ماذا بعد الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا اليوم، والذى قضى بمخالفة المادة العاشرة من قانون التظاهر لنصوص الدستور والخاصة بالإخطار؟ ماذا ستفعل الحكومة؟، وما هو رد فعل البرلمان؟ وهل بتأكيد المحكمة على دستورية عقوبة الحبس فى جرائم التظاهر سيتم الإبقاء على هذه العقوبات التى يرى البعض أن بها مغالاه، أم سيتجه البرلمان لإلغائها مثلما جاء على لسان رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان؟ ...أسئلة كثيرة تطرح نفسها بعد حكم المحكمة الدستورية العليا بشأن دعويين الطعن على المواد ( 8 و10 و7 و19 ) من قانون التظاهر.
الحكم خالف التوقعات بإلغاء العقوبات فى القانون
التوقعات والاتجاهات كانت تسير نحو عدم دستورية المواد ( 7 و 19 ) من القانون والخاصتين ببعض المحظورات والعقوبات عليها، خاصة وأن تقرير هيئة المفوضين بالمحكمة انتهى فى تقريره بالفعل إلى عدم دستورية المادتين، هذا فضلًا عن ما دفع به المحامين من أن العقوبات الواردة فى المادة ( 19 ) من القانون بها مغالاة فى تقدير العقوبة وتغليظها وعدم تناسب الجزاء مع الفعل، وأن هذا الأمر سبق وأن استقرت عليه المحكمة الدستورية العليا وهو مبدأ يتعلق بتناسب العقوبة مع الجرم، لكن الحكم فى النهاية خالف هذه التوقعات.
المستشار مجدى العجاتى وزير الشئون القانونية ومجلس النواب كان قد صرح لـ "اليوم السابع"، أن الحكومة تنتظر حيثيات حكم المحكمة الدستورية لتضعها فى اعتبارها أثناء التعديلات التى تجريها الآن على قانون التظاهر، مشيرًا إلى أن الحكومة بالفعل كانت قد شرعت فى وضع تعديلات على قانون التظاهر، لكنها كانت تنتظر صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا.
لكن هل ستقتصر تعديلات الحكومة التى كانت تتحدث عنها بشأن قانون التظاهر بعد حكم المحكمة الدستورية على تعديل المادة العاشرة فقط التى أبطلتها المحكمة الدستورية أم ستطول التعديلات مواد أخرى أبرزها عقوبة الحبس الواردة فى القانون؟
عضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعى: أتوقع أن تقتصر تعديلات الحكومة والبرلمان على المادة ( 10 ) فقط
المحامى بالنقض صابر عمار وعضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعى يؤكد على أنه من حق الحكومة ومن حق البرلمان أن يتطرقا إلى تعديل مواد أخرى بخلاف المادة العاشرة من قانون التظاهر، مشيرًا إلى ان الأمر سلطة مطلقة للبرلمان بصفته السلطة التشريعية، إلا أنه يرى أن الحكومة والبرلمان لن يقتربا من العقوبات الواردة فى القانون والمرجح هو الإبقاء على المادة 19 كما هى خاصة بعد أن أقرت المحكمة بدستوريتها.
وأضاف عمار المحكمة الدستورية العليا أكدت فى حيثياتها على أن العقوبة مناسبة للفعل، فما الذى يجعل الحكومة والبرلمان يخاطرا بتعديل على نص أقرته المحكمة الدستورية، وربما يكون التعديل المطروح من جانبهم محل طعن بعدم الدستورية.
وتابع عضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعى بشأن التصريحات السابقة بإلغاء عقوبات الحبس فى قانون التظاهر قائلًا : "أعتقد أن الحكومة كانت لديها تخوفات من صدور حكم بعدم دستورية القانون، لذلك كانت تخرج هذه التصريحات، لكن بعد التأكيد على دستورية العقوبات الواردة فى القانون، فأتوقع أن تقتصر تعديلات الحكومة والبرلمان على المادة ( 10 ) فقط."
وأشار عمار إلى أن حكم المحكمة الدستورية العليا اليوم هو إقرار بدستورية قانون التظاهر، مضيفًا أن الحكم بعدم دستورية المادة العاشرة لا يترتب عليه أى آثار تتعلق بوضع المحبوسين على ذمة القانون.
شوقى السيد : من حق الحكومة والبرلمان إجراء تعديلات على أى نصوص أقرت المحكمة بدستوريتها
"مازال حق الحكومة قائمًا فى كل وقت أن تعدل ما تشاء وما تراه مرسخًا لحقوق الانسان ومحققًا للعدالة حتى ولو كانت النصوص دستورية"..هكذا قال الدكتور شوقى السيد أستاذ القانون الدستورى، مؤكدًا على حق الحكومة والبرلمان فى إدخال التعديلات على أى نصوص طالما وجدوا أنها تحقق مزيد من العدالة والحريات.
وعن توقعاته إن كانت تعديلات القانون تطول مواد أخرى بخلاف المادة العاشرة، قال لـ"اليوم السابع"، الأمر يتوقف على ما هى فلسفة الحكومة أو البرلمان من التعديلات وما الهدف منها، وهل هى جادة فى إلغاء العقوبات فى قانون التظاهر أم أن التصريحات هى مجرد شو الإعلامى.
رئيس لجنة حقوق الانسان بالبرلمان : سنسعى إلى إلغاء العقوبات فى القانون
ومن جانبه، قال علاء عابد رئيس لجنة حقوق الانسان بمجلس النواب، أنه فيما يتعلق بالمادة ( 10 ) من القانون، والتى قضت المحكمة الدستورية العليا بمخالفتها للدستور، فإن الأمر يقتضى على الفور تعديل هذه المادة وإلغاء البند الذى يمنح الحق لوزير الداخلية بتغيير مسار التظاهرات، وكذا بمنع أو إرجاء التظاهرة لأسباب أمنية، مشددًا على أن المحكمة الدستورية العليا أحكامها وواجبة النفاذ لأنها تحكم من منطلق الدستور.
وفيما يتعلق بعقوبات الحبس فى القانون، قال رئيس لجنة حقوق الانسان لـ"اليوم السابع"، اللجنة ستعقد اجتماعًا لبحث التعديلات المقترحة على قانون التظاهر، مشيراً إلى أنه كلف مستشار اللجنة بأن يحضر حيثيات الحكم لكى يكون أمام اللجنة لتعديل المادة العاشرة من القانون، مؤكدًا على احترام أحكام المحكمة الدستورية العليا.
وفيما يتعلق بالعقوبات الموجودة فى القانون، قال أنه لا يزال يرى بأن يتم إلغاء عقوبة الحبس فى التظاهر، لأن التظاهر حق وتعبير عن حرية الرأى، وقانون العقوبات يتضمن عقوبات على نفس الجرائم المنصوص عليها فى قانون التظاهر، بالتالى قد نجد تضارب فى العقوبات، وقد لا نحتاج إلى ذكرها مرة أخرى فى قانون التظاهر، وعليه سننادى بإلغاء عقوبة الحبس فى التظاهر.