الفراق نوعان إما كليًا وهو أن تقطع التواصل تمامًا مع إنسان أو مكان أو ذكرى أو حيوان أو وظيفة... إلخ. أو جزيئًا وهو أن تقطع التواصل مع الجزء أو الطبع أو التصرف الذى لا يريحك استقباله من هذا الإنسان أو المكان أو الذكرى أو الحيوان.. إلخ، وتتعامل معه من خلال أى جزء لا يسبب لك أزمة حتى وإن كان هذا الجزء قليلاً جدًا.
فى هذه الأيام خاصة مع الظروف المحيطة فمن يجد لديه القدرة على استخدام أُسلوب الفراق الجزئى فهو يمتلك نعمة من الله مهمة لسلامه النفسي، وليعلم المثقفون أن هؤلاء البشر القادرون على تطبيق هذا النوع من الفراق فى حياتهم الشخصية، هم الأنفع لتولى المناصب القيادية فى أى مجال.. قد تلمع الآن فى أذهان الكثير ممن يقرأون هذا المقال علامات استفهام مفادها لماذا؟ وهذا أمر صحي للغاية، فالسؤال بـ"لماذا" يعنى أن العقل الآن لديه الاستعداد لتقبل الآتى:
إن ظللنا نبحث على أناس بدون أخطاء أو عيوب فنحن نبحث عن ملائكة وليس بشر، وإن أردنا الحياة بدون مشاكل فنحن بذلك نريد الجنة وليس الدنيا.. كما أن الثوابت فى النفوس والأشياء والأماكن أمر خيالى، حتى المناظر الطبيعية من الممكن تلويثها ومن الممكن تجميلها، وقياسًا على ذلك فأى إنسان مهما كانت به عيوب من وجهة نظرك ومهما كان واقع تصرفاته الخارجية ولكنه فى النهاية والأصل إنسان، أى من المؤكد أن به ميزة واحدة يمكنك من خلالها التعامل معه بصرف النظر عن عقيدته أو أفكاره أو جنسه أو جنسيته أو لونه، فهو فى المجمل (إنسان).. وقياسًا على ذلك فالوطن فى النهاية هو وطن، والجماد هو جماد بما يحمله من ذكريات.
لا تستعجلوا فراق الآخرين وهم على قيد الحياة، لأن الفراق قادم قادم بالموت فى يوم ما، لا تستعجلوا فراق أشيائكم وذكرياتكم وشوارعكم وأحلامكم فالفراق حتما قادم قادم بالموت فى يوم ما.
إن نظرية الفراق الجزئى هذه لابد وأن يتم تدريسها وتدريب أفراد أى مجتمع عليها بداية من الطفولة مرورًا بمراحل المدرسة والجامعة ويتم تقديمها كدورات تدريبية للأفراد العاملين بالمؤسسات الحكومية والخاصة، لأن معظم المشاكل الكبيرة تحدث نتيجة لقرارات صادرة من أشخاص ليس لديهم مرونة ولا تقبل للآخر المختلف، فهم يستعجلون الفراق والمقاطعة بسهولة ما يؤثر على عملية التواصل الاجتماعى وانتشار الكثير من أعراض المشاكل النفسية كالوحدة والانعزال والإحباط والاكتئاب... إلخ. لأن الكل ينتظر آخر بدون أخطاء وبالتالى لا يجده، ويظل الإنسان طوال حياته يعاشر أناسًا ويفارق أناسًا ويتخبط من مكان لمكان ومن وطن لوطن حتى يفقد استقراره النفسى من كثرة الفراق.. فلا تستعجلوا الفراق.
عدد الردود 0
بواسطة:
الكيميائى / مايكل جمال
كنت أنتظر هذا المقال منذ أمد بعيد
إبداعك هذه المرة دكتورة رشا الجندى يلمسنى شخصياً ، ففى حياتى أناس تنطبق عليهم صفة تعجل الفراق الكلى و طيلة عمرى أنادى بالفراق الجزئى للآخر أى طرح أسلوبه فى أمر معين و تحديد مساحات تعامل معه حسب أسلوبه فى مجمل المواضيع الحياتية التى أشترك معه فيها تحياتى لإبداعك الواضح هذه المرة دكتورتى رشا الجندى
عدد الردود 0
بواسطة:
الفارس العربى
مفارق
مساء الخير يا دكتورة المقال يا قطة بيفكرنى .باغنية شادية .والنبى وانت مسافر على البلد الغريب تفتكر انك سايب فى بلدك حبيب .نعم تعودنا على الفراق ..نسافر .الى اماكن ونظل بها ايام ونتعود عل اشخاص ثم نتركها .رغم العشرة .والتعود .هذه هى الدنيا بحلوها ومرها نحمد الله على نعمه .ولو ان اللى يتجوز واحدة .زى العسل كده هيسافر يروح فين .انا عن نفسى مش هسافر خالص .لا جزئى ولا كلى