كم من الجرائم ترتكب تحت غطاء حرية الرأى والتعبير ! وكم من الموبقات يجد النظام نفسه متهما برعايتها والدعوة إليها ؟!! .
هذه الأسئلة وغيرها قفزت إلى ذهنى وأنا أتابع حالة الهجوم المتتالية والمتكررة على "الحجاب"، ففي أسبوع واحد تقريبا تابعنا 3 حوادث مختلفة تنتهي جميعها ويربط بينها الهجوم على "الحجاب"، الذي نعتبره فريضة إسلامية، وحتى الذين لا يعتبرونه من المسلمين فريضة يعتبرونه زيا إسلاميا مكملا ومتمما لجوهر التدين الكامن فى القلوب والظاهر فى الشكل.
حاولت الجمع فيما يربط بين هذه الحوادث التى أصبحت مثار تساؤلات عديدة في الشارع المصرى عن الأسباب والتوقيت والكثافة فى الهجوم، والتنوع فى التناول، فعندما تأتى الشركة الراعية لحفل الفنان عمرو دياب لتعلن عن حرمان المحجبات من دخول الحفل المزمع إحياؤه فى 25 من هذا الشهر ، فيثير ذلك الحرمان عاصفة من الاستهجان والاستنكار بين جموع جمهوره وأغلبهم من الشباب، ليطرحوا تساؤلاتهم عن هذا الموقف الغريب والعجيب والذي يعد فرمانا فوق دستور الدولة ويعلو على قانونها الذي يؤكد في كل ماده ومواده" أن مصر دولة إسلامية" ليصبح المحجبات في هذا الوطن مواطنون من الدرجة الثانية ليس من حقهم الاستمتاع بالموسيقي أو مشاهدة مطربهم المفضل .
ورغم ما يحمله هذا الفرمان الذى يمثل واحدة من نقاط الهجوم على الحجاب ،وما يؤدي إليه من توتر واحتقان لدى جمهور المسلمين والتأثير على السياحة التي نبذل ونبحث فى كل الوسائل التى تعيد السياحة المصرية إلي سابق عهدها، إلا أن العامل الذي ظل مسيطرا على رؤيتي هو الهجوم على الحجاب باعتباره زيا وفريضة إسلامية.. ولولا تدخل الفنان عمرو دياب وتهديده بإلغاء الحفل حال تمسك الشركة الراعية بهذا الشرط، لفقد جانبا مهما من جمهوره فى كل الدول الإسلامية، وبقي هذا القرار الغبي واحدا من محاولات نراها متماسكة مع بعضها فى الهجوم على "الحجاب".
ثم تأتي واقعة السيدة النرويجية التي حاولت الدخول إلى إحدى القرى السياحية فى الساحل الشمالي فتدخل الأمن ومنعها من الدخول تحت دعوى أنها تلبس الحجاب، مما دعاها إلى التقدم بشكوى لسفارتها في القاهرة ضد هذه القرية السياحية، وهو الأمر الذي نقف عنده مندهشين، أن تتقدم أجنبية بشكوى ضد سلوك وصفته بـ"المشين" وما يمثله ذلك من اعتداء على حريتها الشخصية في أن تلبس ما تشاء، وبالشكل الذي تريد طالما أن ذلك لا يتعارض مع القانون والآداب العامة ..
أما الواقعة الثالثة والتي كانت أكثرهم فجاجة وهي واقعة الإعلامي مفيد فوزي فى لقائه ببرنامج "نظرة" والذي يقدمه الإعلامي حمدي رزق ،ليتحدث في أمر ما عهدناه قد تحدث فيه من قبل،فلم يتحدث فيما تحدث فيه من قبل قط ،وهو الأمر الذي يجعلنا نتوجس أن يكون ذلك في إطار سلسلة هجوم ممنهجة علي "الحجاب" ..عندما تحدث عن إمام الدعاة ووصفه بأوصاف ونعوت ما كان ليجرؤ مفيد فوزي أو غيره أن يتفوه بها في حياة فضيلة الشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي، لدرجة أنه قال إن كثيرا من الفنانات قد ارتدين الحجاب بتحريض من الشيخ الشعراوي .
وتحولت عباراته عن التحريض على الحجاب ، وأنه مهد للإرهاب والتطرف إلى أزمة مجتمعية كبيرة، وهو الأمر الذي نراه واحدا من حلقات الهجوم على الحجاب الإسلامى ، فأعطى لإعداء الوطن بوقا ينالون فيه من مصر، وأن مفيد فوزي يضرب في عمق الاتجاه الذي تضرب فيه السلطة، وهو بذلك قد يكون قد أطلق سهما في اتجاه السلطة، وأعطى للمتربصين بالوطن سهما يطلقونه على مصر وعلى السلطة،رغم أن السلطة بريئة مما يدعو إليه مفيد فوزي.
وإزاء هذه الحالات الثلاث التي تعكس تطورا مخيفا في المجتمع المصري، فإننا نخط ملاحظاتنا حولها علي النحو التالي :
أولا : هناك من يخطط لإثارة الأزمات في الشارع المصري في ظل أزمة اقتصادية تخنق الناس، ويعلم هؤلاء الذين يخططون لإحداث الفرقة والوقيعة داخل المجتمع أن المسلم يحتد عندما يجد من يتطاول على الدين وثوابته ، وهو الأمر الذي يؤدي إلى الفعل ورد الفعل الذي يؤدي إلى اشتباك فكري ، وقد يتحول إلي اشتباكات أخري تعطل المسيرة التي بدأناها في طريق التنمية والتقدم، وهؤلاء الذين يتقنون فى تصدير الأزمات يبدون في ظاهرهم في لباس الفضيلة أو ارتداء أوشحة التسامح، وهم في حقيقة الأمر يحقنون المجتمع بأمصال تفرقهم ولا تجمعهم ، وسموم تأكل في قوى المجتمع.
ثانيا : إن الهجوم على الحجاب وما يؤدي إليه من احتقان قد يكون الخطوة الأولى في سلسلة الحلقات التي تسعى للنيل من الإسلام ، وهو ما يصوره البعض بأنه هجوما يبدأ من الشكل ثم ينطلق للمضمون، والشكل يقوم به بعضا من هؤلاء ، ثم يترك أمر المضمون لأشخاص آخرين مدفوعين بأسباب تتعلق بالمرض النفسي أو تتعلق بالبحث عن الشهرة أو المال أو تتعلق بتنفيذ أجندات خارجية، وهو الأمر الذي ينطبق على أمثال عبد الله نصر الملقب بـ "ميزو" والذي أحاله المستشار النائب العام إلتى مستشفى الأمراض النفسية بالعباسية للكشف على قواه العقلية.
ثالثا:الغريب أن بعض الأقلام والآراء ربطت بين هذه الاحداث وغيرها بما يحدث في فرنسا وبعض الدول الاوروبية من منع للحجاب واعتبار ارتدائه جريمة، وهو الأمر الذي يؤكد ضحالة بصرهم ورؤيتهم، فلكل دولة دستورها وقانونها ،حتى أن فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر أفتى بأن المسلمين القاطنين في هذه البلاد عليهم الالتزام بقوانين البلاد التي يعيشون فيها.. ثم نأتي لمصر الدولة الإسلامية الأهم، وبلد الأزهر الشريف حامي حمى الإسلام في العالم ليتطاول البعض علي الفرائض الإسلامية في غياب من الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية !!..
رابعا : إن مثل هذه التراهات تتحمل السلطة أوزارها رغما عنها ، لدرجة أن الأبواق المتربصة بمصر أخذت هذه الروايات وغيرها لتعتبرها مرتكزا في الهجوم على الدولة المصرية تحت دعوى أن السلطة هى التي تسمح لهذا أو ذاك دون وعي أو فهم، أو بفهم في إطار المؤامرة على الوطن أن ينالوا من الثوابت الدينية والمجتمعية فيحدثوا الوقيعة والبلبلة في الشارع..
وهنا نقول لمصر قاطبة، وللمسلمين في كل ربوع الدنيا" اطمئنوا فالسلطة تسعى بغير هدوء أو كلل إلى تعظيم القيم والمثل الإسلامية، لأن مصر دولة مسلمة، وستبقى أبد الدهر على إسلامها وتسامحها، وإن روابط المسلمين والمسيحيين فى مصر لن ينال منها أولئك الذين لا يدركون معنى ما يقولون، أو أولئك الذين يقولون ويتآمرون على استقرار الوطن.. السلطة بريئة مما يفعل الذين تكرس فى عقولهم المكر، أو عدم الوعي، أو الباحثين عن الشهرة، والقانون فوق كل ذلك هو الذي يقتص من هؤلاء ،والقضاء علي منصته هو عنوان العدالة" .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة