الرئيس السيسى أعلن الحرب على «السلع الاستفزازية» المستوردة التى ينفق عليها المصريون مليارات الدولارات، وتتسبب فى أزمة الدولار والعملة الصعبة فى السوق المحلى، ولا يستفيد منها سوى حفنة من المستوردين فى مصر، دون أن يقابلها إنتاج. الرئيس أصدر أمس قرارا جمهوريا بتعديل فئات التعريفة الجمركية الواردة بالقرار الجمهورى رقم 184 لسنة 2013. والقرار يشمل بعض الفاكهة والعطور ومستحضرات للتجميل والعناية بالأسنان، وأصناف السراجة والعدة لجميع الحيوانات، وأطرا من خشب للصور أو اللوحات أو المرايا أو ما يماثلها، وكذلك أدوات المائدة وأدوات المطبخ من الخشب، وبطاقات بريدية مطبوعة أو مصورة، وبطاقات مطبوعة للتهانى والدعوات، وتقاويم من جميع الأنواع، مطبوعة، بما فى ذلك تقاويم المكاتب ذات الأوراق المنفصلة. كما شمل التعديل، أجهزة آلية تدار باليد تزن 10 كجم أو أقل، للاستعمال فى تحضير أو تهيئة أو تقديم الأطعمة أو الأشربة.
قرار الرئيس هو البداية الحقيقية للحد من دعم الاستيراد، والبدء فى معركة أخرى لا تقل أهمية عن معركة وقف الاستيراد وهى معركة الإنتاج والتصنيع من جديد، وتأهيل الصناعة المصرية وإعادة تشغيل المصانع المتعثرة منذ 25 يناير 2011 وحتى الآن التى تقدر ما بين 950 و4 آلاف مصنع، بسبب مشكلات نقص التمويل.
قرارات الرئيس أو الحكومة لوقف نزيف الاستيراد أو الحد منه، ورفع الرسوم الجمركى تتطلب خطوات عملية موازية لإعادة عجلة الإنتاج وتوفير المنتج المصرى وبجودة عالية فى الأسواق حتى يتاح البديل المقبول أمام المستهلك المصرى، وبالتالى عودة العمالة المتوقفة عن العمل فى المصانع المتعثرة منذ يناير 2011 وإتاحة فرص عمل جديدة.
وكما صرح منذ أيام محافظ البنك المركزى طارق عامر فإن مصر يمكنها توفير 20 مليار دولار من وقف استيراد السلع غير الضرورية، فمصر تحولت إلى دولة استهلاكها تعتمد فى استيراد حتى أقلام الرصاص وطعام القطط والكلاب من الخارج، ولا تنتج سوى %10 والباقى من الخارج، وكما يقول القول المأثور إياه «من لا يصنع قوت يومه لا يستطيع امتلاك قراره»، والدول تمتلك قرارها السيادى عندما يصبح لديها قاعدة إنتاجية زراعية وصناعية ضخمة ولا ترهن قرارها للخارج وتبعيتها له.
قرار الرئيس خطوة أولى، وسوف توفر لحصيلة الضرائب المصرية أكثر من مليار جنيه، ولابد أن يتبعها خطوات أخرى سريعة خلال الشهور القليلة المقبلة، وسوف يظهر تأثيراتها الإيجابية على السوق المحلى بشرط أن تتوحد جهود جميع الجهات الحكومية المعنية لدعم القطاع الصناعى بشكل سريع. والرئيس عليه أن يعقد اجتماعا عاجلا مع البنك المركزى واتحاد الصناعات وممثلين عن أصحاب المصانع المتعثرة لاتخاذ قرارات فورية بحل المشاكل التى تواجه هؤلاء، وهى مشاكل معروفة تتمثل فى المشاكل المالية الخانقة الناجمة عن الديون المتعثرة التى تهدد مستقبل القطاع الصناعى بأكمله. وحل الأزمة فى يد البنك المركزى، لأنها تتلخص فى أزمة التمويل منذ ثورة 25 يناير 2011، ما أدى إلى خروج عدد من المنتجات المصرية من المنافسة فى الأسواق العالمية. فالبنوك عليها دور كبير فى حل الأزمة الحالية باعادة جدولة الديون مرة أخرى إلى حين دوران عجلة الإنتاج، رغم أن البنك يذكر فى تقريره السنوى أن قطاع الصناعة حصل العام قبل الماضى على قروض تبلغ 21 مليار جنيه. والحكومة لديها خطط ووعود منذ 5 سنوات لحل كارثة المصانع المتعثرة.
حل الأزمة معروف ويحتاج إلى قرار سياسى بعد اجتماع جميع أطرافها واتخاذ قرارات و«تضحيات» من كل الأطراف، وتدخل حاسم من الرئيس الذى بدأ معركة غاية فى الأهمية ضد نزيف الأموال المصرية على استيراد السلع «الاستفزازية».
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة