محمد مندور يكتب: ثقافة "الشلة" ومفهوم الدولة

الإثنين، 29 فبراير 2016 06:12 م
محمد مندور يكتب: ثقافة "الشلة" ومفهوم الدولة محمد مندور

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
آفة الحكم والسلطة "شلة" تصنع مصير أمة.. تتحكم فى صناعة القرار داخل مؤسسة ما من مؤسسات الدولة.. تطغى وتضل فلا تجد من يوقف نفوذها.. تتخطى كل القيم والقوانين ولا تراعى مصالح الدولة والمواطنين.

شهدنا خلال عقود ماضية استشراء ثقافة الشلة التى لا هم لها سوى السيطرة فقط.. تعمل بمبدأ المحاباة ومسيرتها لا ترى إلا نفسها.. تسعى دائما إلى تكوين لجان الشللية والمجاملات.. وهى ثقافة بعيدة كل البعد عن مفهوم الدولة.

ثقافة الشلة فى إدارة المؤسسات تنخرط داخلها مفاهيم كثيرة ترسى مبدأ أهل الثقة، ولا عزاء لأصحاب الكفاءات.. تركز عملها حول مطامعها ولا تعير اهتماما لتحقيق إنجازات حقيقية للدولة.

فى حديث الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال إطلاق استراتيجية تنمية مصر 2030 لفت انتباهى حديثه عن مفهوم الدولة.. ألمح وركز وكرر أكثر من مرة قائلا "يعنى إيه دولة". . " أنا عايز أقولكم يعنى إيه دولة".. "خلونى أتكلم شوية حول محور الدولة". الرجل لم يكرر ذلك إلا عن قصد، فهو يسعى إلى بناء دولة قوية لا بناء مجد شخصي. قال كلمات صعبة يعرف أن البعض سيأخذها عليه، ويحملها ما لا تتحمل، لكنه غير مهموم بهذا.

قصة بناء الدولة، ومفهوم الدولة لا زال غائبا فى ذهن كثير من القيادات بمؤسسات الدولة وهو ما يشكل خطرا على صناعة القرار.

مفهوم الدولة يعنى قسما حلفه المسئول أن يحترم الدستور والقانون ويرعى مصالح الوطن رعاية كاملة ويحفظ استقلاله وسلامة أراضيه.. مفهوم الدولة الذى يتلخص فى بنود هذا القسم يؤكد الالتزام بالدستور والقانون لا مخالفتهما يإصدار قرارات لا تخدم سوى الشلة وتسترضى الأصدقاء وجماعات المصالح.. مفهوم الدولة يتطلب رعاية مصالح الوطن رعاية كاملة بخدمة المواطنين وتسخير كافة إمكانات المؤسسات للقيام بدورها من أجل الشعب لا نخبة ما أو شلة من المقربين.

سبق وكتبت عن مفهوم الشلة فى إدارة مؤسسات الدولة ، وتطوره من فكرة الحظيرة لترويض المعارضة واستئناس قياداتها حتى تحولت الحظيرة إلى شلة تعرف - بل وتحترف - كيف تدير شئونها.. وكان هذا ملحوظا خاصة خلال فترة حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك. وكان الحزب الوطنى نموذجا لمفهوم الشلة يندرج داخله مجموعات مصالح فى مجالات مختلفة.. وكان من يخرج من الشلة يصبح مغضوبا عليه. وعلى مدار سنوات تكونت مجموعات مصالح كثيرة وصار لكل شلة لوبى من الموظفين داخل إدارات ومؤسسات مختلفة تعمل على خدمة المصالح.

مفهوم الحظيرة والشلة كان أشهره حظيرة فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق، الذى استطاع تكوينها على أيدى سدنة نظام أبدعوا فى استئناس معارضيه.. فتحولت الحظيرة إلى شلة.

لكن بعيدا عن الخوض فى تفاصيل شلة الثقافة، ومدى فاعلية أثر وتأثير وجودها إلى الآن.. مما لا شك فيه أن هناك مجموعات مصالح صارت تتكون وتتشكل داخل مؤسسات كثيرة وتشكل خطرا. . فما سقط نظام مبارك إلا بسبب شلة أفسدت. . وما ثار شعب مصر إلا عن غضبة عنيفة من محاولات شلة الإخوان الإرهابية فرض قياداتها وعناصرها على مؤسسات الدولة.. وهو ما يدعونا للحذر من تكرار مفهوم الشلة وثقافة جماعات المصالح الخاصة.

لدينا دولة نريد أن نبنيها. . ورئيس مهموم ببناء دولة قوية. . وشعب ما أحب ولا عشق تراب هذا الوطن إلا لأنه يريده دولة. . وشهداء ضحوا بأرواحهم من أجل وطن حر.

اعتقد أن مفهوم الدولة يتطلب من كافة المسئولين مراجعة أنفسهم. . بالتجرد واختيار أصحاب الكفاءات والكف عن سياسة الترضية على حساب المصلحة العامة. فأولئك الذين لا يفكرون إلا فى مصالحهم، ويرسون مبادئ وثقافة الشلة على مصالح الوطن.. هم أشد خطرا على الدولة. فاحذروهم!


موضوعات متعلقة..


محمد مندور يكتب: إنقاذ الشعر النبطى








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة