جمال أسعد

إشكالية البرلمان

الثلاثاء، 02 فبراير 2016 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تُدار الدول، وتتقدم الأوطان، وتتحضر الشعوب من خلال رؤية شاملة واضحة تشمل كل المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وذلك للوصول إلى الأهداف الاستراتيجية التى يجب أن يكون حولها توافق وطنى، وإن اختلفت المواقف وتباينت الرؤى حول الأساليب والآليات التكتيكية لتحقيق هذه الأهداف.

كما أن الديمقراطية بمفوهمها العام والأشمل هى تصارع سياسى مشروع ومقنن حول تلك الرؤى وهذه الأهداف، وهذا يعنى أن يكون لكل نظام ولأى حكومة رؤية وتحديد للهدف وامتلاك الآليات لتحقيقه.

وإذا كان البرلمان هو المنوط به دستورياً وعملياً رقابة الحكومة ومتابعة أعمالها لتحقيق هذه الأهداف التى التزمت بها زمام البرلمان، فمن الطبيعى أن يمتلك عضو البرلمان هذه القدرة على القيام بهذه الرقابة والتى لا تكون بغير امتلاك رؤية سياسية محددة ودرجة من الوعى السياسى تؤهله للقيام بهذه المهمة، ولذا وجدنا فكرة التعددية الحزبية هى الأسلوب الأمثل لممارسة هذه الديمقراطية وللقيام بالدور السياسى المطلوب.

وإذا كان النواب المستقلون غير منتمين لأحزاب إلا إنه لابد أن يكون لديهم الحد الأدنى من الوعى السياسى الذى يمكنهم من القيام بدورهم النيابى فى الرقابة والمتابعة، وهذا لن يكون بغير تلك الرؤية وذاك الموقف، فأين هذا من هذه التشكيلة البرلمانية الحالية؟!

لا شك أن هذه النسبة من المستقلين قد تجاوزت نسبة نواب الأحزاب، مع الوضع فى الاعتبار أن أغلبية نواب الأحزاب لا علاقة لهم بهذه الأحزاب لا انتمائياً ولا حتى معرفة ما يسمى برنامج الحزب ولا أهدافه، ناهيك عن أن هذه الأحزاب لا علاقة لها بهذه البرامج الورقية الشعاراتية على أرض الواقع، حيث إن هذه الأحزاب ورقية ديكورية عائلية أغلبها وجد لتحقيق أهداف ذاتية ووجود شخصى وإعلامى، إضافة إلى تلك الأحزاب التى تعبر عن مواقف بعض رجال الأعمال، بهدف الضغط على السلطة عند اللزوم.

ولذا يمكن أن نقول إن هناك غيابا حقيقيا لتلك الرؤية السياسية، إضافة إلى غياب ما يسمى بحزب الأغلبية أو الحزب الحاكم، فما هى النتيجة؟!

لا شك أن رفض قرار بقانون الخدمة المدنية قد عبر وأكد على غياب تلك الرؤية السياسية وعلى وجود تصاعد فى الممارسة البرلمانية الأقرب للعشوائية التى تعتمد على زخم ومعطيات اللحظة الراهنة المتغيرة والمتذبذبة التى تعتمد على العاطفة، وتعلى من المصلحة الخاصة أكثر كثيراً من الموضوعية والمصلحة الجماعية.

كما أن رفض القانون، فى ظل تصاعد الدعوة لقبوله خاصة مما يسمى بدعم مصر وهو الذى يمتلك أغلبية تخول له تمرير القانون، إضافة لمواقف بعض الأحزاب الموافقة على القانون مثل حزب الوفد، يعنى غيابا تاما وخطيرا لضمان أغلبية محترمة تحتاجها كثير من القوانين المهمة، بل القضايا الخطيرة التى استحدثها الدستور، مثل محاكمة الرئيس أو الانتخابات الرئاسية المبكرة.

هذا المشهد يجعلنا نعيد الكثير من الحسابات، خاصة فى ظل الظروف الاستثنائية التى يعيشها الوطن، وأهمها كيفية إيجاد حياة حزبية حقيقية واقعية لا شكلية لإيجاد أرضية سياسية تؤسس لقيام ديمقراطية.

كما أن الإسراع لانتخابات المحليات سيخفف عن النواب الخدمات حتى يمكن أن يتعلموا ويدركوا أن مهمتهم البرلمانية أكبر وأهم من تلك الأكذوبة المسماة بالخدمات، وحتى لا يكون النائب ساعياً للبريد، والأهم هو تغيير النظام الانتخابى الذى أفرز هذا المجلس وحتى تكون بحق، مصر لكل المصريين وليس لبعضهم.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة