قال الدكتور نبيل العربى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، فى كلمته خلال افتتاح الدورة 97 للمجلس الاقتصادى والاجتماعى العربى، أن الاجتماع يأتى فى وقت تتوالى التهديدات والتحديات الخطيرة التى تواجه منظومة الأمن القومى العربى بأبعاده المختلفة؛ السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وأوضح العربى خلال بدء أعمال المجلس برئاسة البحرين، أن أبرز ما نواجهه من تحديات هى القضية الفلسطينية التى تتطلب تكريس كافة الجهود من أجل كسر معادلة الجمود الذى تمر به ووقف الانتهاكات والاعتداءات المتواصلة التى تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلى ضد الشعب الفلسطينى الصامد، وتعبئة كافة الجهود الدبلوماسية والمادية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى الذى تجاوز فى جرائمه وعدوانه وإرهابه كافة الخطوط الحمراء وفى سياسته وتماديه لتكريس احتلاله كل القوانين والقواعد الدولية.
وحول تطورات الأوضاع فى سوريا أكد العربى مجدداً على ضرورة تحمل المجتمع الدولى ممثلاً فى مجلس الأمن مسئوليته الكاملة إزاء التعامل مع مختلف مجريات الأزمة من أجل التوصل إلى إقرار خطة تحرك مشتركة تضمن إنجاز الحل السياسى للأزمة وفقاً لبيان مؤتمر جنيف (1) وما تلاها من تفاهمات وبيانات على المستوى الدولى لوضع الأزمة السورية على طريق الحل بدءاً بالإسراع فى وقف كافة أعمال القتال وتوصيل المساعدات إلى المناطق المحاصرة والمتضررة واستئناف المفاوضات بين ممثلى النظام والمعارضة برعاية الأمم المتحدة، وخاصة قرار مجلس الأمن 2254 بشأن تسوية الأزمة السورية من خلال عملية سياسية لوقف إطلاق النار وذلك للمساعدة فى إنهاء النزاع فى سوريا والإفراج عن المحتجزين وحماية النساء وأطفال، والبيان الذى صدر فى ميونيخ يوم 11 الجارى بما فى ذلك حث جميع الأطراف للتعاون فى وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع من هم فى حاجة إليها.
وحذر العربى من المراهنات على استمرار الوضع الحالى لأن ذلك سيكون وبالاً ليس على سوريا فقط وإنما على المنطقة برمتها بل وتهديد السلام والأمن الدوليين، مشدداً على ضرورة تضافر الجهود مع المنظمات والوكالات التابعة للأمم المتحدة وغيرها للتخفيف من معناة اللاجئين والنازحين فى سوريا وباقى الدول العربية التى تعانى من حالة عدم الاستقرار والاضطرابات.
ولفت العربى إلى أن الأزمات التى تمر بها بعض الدول العربية تتطلب تعبئة قدرات وجهود المنظمات العربية المتخصصة والمجالس القطاعية لوضع برامج عربية مشتركة للمساعدة فى إعادة بناء قدرات هذه الدول وبالذات فى مرحلة إعادة البناء وتجاوز آثار ما خلّقته هذه الصراعات والأزمات من دمار وخراب على مقومات الدولة وتأثيراتها السلبية على حياة الموطن فيها، مؤكداً على أن أخطر التحديات التى تواجه المنطقة العربية تلك المرتبطة بانتشار ظاهرة الإرهاب واتساع رقعة الأنشطة الإجرامية للجماعات المتطرفة.
وأكد على أن انتشار هذه الآفة الإجرامية ناتج عن الكثير من المسبّبات فى المجال الاقتصادى والاجتماعى، ويؤدى فى الوقت نفسه إلى تداعيات متواترة فى المجال ذاته، فزيادة معدلات الفقر وتراجع مستويات المعيشة وانهيار مؤشرات التنمية فى بعض المناطق العربية، وخاصة فى الدول التى لا زالت تشهد تحولات كبرى، كلها عوامل من شأنها أن تنشئ مناخاً ملائماً لاقتصاديات التطرف والحروب، ويزداد الخطر إذا ما تزامن ذلك مع انغلاق فكرى وتطرف وتشويه ثقافى وتزييف لمبادئ الدين الإسلامى الحنيف.
وأوضح العربى أن البُعد الاقتصادى والاجتماعى فى العمل العربى المشترك لا يقل أهمية عن البُعد السياسى أو الأمنى أو غيرهما من الأبعاد الحيوية والإستراتيجية فى مسيرة التعاون العربى، بل قد يكون أكثرها أهمية وأعظمها تأثيراً على المواطن العربى، لافتا إلى أن الأوضاع الراهنة التى نعيشها جميعاً إنما هى نتيجة لعملية متواصلة من التأثيرات المتبادلة بين مختلف هذه العوامل والتداعيات، مشيراً إلى أن مواكبة التغيرات الجارية من حولنا تستدعى، وعلى نحو عاجل، تطوير آليات تعاملنا مع هذه المتغيرات
وأكد العربى أن العمل التنموى الاقتصادى والاجتماعى العربى المشترك فى حاجة إلى المزيد من الجهود، مشيرا إلى أن أمام المجلس عدداً من الموضوعات الاقتصادية الهامة التى تتطلب قرارات حاسمة ومتابعةً مستمرة، لتسهم بدفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية التى لطالما يتطلع إليها المواطن العربى. ومن بين هذه الموضوعات، الملف الاقتصادى والاجتماعى المرفوع لمجلس الجامعة على مستوى القمة فى دورته (27) الذى سيعقد فى المملكة المغربية فى شهر أبريل القادم بالإضافة إلى موضوع تحرير تجارة السلع التى لا يزال يعتريها بعض العقبات والقيود الناتجة عن التعرفة الجمركية واتمام قواعد المنشأ التفصيلية.
وبالنسبة لتحرير تجارة الخدمات قال العربى أنه تم إطلاق جولة جديدة من المفاوضات، كما تم تحديد أولويات الدول فى القطاعات الراغبة فى التفاوض بشأنها وصولاً إلى تحرير تجارة الخدمات فى الدول العربية وإعطائها مكانها الحقيقى فى هيكل التكامل الاقتصادى العربى، بالإضافة إلى إنشاء سوق عربية مشتركة للكهرباء، وموضوع ميثاق المحافظة على التراث العمرانى فى الدول العربية وتنميته.
ودعى العربى المجلس الاقتصادى والاجتماعى للمشاركة فى أعمال المؤتمر الوزارى حول "تنفيذ أجندة التنمية المستدامة 2030، فى الدول العربية"، المقرر أن تستضيفه مصر، والذى سوف ترفع نتائجه للقمة العربية، وإلى الجمعية العامة للأمم المتحدة فى دورتها القادمة، كأول مؤتمر إقليمى على المستوى الوزارى فى العالم، يضع تصوراً للتحرك من أجل تنفيذ هذه الأجندة الطموحة.
نبيل العربى يطالب المنظمات العربية المتخصصة للمشاركة فى حل أزمات المنطقة
الخميس، 18 فبراير 2016 02:28 م
الدكتور نبيل العربى الأمين العام لجامعة الدول العربية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة