تحتفل مجلة المصور بمولد الهادى البشير صلى الله عليه وسلم على طريقتها الخاصة، ولذا أعدت عددا خاصا بالمولد النبوى الشريف يتكون من 360 صفحة من القطع الكبير، وقد كتب فيه الكثير من الكتاب والصحفيين ومنهم غالى محمد رئيس تحرير مجلة المصور ورئيس مجلس إدارة دار الهلال ومديرو التحرير وكتاب من خارج المؤسسة كثيرون.
على نهج الحبيب يطيب المسير، وعن هداه عينى لا تغيب.. لن تغيب أعيننا عن هدى رسول الله، لن تزيغ قلوبنا عن ثوابت رسالته، ما أحوجنا إليها الآن، فى زمن تاهت فيه الحقائق واختلطت الأوراق وارتفعت أصوات التطرف، وعلت سيوف الباطل، وتقدمت أكاذيب المنافقين، واتسعت مساحات الأباطيل، لا بديل عن التوقف والعودة سريعاً إلى رسول الأمة وقائدها، منه نأخذ العبرة ونقرأ العظة ونصحح المسار.
نقف هذه المرة على باب الحبيب نلوذ عشقا بسيرته، نستنشق عطر دولته المدنية، التى أسسها وثبت قواعدها وشد عودها ووطد أركانها، وما تُهنا إلا عندما شططنا عنها، وما تغربنا عن ديننا إلا عندما فقدنا بوصلتنا.
على باب الحبيب لن تذل الأقدام، ولن تخيب الآمال، ولن تتفرق بنا السبل، فبابه واضح المعالم، ودولته نورها مضيء وحدودها معروفة وأرضها ممهدة، لا غلو فيها ولا انحراف، من تمسك بها ارتقى كما ارتقى من عاصروه صلى الله عليه وسلم، فحكموا العالم وسادوا الدنيا، ومدوا فكرهم إلى مغارب الأرض ومشارقها، بينما نحن ببعدنا عن دولة الرسول تتساقط العروش من بين أيدينا، وتهتز الأرض تحت أقدامنا، وتنزف دماؤنا بأيدينا، نتناحر دون ثمن، نضحى بالكرامة من أجل مكاسب قريبة لا قيمة لها.
فى هذا العدد نقدم لمن يرون أنفسهم أوصياء على الدين ما يفضح ادعاءاتهم، ويكشف زيفهم، فالدين منهم برىء، والرسول عنهم بعيد.
من يقرأ هذا العدد وما به من مقالات وحوارات وتحقيقات سيجد كل كبيرة وصغيرة عن دولة الرسول التى أسسها على عينه، مبادئها وثوابتها التى شكلت ما يشبه الدستور الذى لم يخالفه أحد من خلفائه الراشدين ولا صحابته المقربين.
سيجد كل من يقرأ كيف كانت دولة الرسول مدنية، لا كهنوت فيها ولا جبروت لرجال الدين، فهو بحق رسول الدولة المدنية.
سيجد من يقرأ كيف كانت المواطنة عنوان هذه الدولة، والتسامح رسالتها، والعدل شعارها، والشورى نهجها، والحرية غايتها، والمساواة منهجها والعمل وسيلتها، والقوة مبدؤها، والإيمان عقيدتها.
كيف كانت المرأة مكرمة فى دولة رسول الله، وأهل الذمة مقدرون، والفقراء محميون، لا سادة فيها ولا عبيد، الجميع سواسية، يعرف كل إنسان واجبه قبل حقه.
رسالتنا فى هذا العدد ليس مجرد الاحتفاء بمولد خير البشر، وإنما أن نقول للعالم كله .. هذا هو الاسلام الذى اختصرتموه فى تنظيم صنعه الغرب؛ ليشوّه الإسلام اسمه "داعش".
وهذه هى دولة الإسلام الذى أبدعت المواطنة قبل أن يعرفها العالم، وصكت مواثيق حقوق الإنسان قبل أن يكتشفها الغرب، ويزايد بها علينا.
هذه دولة الإسلام التى لا يعرفها من يدّعون أنهم أولى بها، ويزعمون أنهم يريدون إعادتها، والحقيقة أنهم يريدون تمكين أنفسهم باسم الدين، يتاجرون بالإسلام لمصالح خاصة.
فى مصر بأزهرها نعرف دولة الإسلام على حق، نعرف اعتدالها وعدلها، ندرك ثوابتها ونسير عليها، لا نتاجر بالدين ولا نسترزق منه.
فمصر هى أكثر أرض ذكرت فى القرآن، وتحدث عنها رسول الله، ورغم ذلك تعانى من أهل الإسلام وتآمرهم عليها.
هذا عدد فى حب رسول الله، لكنه رسالة لأمة رسول الله أيضا، هذه دولة رسولكم فاهتدوا بها، وهذه أمتكم فخافوا عليها.