أنور الرفاعى يكتب: رهان روسيا وأمريكا على مصر.. رأت روسيا أن مصر خيار لمواجهة الحصار الغربى عليها.. واتجهت مصر نحو الشرق لمواجهة أوباما.. وبعد سقوط "كلينتون" انتهى الإخوان وبرزت قوة التأثر الدولى لمصر

السبت، 03 ديسمبر 2016 05:56 م
أنور الرفاعى يكتب: رهان روسيا وأمريكا على مصر.. رأت روسيا أن مصر خيار لمواجهة الحصار الغربى عليها.. واتجهت مصر نحو الشرق لمواجهة أوباما.. وبعد سقوط "كلينتون" انتهى الإخوان وبرزت قوة التأثر الدولى لمصر بوتين و أوباما

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يؤكد علماء السياسة أنها دائمة التغير حسب مصالح الشعوب، وهى أيضًا فن التعامل مع الواقع بحسب أدوات هذا التغير، وتبقى الإستراتيجيات تمثل القواعد الرئيسية لفكر الدولة، وهى أصول القيادة التى لا اعوجاج فيها.. وهى أيضًا التخطيط عالى المستوى، ومنها الإستراتيجية السياسية التى تضمن للإنسان أو المؤسسة أو الدولة تحقيق الأهداف من خلال استخدام وسائل مختلفة.. وتعرف الإستراتيجية بأنها علم وفن التخطيط والتكتيك والعمليات، وهى التى تفسر لنا قدرة الدولة على وضع خططها للتموضع فى منطقة مؤثرة فى صناعة القرار أو التأثير فيه على كل المستويات والأصعدة، سواء داخل الدولة أو فى النظام العالمى بكل تشابكاته وتعقيداته 
 
ورغم أن مصر استطاعت فى المرحلة الأخيرة ومنذ ثورة 30 يونيو 2013 أن تبلور لنفسها وضعًا إستراتيجيًا دوليًا، ورغم كل التحديات التى تواجهها الدولة المصرية داخليًا وخارجيًا، إلا أن قدرتها على قراءة تشابكات السياسة العالمية كانت بارزة فى صناعة علاقات دولية جديدة تضمن لمصر ثقلاً إقليميًا ودوليًا واضحًا.
 
فقد أدركت القيادة المصرية ذلك الرهان الروسى على مصر باعتبارها صاحبة البوصلة السياسية الادق فى المنطقة كونها محورًا إستراتيجيًا سواء أفريقيًا أو عربيًا، وفتحت القيادة السياسية خطوط التماس والتعاون المشترك مع روسيا والشرق لمجابهة الولايات المتحدة ودعمها الدائم للإخوان، وعندما تغيرت التوازنات الدولية بعد فوز ترامب المرشح الجمهورى فى الانتخابات الأمريكية، كانت الإستراتيجيات المصرية حاضرة فى المشهد بعد قدرتها على تفكيك ملابساته والدخول فى عمق هذا المشهد، حيث دارت الفلسفة السياسية المصرية فى هذا الصدد على محاور متصاعدة أهمها:
 
الأول: أن روسيا من أهم الدول التى ترى أن الإخوان هم مفسدة فى هذا العالم، وأن استمرار مناكفتهم لمصر بعد خلعهم بحكم شعبى وطنى سيعطل المسيرة المصرية نحو بناء علاقات وطيدة مع روسيا، خاصة فى ظل العلاقة المتينة بين القيادتين "بوتين والسيسى" وهو ما لمسناه فى طريقة وكيفية استقبال السيسى فى روسيا، واستقبال فلاديمير بوتين فى مصر.. وكان الموقف من الإخوان هو المشترك الأول بين السياستين المصرية والروسية العائدة بعد طول انقطاع.
الثانى: أن روسيا التى تقلص دورها الدولى فى السنوات الأخيرة، خاصة بعد الأزمة الأوكرانية والحصار الغربى عليها، أصبحت مصر خيارًا إستراتيجيًا روسيًا للخروج من تلك الشرنقة التى وضعها فيها الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، وبعلاقات روسية مصرية يمكن لروسيا فك هذا الطوق، خاصة فى ظل طموح بوتين استعادة الدور الدولى لروسيا، وفى الوقت ذاته كانت رؤية الدولة المصرية وهى تصعد فى قوة نحو استعادة الدور المصرى الذى كان قد تراجع بفعل السلبية تارة، وبفعل الفكر الإخوانى تارة أخرى، أنه يمكن استثمار التقدم العسكرى الروسى فى زيادة قدرات الجيش المصرى القتالية لتعود مرة أخرى قوة إقليمية ودولية لا تحافظ على أمنها القومى فقط، ولكن لتحافظ على خطوطها الاستراتيجية العربية وحماية أمن الخليج العربى.
 
الثالث: رأت الإستراتيجية المصرية أن الرهان على الولايات المتحدة الأمريكية هو رهان يفتقد الصواب فى ظل وجود باراك أوباما الداعم للإخوان والمتمنى عودتهم إلى حكم مصر، فتحول الرهان المصرى إلى الشرق مع روسيا والصين، ليكون تحالفًا اقتصاديًا وإستراتيجيًا تخشاه الولايات المتحدة الأمريكية خاصة أن الرؤية يومها كانت تشير إلى استمرار سياسية الولايات المتحدة الأمريكية بتبنيها الإخوان، لأن مؤشر الانتخابات الأمريكية الذى لم يكن قد لاح فى الأفق بعد يؤشر إلى فوز هيلارى كلينتون التى تدعم وتتبنى الإخوان، وأن فوزها فى هذه الانتخابات كان سيقطع بعلاقات أمريكية إخوانية لن يفتها أو يقوضها سوى تحالف دولى مصرى شرقى جديد يجابه الساسة "الكلينتونية" حال فوزها فى الانتخابات الأمريكية. 
 
ولكن جاءت الانتخابات الأمريكية لتضع خطوطًا سياسية دولية جديدة، يصبح لمصر فيها الدور الكبير، بعد أن تمخضت هذه الانتخابات عن فوز المرشح الجمهورى دونالد ترامب، وسقوط مدوٍ مفاجئ لـ"هيلارى كلينتون"، وأدركت القيادة السياسية فى مصر والشارع المصرى فحوى هذه الانتخابات، وهو ما رأيناه فى فرحة غمرت الشارع المصرى أكثر من الأمريكيين الذين انتخبوا دونالد ترامب، وعزز ذلك التوجه الشعبى تلك العلاقة التى ربطت الرئيس المصرى والمرشح الجمهورى الأمريكى قبل فوزه فى الانتخابات، ووضح ذلك من طريقة استقباله للرئيس عبد الفتاح السيسى على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ورهان ترامب على الرئيس السيسى باعتباره قائدًا قويًا ومؤثرًا وصاحب رؤية وإستراتيجية. 
 
وعزز الرؤية المصرية فى قراءة الموقف الدولى والتعامل مع ملفاته والتأثير فيه باعتبار أن رؤيتها تنطلق من فن الممكن فى اقتحام القضايا ورسم سياساتها بما يضمن لها القوة فى ظل الفورة السياسية والاقتصادية التى تقفز إليها مصر، عزز ذلك تلك العلاقة الهادئة بين ترامب وبوتين، وهو ما ينبئ عن سياسة مختلفة تكتيكيًا وإستراتيجيًا عن علاقاتهما السابقة.. ولكن ورغم هذا الدور المصرى الذى يتعاظم دوريا فى العالم بسبب قدرة مصر على التأثير الدولى والتفاعل مع هذه الملفات بقدر كبير من الذكاء والحنكة، فإن الخليج العربى وقف جامدًا بعيدًا عن المرونة الواجبة فى السياسة الدولية، فأظهرت دول الخليج عدم قدرتها على التعاطى مع المتغيرات الدولية، وكأنها آثرت السلامة بعدم الدخول فى تشابكات دولية كبيرة كانت لا تدرك بل وتخشى ملماتها، فأصبحت بعيدة تمامًا عن الدور الروسى الصاعد والمؤثر، وفى موقف الخصومة مع الولايات المتحدة الأمريكية فى نسختها الجديدة، وحتى الآن تواصل الحث عن مخرج بواسطة إستراتيجيات مستقبلية تضمن للخليج دورًا فى النظام العالمى، أو على الأقل تجنيبها مخاطره فى ظل المخاوف الخليجية من تنامى الدور الإيرانى وتهديده لاستقرار دول الخليج، وهو ما يضع على كاهل مصر البحث عن دور خليجى يضمن لدولة الاستقرار والسلامة لتصبح الرؤية المصرية الدقيقة هى القبلة السياسية الجديدة للعرب فى إطار الاستراتيجية المصرية التى أمنت الدور المصرى منذ أطلقت علاقاتها مع روسيا والشرق،وفى ظل علاقات أمريكية مصرية متنامية خلال المرحلة المقبلة.
 






مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

حسين رمضان

مصلحة مصر اولا

يجب على صناع السياسة المصرية أن يجعلوا لمكانة مصر قيمة وقامة بين الدول ... فعلينا عمل تكتل بين الامم لمصلحة مصر .

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة