فيلم "3000 ليلة" بين التوثيقى والدرامى وتقديم الواقع لا يخلو من المباشرة

الخميس، 04 فبراير 2016 10:02 ص
فيلم "3000 ليلة" بين التوثيقى والدرامى وتقديم الواقع لا يخلو من المباشرة أفيش فيلم 3000 ليلة
كتب جمال عبد الناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خلطت مخرجة فيلم "3000 ليلة" مى المصرى بين كونها تقدم فيلم روائى طويل وبين تقديم فيلم وثائقى تؤرخ به سينمائيًا لقصة واقعية حقيقية فجنحت إلى المباشرة والالتزام بالواقع فى تقديم قصة السجينة "ليالي" المدرّسة الفلسطينية التى تعتقل ويُحكم عليها بـ8 أعوام فى السجن أى ما يعادل (3000 ليلة) حيث توضع بداية فى سجن للنساء الإسرائيليات كوسيلة للضغط عليها وعقابها ودفعها للاعتراف وتنقل لاحقًا بعد أن تضغط عليها مديرة السجن للتجسس على رفيقاتها لتكتشف أنها حامل وتضع ليالى مولودها فى السجن فيتجدد إحساسها بمعنى حياتها لكنها سرعان ما تجد نفسها مضطرة إلى اتخاذ قرار سيغيّر حياتها إلى الأبد عندما تقرر السجينات الفلسطينيات الاضراب احتجاجًا على تدهور الأوضاع فى السجن وتخير بين سحب حضانة طفلها منها أو تعليق الإضراب.

هذا هو ملخص قصة الفيلم الذى نهلت منه المخرجة من الواقع ولم تخرج عنه وبالتالى فمن يعلم بقصة الفيلم أو قرأ عنها لن يجد فى الفيلم جديد فالصراع الدرامى غير موجود إلا لو اعتبرنا صراع السجينة مع السجانات ومع رفقاها المسجونات الاسرائيليات صراعًا لكنه صراع حتمى ولم يكن به أى تشويق درامى يجعلك تنتظر حدث ما سيحدث بالفيلم وربما يكون وله المخرجة بالسينما الوثائقية وحبها الشديد لها وتقديمها أفلاما وثائقية من قبل نالت من خلالها جوائز سببا فى اهتمامها فى تجربتها السينمائية الأولى لها بالصورة على حساب الدراما.

اهتمت المخرجة بشكل أساسى بالصورة ونجحت بالفعل فى صناعة صورة سينمائية عالية الجودة ونسجت بلغة سينمائية جيدة قصيدة سينمائية وبنت صورتها فى كل "كادر" تقدمه على ثنائية الضوء والظلام لخدمة أغراض درامية فضوء النوافذ والممرات والشبابيك والفتحات الصغيرة وانعكاس الضوء أحيانًا على وجوه الممثلين كان خيارًا فنيًا ذكيًا جدًا وأصبح كل "كادر" لديها لو ثبتنا الصورة كأنها لوحة فنية تشكيلية مرسومة وهذا يعيدنا للتأكيد على أنها اهتمت بالصورة والتكوين على حساب الخط الدرامى.

يحسب للمخرجة عدة نجاحات فى تجربتها الأولى أولها اختيارها الذى هو فى محله لكل الممثلين والممثلات المشاركين بالفيلم وإدارتها الجيدة لجميع الممثلات اللواتى قدمن أدوار سجانات إسرائيليات وقد علمت منها أنهن ممثلات فلسطينيات من فلسطين المحتلة عام 1948فهن يجيدن اللغة العبرية ويفهمن اللغة العربية أيضًا.

النقطة الثانية التى تحسب لمى المصرى هى الواقعية التى امتاز بها فيلمها فقد صورت فى سجن حقيقى بالأردن مشابه إلى حد كبير للسجون الإسرائيلية فتلك المقاربة والمشابهة جعلت المشاهد وأنا واحد منهم يشعر أن ما يشاهده على الشاشة هو سجن حقيقي، وهو بلا شك يؤشر على قدرة عالية لدى المخرجة من انتقاء المكان وإدارة مكان التصوير ومن ثم إدارة الممثلين فالجمهور أحس فعلاً أنه أمام سجن إسرائيلى بكل ما بداخله من صعوبات وعذابات وتفاصيل وهذا اعتقد أنه يعود لداما لدراسة عن السجون أو وعى كامل لدى المخرجة بما يجرى هناك شكل ومضمون برغم أن المخرجة فى حديثها معى قالت إن الواقع أكثر قسوة وألما وبشاعة مما شاهدناه على الشاشة.

النقطة الثالثة التى تمثل نجاحًا للمخرجة مى المصرى فى تجربتها تتمثل فى قدرتها وبشكل فلسفى أن تظهر لنا السجن الداخلى الذى يشعر به السجان نفسه فالمخرجة بصريا عملت على بناء كادرات ضيقة جدًا تعكس فيها عالم السجانات وهو ضيق ومحاصر بنفس القضبان ذاتها للسجينات ولكنه محاصر ومحاط بالأسلاك والظلام.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة