كثير من الأوضاع الصعبة تحتاج تدخلاً حاسمًا، أقرب إلى التدخل الجراحى الجذرى الذى يعيد الأمور إلى نصابها ويتخلص من الزوائد والمشكلات التى قد تسبب عبئًا خطيرا على الجسد، وقاتلا لاحتمالات استمراره ونموه، وهذا ما شهده العام 2016 عبر حزمة من الإجراءات والقرارات الحكومية الجادة والجذرية، فى إطار الإصلاح الهيكلى للاقتصاد المصرى وتحسين بنيته العامة وضبط العلاقة بين أطرافه، مستهدفًا تحسين مناخ الاستثمار المباشر وتقليل الفجوة بين الواردات والمصروفات وإصلاح بيئة العمل الاقتصادية بما يشجع المستثمرين على دخول السوق، وهى الإجراءات التى عبر عديد من المتخصصين عن أهميتها وأثرها الإيجابى، وإن لم يتضح بشكل ملموس وواسع حتى الآن، ولكن تتواصل شهادات ورؤى المتخصصين بالداخل والخارج لتؤكد أهمية الخطوات التى قطعتها الحكومة، وما تحمله من بشارات إيجابية، وفى هذا الإطار رسمت عديد من مراكز الأبحاث والدراسات الغربية، عددًا من السيناريوهات والتصورات المتوقعة لمستقبل الاقتصاد المصرى خلال الفترات المقبلة، والتى أجمعت على أن 2017 سيشهد انفراجة كبرى، وحالة واضحة من الاستقرار والثبات، بعد حزمة الإجراءات الجريئة التى أقدمت عليها حكومة المهندس شريف إسماعيل خلال العام الحالى.
معهد ستراتفور الأمريكى: مصر تشهد استقرارا فى 2017 وتجتذب استثمارات جديدة
وأكد تقرير نشره معهد "ستراتفور" الأمريكى للأبحاث، بشأن توقعاته لعام 2017 فى مناطق العالم المختلفة، على الصعيدين السياسى والاقتصادى، أن مصر ستشهد استقرارًا اقتصاديًّا فى العام المقبل، بما يكفى لتمكينها من صياغة سياسة خارجية مستقلة.
وقال التقرير، إن الحكومة المصرية ستنجح فى جذب استثمارات جديدة، وتوفير حزم تمويلية من شركاء خارجيين عبر هذه الاستثمارات، مشيرًا إلى أن القاهرة خفضت قيمة العملة الوطنية "الجنيه"، وأتمت اتفاقها مع صندوق النقد الدولى بشأن قرض بقيمة 12 مليار دولار، وأصلحت منظومة الوقود وخريطة أسعارها، غير أنها ما زالت بحاجة لتنفيذ مزيد من الإصلاحات الهيكلية الجوهرية.
"أكسفورد بيزنس" البريطانية: 2016 عام انتقالى مهم لمصر.. واستمرار التعافى
فى السياق ذاته، استعرضت مؤسسة "أكسفورد بيزنس جروب" البريطانية للاستشارات الاقتصادية، أبرز التطورات الاقتصادية التى شهدتها مصر خلال العام المنتهى، قائلة إن الإسراع فى برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى طال انتظاره يدعم حالة الثبات والتقدم ويؤكد استمرار التعافى الاقتصادى، لا سيما فى قطاعى الطاقة والتجزئة، وهو ما يجعل 2016 عامًا انتقاليًّا مهمًّا لمصر.
ولفتت المجموعة فى تقرير لها عن أبرز القرارات الاقتصادية لمصر فى هذا العام، على خلفية التقدم الذى حققته الحكومة المصرية فى الإصلاح الاقتصادى، بما فى ذلك تعويم الجنيه، وموافقة صندوق النقد الدولى فى منتصف نوفمبر الماضى على قرض بقيمة 12 مليار دولار، مشيرة إلى قرار تحرير سعر الصرف "تعويم الجنيه"، وقائلة إنه رغم فقدان العملة لنصف قيمتها تقريبًا أمام الدولار، ورغم المخاوف من أن ضعف الجنيه قد يؤدى لارتفاع أكبر فى معدلات التضخم، إلا أن البورصة المصرية قفزت قفزات كبيرة عقب هذا القرار، كما أن كثيرين من المساهمين أشاروا إلى أن تخفيض قيمة الجنيه سيزيد من المنافسة فى الصادرات ويفيد السياحة.
المؤسسة البريطانية: قطاعات عديدة استعادت الزخم.. وقطاع التجزئة يدخل المؤشر العالمى
وأشار تقرير "أكسفورد بيزنس جروب"، إلى أن عديدًا من القطاعات الاقتصادية فى مصر استعادت الزخم خلال العام 2016، منها قطاع التجزئة، إذ عادت مصر إلى مؤشر تطور تنمية التجزئة العالمى لأول مرة منذ العام 2011، متابعًا: "زيادة توليد الطاقة كانت معلمًا آخر لعام 2016، مع التركيز على المطالب المنزلية المتزايدة، والقطاع الصناعى المتنامى فى مصر"، موضحًا أن مصر تواجه تحديات هيكلية كبيرة وهى تستعد للعام الجديد، منها ارتفاع التضخم والعجز الكبير فى الموازنة وارتفاع معدلات البطالة والصعوبات الناجمة عن خفض مستويات الدعم، فضلا عن انخفاض قيمة الجنيه، ورغم ذلك فإن المستثمرين فى عدد من القطاعات ما زالوا متفائلين بشأن الأساسيات، ويمكن أن تكون الإصلاحات المستمرة حيوية ومهمة فى دفع عجلة الانتعاش المستدام.