الانبا ارميا

"أغلى ما فيك!"

الأحد، 14 فبراير 2016 11:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كثيرًا ما نستمع إلى تقييمات البشر عن الأشياء وقيمتها، ويتحدث كثيرون منهم عن الأغلى والأجمل. ولٰكننى توقفت، متأملاً كلمات الشاعر الكاتب اللبنانى "جُبران خليل جُبران": "لا تدَع ثيابك أغلى ما فيك، حتى لا تجد نفسك يومـًا أرخص مما ترتدى!". ليتردد السؤال: ما هو أغلى ما فى الإنسان؟ ما هى تلك الأشياء التى حين يمتلكها يصبح إنسانـًا غاليـًا، بل لا يُقدَّر بأموال وثروات الكَون؟! فإذا بى لا أجد إلا أن قيمة الإنسان تكمن فى أعماقه، وفى طبيعة شخصه التى لا تُشترى بأموال.

فالإنسان المخلص هو إنسان لا يقدَّر بكُنوز الدنيا، والإخلاص لديه هو مبدأ فى الحياة: فهو يكون أمينـًا مخلصـًا فى عمله، وفى العَلاقات التى تربِطه بالبشر، وفى صداقاته، وفى آرائه، وفى مواقفه. يقول الشاعر الروائى المسرحى الهندى "طاغور": "إن الجمال هو الإخلاص". وقد اتفق الفلاسفة والمفكرون على أن الإخلاص هو العلامة التى يتحلى بها الإنسان النزيه الصادق، الذى فى طريق الحياة تجده يبدأ الرحلة معك من البداية حتى النهاية، لا يتخلى عنك، ولٰكن: احذر من أن تجرحه! فإن لجُرحه آلامـًا مُبَرِّحة، وإن لم تُصدر صوتـًا! والإنسان المخلص حينما يقدِّم إلى الآخرين فهو يفعل ذٰلك عن طيب خاطر، غير منتظر أجرًا أو مديحـًا، وإنما يسعد بتلك الراحة التى لا يُدركها إلا من يملِكون ضميرًا نقيـًّا.
أيضـًا الإنسان المحب هو كَنز نادر، فى زمن زاد فيه احتياج البشر إلى من يَقبلهم ويقدِّم إليهم المحبة الصادقة دون مقابل! تقول "الأم تريزا": "أعظم أنواع الجوع هو الشعور بأنك غير محبوب: لا أحد يهتم بك، ولا أحد يذكرك! فإن هٰذا أقسى من فقْر مَن لا يجد ما يأكله!.. فى كل مرة تبتسم لشخص تذكَّر أن هٰذا يمثِّل: عمل محبة، وهدية لشخص، وشيئـًا جميلاً". إن المحبة غير المشروطة تحتوى على جمال بهىّ، ينطلق فى حياة البشر كالعبير بين ثنايا أيامهم الجافة؛ ليخفف آلامهم فى منعطفات دُروبها. ومن خلال محبة البشر بعضهم نحو بعض، يَعضُدون الأنفس ويشجعونها فتمضى قدمـًا فى الطريق نحو قمم النجاح.

إنسان آخر يُعدّ أغلى من اللآلئ: هو من يحمل السلام فى قلبه، وينشره بين البشر. فبينما تنتشر الحروب والخلافات فى العالم، تظل صرخات الاحتياج إلى السلام تملأ أرجاء المسكونة، ليبرُز صانعو السلام وسْط ظلمة الطريق ويكونوا جسرًا يربِط ويُصلِح بين الناس، هادمين كل حاجز بينهم؛ ومع قيم السلام التى يقدِّمونها يزرعون المحبة والإخاء.

إن الصفات التى تحملها هى أغلى ما فيك!
فالمال والسلطان يمضيان، ويتبقى لك ما تحمله فى أعماقك!
فدَعه يكون كَنزًا تَغنَى به، وتُغنِى به العالم من حولك.
ترحل فى دُروب الحياة، وحين تنتهى الرحلة، يتردد فى أصداء الكون ما هو أغلى ما فيك!
• الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسىّ.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

اديب عطا الله

الله مقالة مريحة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة