شاب خجول –هكذا شهد له الجميع- لم يتحكم أحد فى طموحه، فأصبح بعد سنوات من الجهد صحفيا شهيرا يحكى عن العالم أجمع، شجاعته قدرته على تحقيق ما يريد صنعت منه أسطورة فى الصحافة المصرية والعربية، اختلف أو اتفق معه معارض للنظام أو حتى مؤيد له كان هيكل ومازال من أهم وأقوى الصحفيين فى مصر والعالم العربى على حد السواء، هذا الشاب الذى خرج من باب الشعرية قاصدا بلاط صاحبة الجلالة، فلم يرض إلا أن يكون أستاذا متوجا على عرشها، فأصبح صحفيا شاهدا على العصر مشاركا فى أحداثه السياسية، فكان له تأثيره على كل الأوساط السياسية، وكذلك الصحفية منذ الملك فاروق وحتى الآن، بعيدا عن مشاركاته الصحفية الرائعة، وتاريخه فى العمل الصحفى الذى لن ينسى، قررنا أن نطرق باب آخر فى حياته، نبحث عن أصدقاء الطفولة وما تبقى له من ذكريات فى منزل باب الشعرية، الذى شهد على مرحلة مهمة فى حياة هيكل الذى جاء إليها طفلا وخرج منها أستاذا.
يجلس عم كمال يحكى عن ما تبقى له من ذكريات عن هذا الشاب الخجول الذى كان يمر مسرعا من أمام "دكان" أبيه حتى لا يلخظه الكثيرون، يقول عم كمال البالغ من العُمر 58 عاما، فهو جار الأستاذ محمد حسنين هيكل: "أنا كنت بشوفه وأنا صغير، وكان مثالا للأدب والأخلاق مش هو بس.. الحقيقة العيلة كلها كانت محترمة وفى حالهم جدا عمرهم ما اختلطوا بحد، كانوا فى حالهم والأستاذ كان خجولا وهادئا، وكل الناس بتحلف بحياته، والذى كان يعرفه كويس، ويعرف أهله وجوز أخته الأستاذ عصمت، كانوا كلهم ناس محترمة، بس الزمن بقى خلاهم يمشوا من هنا بعد عشرة طويلة، الست والدته توفت من سنين كتيرة قوى، أما أخته فضلت فى البيت لحد خمس سنين فاتت، وبعد كده سابوا الشقة وأهى سكنت وخلاص مبقاش فيها من ريحتهم غير الذكرى الحلوى".
يستكمل "عم كمال" حديثه قائلا: "كانت حياتهم هادية والزيارات ليهم بسيطة، لحد ما والده توفى، المشهد اللى عمرى ما أنساه أبدا، يوم ما الريس جمال عبد الناصر جه هنا بنفسه وسلم على كل الجيران عشان يعزى هيكل فى وفاة والداه، ووقتها طلبوا مننا إننا منبلغش أى حد من الشارع إن الريس هنا عشان الدنيا متتقلبش، وفعلاً الريس جه عزا ومشى وكان الجيران بس اللى عارفين إنه هنا، دى من الذكريات اللى لا يمكن حد ينساها، إن الريس دخل بيتنا عشان هيكل".
وينهى الرجل الخمسينى حديثه قائلا: "من 25 سنة كانت آخر زيارة ليه هنا، ومن ساعتها بنشوفه بس فى التليفزيون، نتمنى يرجع لينا هنا تانى، كل الناس هنا بتحبه وفاكره كل خير ليه".
أما على يسار العمارة التى حملت بين طياتها ذكريات الأستاذ يقطن الحاج أبو العلا، الذى يعرف عن الكاتب الصحفى الكبير محمد حسانين هيكل الكثير، يحكى قائلا :"أنا أعرفهم كويس جدا، وتحديدا الاستاذ محمد حسانين هيكل اللى كان جار لينا من أكثر من 40 سنة، وغيابه عننا زعلنا، وكان نفسنا يفضل موجود، كان وهو صغير ملوش صحاب كتير هنا، فى حاله، بس لما بقى شاب كان ليه أصحابه اللى كان بيقعد معاهم عند قهوة قشتمر، اللى دلوقتى بقيت خرابة ومكان مهجور كان شاهد على أصحابه وكاب يقعد مع نجيب محفوظ والناس ديه فى القهوة اللى كنا بنشوفه عليها ليل نهار، وكنا نتمنى إنه يفضل هنا، بس للأسف ساب المكان لأخته نادية ووالدته اللى توفاها الله من فترة طويلة، لكن أخته هى اللى فضلت هما لحد 5 سنين فاتوا وبعدها سابوا العمارة والمكان كله، بس محدش ينسى ليلة عزا والد الأستاذ محمد، ورغم الحدث الأليم إلا إنى كنت فرحان إنى شوفت الريس وسلم عليا، ويمكن ده من أحلى حاجة حصلتلى فى حياتى، وأخلى ذكر من ريحة الاستاذ هيكل ربنا يديله الصحة".
موضوعات متعلقة..
- وفاة الكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل
- جمال فهمى يكشف عن أخر كلمات "حسنين هيكل" لأبنائه قبل وفاته
- حسب وصيته.. تشييع جنازة هيكل من مسجد الحسين بعد صلاة العصر
- النائب البرلمانى محمد أبو حامد ينعى الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة