قرأت لك.. فى "مديح الألم".. سيد البحراوى يحكى عن الراحة والتعب والإنسان

الخميس، 29 ديسمبر 2016 07:00 ص
قرأت لك.. فى "مديح الألم".. سيد البحراوى يحكى عن الراحة والتعب والإنسان غلاف كتاب فى مديح الألم
قرأت لك مع أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"احتمال الموت يجعلك أكثر قدرة على مراقبة تمثيليات الأحياء لترتيب مستقبل حياتهم، وما فيها من سذاجة وطفولة"، ربما كانت هذه المقولة التى كتبها المبدع والناقد الأكاديمى سيد البحراوى كاشفة بعمق عما أراد قوله فى كتابه "فى مديح الألم"، الصادر عن دار الثقافة الجديدة، والذى يحكى فيه تجربته مع مرض السرطان.

 

الكتاب ممتلئ بالمقولات فعندما تعرف أن "عكس كلمة الألم الراحة وليست السعادة" فإنك تقرأ الكتاب وتنتهى منه وتظل هذه الجملة ساكنة فى روحك لا تفارقها أبدا، كأنها اكتشاف "لغوى وفلسفى"، خاصة أن كلمة الراحة فى قاموسنا اليومى لا تأخذ حقها أبدا.

 

الكتابة عن المرض ليست بدعة، فكثير من الكتاب العالميين فعلوها من قبل، لأنهم عندما وجدوا أنفسهم فى محنة الألم تفجرت داخلهم حكايات ومقارنات وتعليقات، واكتشفوا أنهم فى حاجة للتعرف على أنفسهم من جديد كأنهم يولدون مرة أخرى.

 

لماذا يمدح سيد البحراوى الألم يقول "انشغلت بموضوع الألم، وشغفت به نحو عام قبل أن أبدأ علاج السرطان، ثم توقفت إجباريا.. بعد انتهاء العلاج المؤلم أعود إليه. أريد أن أمجده، باعتباره قرين الحياة، لا حياة بلا ألم".

 

والملاحظ فيما فعله الدكتور سيد البحراوى فى يومياته، أنه بعد دهشة البداية، انفصل عن شخص الإنسان المريض وبدأ فى مراقبته، وفى التعرف على نفسه من جديد، لكنه كان متنبها جيدا لعدد من الخصال الضرورية فى معركته مع المرض.

 

"أحاول إعادة التعود على البيت خاصة أشيائى الحميمة: الأوراق والأقلام، للتأكد من أنها ما زالت موجودة وفى مكانها" فى كل ما كتبه سيد البحراوى كان شخصا قويا يتقبل تضامن الناس معه من باب المحبة وليس من باب التعاطف، كما أنه احتفظ بعنده ولم يستسلم للمرض بسهولة، فأصر على ممارسة التدخين لأطول فترة ممكنة، لأنه لم يشأ أن يخضع لشروط المرض منذ البداية، ربما يبدو "البحراوى" فى كتابته عنيدا يفعل ما يضره، لكن الحكمة الأساسية فى الكتاب تكمن فى أن الإنسان لا يعرف بالتحديد ما الذى يضره وما الذى ينفعه، هى حياة نناضل فيها لكن على المستوى العام يتساوى فيها الحياة والموت.  

  

كان بإمكان سيد البحراوى أن يحول المحنة إلى بكائية يستثير فيها عطف الجميع وبكاء الفتيات المراهقات، لكنه شاء أن يتحكم فى تجربته فاختلط كلامه بالعاطفة، بحديث شجي عن حب الورق وأقلام الحبر، عن الأسرة وتقاربها وتباعدها، عن العلاقة الإنسانية الأصيلة منها والزائفة، عن التلاميذ المخلص منهم والجاحد، عن الأصدقاء الطيب منهم والشرير، عن التاريخ والحاضر والمستقبل.

 

الكتاب حديث عن الجامعة والمستشفيات والبلد والثورة والظروف الاقتصادية والجامعة العربية والمرحلة الانتقالية، عن العصافير وغرامها، عن الأخوة ومعانيها، عن الخير وصانعيه عن الإنسان بحزنه وفرحه. 

 

كان اختيار فكرة اليوميات موفقة جدا، لأن كل يوم له حالته النفسية الخاصة حسب الإحساس بالألم، لذا وجدنا تنوعا فى الكتابة بين التفاؤل والتشاؤم والأحلام والانكسارات، كذلك تعدد كبير  فى الموضوعات.

 

"لست نادما على أى شىء فعلته فى حياتى، ومستعد دائما لتحمل النتائج" هذه واحدة من أهم المقولات التى احتوى عليها الكتاب، وتعكس الرضا النفسى العام الذى كان لدى سيد البحراوى، والذى جعله قادرا على مقاومة المرض حتى الشفاء.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة