قالت الدكتورة أمل الصبان، إن الراحل الجليل الدكتور سيد عويس، أحد علماء الاجتماع الذى اهتم بخصوصية الثقافة القومية، وركز فى كل كتبه على التواصل الحضارى للشعب المصرى، وكان يرى أنّ ظاهرة ولع الشعب (مسيحيين ومسلمين) بالموالد هى امتداد لما حدث فى التاريخ المصرى القديم، لذا ذكر فى كتابه "الازدواجية فى التراث الدينى المصرى" أنّ "مكانة الآلهة المصرية انتقلتْ فى فترات التحول فى تاريخنا المصرى بعملية توفيقية إلى الأنبياء والقديسين ثم الأولياء".
وأضافت "الصبان" فى احتفال "الأعلى للثقافة" بمئوية سيد عويس أن عالم الاجتماع يعتبر الضمير الحى للمجتمع المصرى فى اهتمامه بهمومه الذاتية وتطلعاته المستقبلية، حيث حمل بأمانة تاريخه الذى أحبه إلى حدّ العشق، وعايشه بشفافية، وحلّل ظواهره وسماته العامة وأبدع فى نظرياته، تاركاً عطاءً خصباً من الكتب والدراسات والمحاضرات، التى لمست جذور المجتمع بالنقد والتحليل والإرشاد النفسى والتوجيه التربوي، لكيلا يجد الإنسان نفسه فى عزلة واغتراب فى وطنه.
وتابعت أمين عام "الأعلى للثقافة" أن الراحل الكبير كان يؤمن بالتجربة الذاتية ويعتقد أنها مهمة ومثلها مثل أهمية المدرسة والجامعة، وقد قال يومًا لابنه الدكتور مسعد عويس "سافر..وعش تجربة جديدة دون وجل..فالتجارب الإنسانية الواعية قناديل فى دربنا الطويل الذى قد لا يكون مفروشاً بالورود".
أشارت الدكتورة أمل الصبان لكتابه "لا للعنف" الصادر منذ أكثر من عشرين عاماً فعل التنبؤ بما يجرى فى مصر الآن، إذ استطاع أن يضع يديه مبكراً على بذور واحدة من الظواهر التى اجتاحت المجتمع، وهى العنف الموجه وربما الممنهج على شتى الأصعدة ومختلف الوجوه.
وأضافت الصبان أن الدكتور سيد عويس يرى أنّ العنف الذى مارسته الجماعات الإسلامية دخيل على الشخصية المصرية، وذلك "فى ضوء تراثنا الثقافى المصرى؛ إذ نجد أنّ المصريين القدماء عرفوا أنّ الرجل الفاضل يُسمى محبًا للسلام وبالنص الحرفى (حامل السلام) وكتب "إننى أدعو للسلام القائم على العدل، مع ملاحظة أنّ مفهوم العدالة نبت فى تربة مصر منذ آلاف السنين فى شكل إلهة العدالة (ماعت)، وكان شجاعًا وهو يُقر بالحقيقة التى يتغافل عنها الإسلاميون إذْ كتب (أعترف بأنّ الدين الإسلامى متغير، زمانًا ومكانًا، فالواقع يؤكد أنّ إسلام الخلفاء غير إسلام العصر الحاضر، وإسلام المصريين غير إسلام الإندونيسيين والسعوديين والإيرانيين إلخ، وأرجع السبب إلى الخصوصية الثقافية لكل شعب، فكتب أنّ المسيحية والإسلام عندما دخلا مصر "لم تكن مصر أرضًا بكرًا أو صحراء جرداء" بل إنّ مصر أعطت العالم القديم كله التحضر بعد أنْ نقلته اليونان عن مصر.
وأوضحت أمل الصبان أن كتاب "هتاف الصامتين: ظاهرة الكتابة على هياكل المركبات فى المجتمع المصرى المعاصر» له تأثير كبير على عدة مستويات من القراء بدءًا بالمفكرين والمثقفين وانتهاءً بطلاب المعرفة والثقافة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة