فى الأيام القليلة الماضية كانت مصر مشغولة بمتابعة آخر أخبار السحر والشعوذة قبيل مباراة القمة بين ناديى الأهلى والزمالك، وقد ضاعف من هذا الانشغال تداول شائعات تفيد بأن إسماعيل يوسف مدير الكرة بنادى الزمالك ذهب للاتفاق مع ساحر بشبراخيت لعمل «سحر أسود» لكى يهزم نادى الزمالك النادى الأهلى، وبينما كنا نحن - فى العالم الخرافى - مشغولين بمتابعة أخبار السحر الأسود، كان العالم الحقيقى مشغولا بمتابعة آخر أخبار «الثقب الأسود» معلنا عن اكتشاف علمى غير مسبوق فى يوم لا أبالغ إذا قلت إنه أحد أهم وأكبر الأيام فى تاريخ العلم الحديث.
فى 11 فبراير 2011 تنحى مبارك عن حكم مصر، وفى 11 فبراير 2015 تنحى المستحيل عن حكم العقل البشرى، قالها العالم الكبير ديفيد ريتز المدير التنفيذى لمرصد الليزير الأمريكى العملاق «ليجو» مؤكدا أن فريقه العلمى تمكن من اكتشاف «تموجات الجاذبية» التى وقعت فى سبتمبر 2015، وبدون الدخول فى تفاصيل علمية كبيرة ومقعدة فإن اكتشاف هذه تموجات الجاذبية يجعل من نظرية أينشتاين القائلة بأن إمكانية السفر عبر الزمن أمر ممكن وحقيقة علمية راسخة بعد أن كانت افتراضا يفتقد الكثير الأدلة الواقعية، وقد تم هذا الاكتشاف العلمى المذهل بعد مائة عام من البحث المتواصل عن أدلة تثبت صحة ما قاله أينشتاين فى 1916، أى أن العالم – أقصد العالم الحقيقى طبعا وليس العالم الخرافى - صبر وبحث وأنفق المليارات ليتمكن من إثبات تلك النظرية، بينما نحن ننفق وقتنا ومالنا وجهدنا وعقلنا فى البحث عن «ساحر شبراخيت» الذى ادعى البعض أنه أعد «سحرا أسود» للاعبى الأهلى، وبينما كان العالم أيضا يقارن بين حركة الأفلاك واندماج الثقوب السوداء عبر الفضاء على بعد 1200 سنة ضوئية كان المصريون يقارنون بين الصورة المنتشرة لساحر شبراخيب والرجل الواقف بجواره متسائلين هل هذا إسماعيل يوسف أم شبيه له؟
حاول أن تبحث عبر محرك البحث «جوجل» لتعرف كيف يفكر الناس فى العالم الحقيقى وكيف نفكر نحن فى عالمنا الخرافى الذى تتحكم فيه الخرافات والخزعبلات ويتسيد فيه المشعوذون؟، حاول أن تبحث أكثر لتعرف كيف نغرق أطفالنا فى حواديت «أمنا الغولة وأبو رجل مسلوخة» بينما تقوم صحيفة الجارديان بعمل تبسيط شيق لأهم النظريات العلمية لأينشتاين ونيوتن وغيرهما من العلماء البارزين، ثم أخرج من بين صفحات الإنترنت لتعرف كيف يمنح العالم لعلمائه قيمة ويجعلون منهم قدوة بعمل أفلام رائعة عن واحد مثل «ستيفن كوكين» بينما نحن نصنع عشرات الأفلام عن «عبده موته» مستنسخين منه عشرات الشخصيات لـ«ننحت» على غرارها عشرات الأفلام التى تصور البلطجى كأهم الشخصيات وتصور الداعرات وكأنهن النموذج الأنثوى الأوحد، مستبعدين بذلك تماما ظهور واحد مثل ديفيد ريتز فى شبراخيت أو حتى فى شبرا النملة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة