حنان شومان

لن نرضى بالخوخ ولا بشرابه

السبت، 13 فبراير 2016 07:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صراع التاكسى الأبيض مع الخدمات الجديدة الفكر والأداء لتوصيل الأفراد مثل خدمة أوبر وكاريم وإيزى تاكسى، وغيرها مجرد نموذج لشكل الصراع بين عالم تقليدى التفكير، محدود الخيال، ضامن للزبون مهما كان مستوى الخدمة، وبين فكر وخيال بلا حدود، وقدرة على استخدام التكنولوجيا الحديثة لخدمة الفكرة، وكذلك قدرة على تحقيق أقصى راحة للمستهلك.

ربما كل مصرى ومن بينهم سائقو التاكسى يحملون هاتف نقال، ولكن أغلبنا لم ولن يفكر فى قيمة هذا الجهاز بأكثر من كونه يسمح له بالحديث فى أى مكان ووقت، ولكن هناك فى مكان بعيد رجل فكر وحلم بما هو أكثر.

ترافيس كالانيك شاب أمريكى نشأ فى كاليفورنيا بأمريكا، وفى سن الثامنة عشر اتجه لدراسة هندسة الكمبيوتر، ولكنه لم يكمل دراسته واتجه للعمل فى مجال محركات البحث على الإنترنت، ثم أنشأ شركة لبرمجيات الشبكات مع صديقيه وهما مايكل تود وفينيس بوسام، وفى غضون سنوات قليلة دخل لعالم المليونيرات، فقرر أن يقضى فترة من حياته متنقلاً فى العالم من أمريكا لآسيا لأفريقيا وأوروبا ولمَ لا وهو مليونير يستطيع أن يتصل ويعمل ويدير شركته وهو يحمل مجرد هاتف محمول متصل بشبكة الإنترنت.

وفى أثناء رحلاته من بلد لبلد وصل لباريس مدينة النور وخرج من المطار ليبحث على تاكسى ليقله فوجد صعوبة شديدة فى الأمر، وهنا كان السؤال لماذا لا توجد وسيلة يستطيع بها أى فرد أن يطلب تاكسى ليقله من خلال الهاتف المحمول، فكما ننهى أعمالنا بالهاتف والإنترنت من أى مكان لماذا لا نستطيع أن نجد وسيلة تنقلنا حيثما نريد وقتما نريد دون انتظار؟ ولم تكن إجابة السؤال إلا فكرة ذهب كالانيك ليحققها من خلال عمله فأسس مع مجموعة من رجال الأعمال أول نسخة من أوبر فى مدينة سان فرانسيسكو، وهو تطبيق على الهواتف المحمولة يسمح للفرد بطلب سيارة، حيثما كان تصله من أقرب نقطة يوجد فيها، وكانت التكلفة فى البداية تعادل 1.5 من تكاليف سيارة الأجرة التقليدية.

وفى ديسمبر 2011 طرقت أوبر أبواب العالمية، وكانت أول مدينة تقدم هذه الخدمة هى باريس المدينة التى أوحت له بالفكرة، وحرص كالانيك على تعيين بعض أفراد جماعات الضغط معاملين فى شركته ليساعدوه على التوسع، وكان من بينهم ديفيد بلوف أحد الذين قادوا حملة أوباما الانتخابية عام 2008.
وفى عام 2015 أعلنت شركة أوبر رفع استثماراتها لتصبح قيمتها 65 مليار دولار، وتصبح أكبر شركات التكنولوجيا الخاصة فى العالم.

تلك هى قصة فكرة حديثة لمشكلة مزمنة تحققت ببساطة وصحيح أنها تواجه صراعاً مع الوسيلة التقليدية للنقل بالتاكسى فى مختلف المدن، ولكنها تصمد، لأنها تجيب طلبات المستهلك ببساطة.

ولنصل الآن لمحطة أوبر وغيره من وسائل للنقل بالسيارات فى مصر، وقد طالعنا خبر منذ أيام بأن سائقى التاكسى تجمهروا ضد خدمة الأوبر ونصبوا كمين لعدد من السيارات العاملة من خلاله، حيث يرى سائقى التاكسى فى أوبر تهديد لأرزاقهم، وطبعا قد يرى البعض مثل ما يرى سائقو التاكسى من منطلق حرام ورزقهم والأقساط وغيره من تبريرات عاطفية أكثر منها عملية فى حقيقة الأمر، لأن الواقع يقول إن خدمة التاكسى فى مصر مثل غيرها من الخدمات لا تخضع لقانون يتم تنفيذه ولا لمستوى لائق فى التعامل ولا حتى لتعريفة محددة، فهل مطلوب من المستهلك للتاكسى أن يقبل بهذا فى الوقت الذى تتيح له خدمة أخرى مستوى أفضل وأرقى وأكثر ملائمة وفى كثير من الأحيان أقل كلفة.. لا أظن.

صراع أوبر وغيره من وسائل نقل حديثة والتاكسى التقليدى بمشاكله هو مجرد نموذج لصراع بين حسن الخدمة وبكارة الفكرة وتحقيقها لحاجة مستهلكيها وبين ضمان المستهلك، وبالتالى سوء الخدمة ومبدأ الرضى بشراب الخوخ عملاً بالمثل الشعبى الذى يقول اللى مايرضاش بالخوخ يرضى بشرابه، ولكن يبدو أنه قد آن للمستهلك المصرى فى بعض من شئون حياته ألا يرضى بالخوخ ولا شرابه ويحصل على ما هو أفضل من الاثنين.





مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

مواطن مصرى

ياريت تعمم

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة