفعت المحجوب

الأستاذ المعلم

عدد الردود 0

بواسطة:

د/ مجدى المغربى

إلى الكاتبة وإلى المعلم

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة