"الرأسمالية"، مصطلح يراه البعض اقتصاديا متخصصا، لا يهم سوى أصحابه من ذوى الخبرات الاقتصادية أو المنتفعين منه كنظام اقتصادى لإدارة حركة رأس المال واقتصادات الدول، وفى ظل اعتماد الكثير من دول العالم على النظام الرأسمالى -باعتباره أحد أدوات الاقتصاد الحديث- وبحث البعض الآخر من الدول عن نظام جديد، خاصة بعد فشل نظام الأشتراكية "المدرسة المعارضة للرأسمالية"، وجب علينا إلقاء الضوء على تعريف هذا المفهوم بشكل متكامل، حيث يتناول هذا التقرير التعريف الشامل لمعنى كلمة "رأسمالية" وإيجابياته وسلبياته وخصائصه، وغيرها من الملامح المرتبطة بتوضيح هذا المصطلح.
أولا: معنى كلمة "رأسمالية"
يأتى معنى كلمة "رأسمالية" فى معجم المعانى "العربى"، كاسم منسوب لـ"رأس المال"، واقتصاديا، "هو نظام اقتصادى تكون فيه رُءُوس الأموال مملوكة لأصحاب الأموال الموظَّفة، وغير مملوكة للعمال".
وفى قاموس المعجم الوسيط، تعنى كلمة رأسمالية، "نظام اقتصادى تكون فيه ملكية وسائل الإنتاج كالأرض والمصانع، ملكية خاصة تستعمل من أجل الربح وعادة ما تكون حكرا على عدد قليل من الناس".
ثانيا: أنواع الـ"رأسمالية"
رأسمالية حديثة: وهى رأسمالية تسلم بتدخل الدولة فى بعض الميادين.
رأسمالية مستغلة: توظف الأموال لصالح الفرد دون مراعاة الصالح العام.
رأسمالية وطنية: توظف الأموال لصالح الفرد مع مراعاة الصالح العام.
ثالثا: معنى الـ"رأسمالية" كمصطلح اقتصادى
الرأسمالية هى نظام اقتصادى ذو فلسفة اجتماعية وسياسية تقوم على أساس تنمية الملكية الفردية والمحافظة عليها، وبما أن الرأسمالية تعزز الملكية الفردية، فإنها تقلص الملكية العامة، ويوصف دور الحكومة فى هذا المفهوم، على أنه دور رقابى فقط.
رابعا: تاريخ تأسيس الـ"الرأسمالية"
ترجع نشأة "الرأسمالية" إلى أوروبا، والتى كانت محكومة بنظام الإمبراطورية الرومانية التى ورثها النظام الإقطاعى، وما بين القرن الرابع عشر والسادس عشر ظهرت الطبقة البورجوازية كمرحلة تالية لفترة نظام الإقطاع، ثم تلت المرحلة البرجوازية مرحلة "الرأسمالية"، وذلك منذ بداية القرن السادس عشر ولكن بشكل متدرج، حيث ظهر وقتها الدعوة إلى الحرية.
خامسا: أســس الـ"رأسماليــة"
- البحث عن الربح بشتى الطرق والأساليب المشروعة، ولا يكون فيما تمنعه الدولة من ضرر عام كالمخدرات مثلا.
- تقديس الملكية الفردية، وذلك بفتح الطريق لأن يستغل كل إنسان قدراته فى زيادة ثروته وحمايتها وعدم الاعتداء عليها وتوفير القوانين اللازمة لنموها.
- عدم تدخل الدولة فى الحياة الاقتصادية، إلا بالقدر الذى يتطلبه النظام العام وتوطيد الأمن.
- المنافسة والمزاحمة فى الأسواق.
- نظام حرية الأسعار وإطلاق هذه الحرية وفق متطلبات العرض والطلب، واعتماد قانون السعر المنخفض فى سبيل ترويج البضاعة وبيعها.
سادسا: أشكال الـ"رأسمــالية"
الرأسمالية التجارية
ظهرت فى القرن الـ16 إثر إزالة مرحلة الإِقطاع، حيث أخذ التجار وقتها القيام بنقل المنتجات من مكان لآخر حسب طلب السوق فكان بذلك وسيطاً بين المنتج والمستهلك.
- الرأسمالية الصناعية
ساعد على ظهورها تقدم الصناعة وظهور الآلة البخارية التى اخترعها جيمس وات سنة 1770 م والمغزل الآلى سنة 1785 م، مما أدى إلى قيام الثورة الصناعية فى إنجلترا خاصة وفى أوروبا عامة، خلال القرن التاسع عشر، حيث يقوم هذا الشكل من الرأسمالية على أساس الفصل بين رأس المال وبين العامل، أى بين الإِنسان وبين الآلة.
الرأسمالية التنافسية
وتعتمد على علاقات التنافس بين المنتجين، حيث يأتى التنافس غالبا من خلال تخفيض الأسعار، ورفع ساعات العمل وتخفيض الأجور، ولكن استمرار التنافس يولد شركات كبرى احتكارية تقضى على العهد التنافسى.
سابعا: إيجابيات نظام الـ"الرأسمالية"
هناك إيجابيات كثيرة لنظام الرأسمالية أهمها :
1- المنافسة الحرة تؤدى إلى جودة الإنتاج والابتكار.
2- تطوير القدرات العلمية يدفع بعجلة التطور والتقدم.
3- تشجيع روح المبادرة.
4- ارتفاع الدخل القومى.
ثامنا: سلبيات نظام الـ"الرأسمالية"
1- ظهور الطبقية واستغلال العمال بسبب مبدأ الأسعار الحرة التى يعتمد عليه النظام.
2- تركز الثروة فى ايدى قليلة من المجتمع.
3- الاهتمام بالماديات على حساب أشياء أخرى.
4- حدوث أزمات اقتصادية حادة وتزايد حجم البطالة.
5- تقييد الحكومات والسياسات أمام الكيانات الاقتصادية الرأسمالية الضخمة والتأثير على القرار السياسى والتحكم فيه مما يؤدى إلى انحياز السياسة لطبقة بعينها، وهو ما ينتج عنه ضعف الخدمات العامة وخصوصا فى الدول النامية.
وبالرغم من المشاكل والأزمات المتكررة وعيوب هذا النظام التى قد تفوق مميزاته، إلا أنه لا يزال العديد من الآراء الاقتصادية التى تشجع هذا النظام وتدعو للاعتماد عليه، خاصة فى ظل تأكيدات الدراسات التى أجريت حول مدى صلاحية هذا النظام فى اعتماد اقتصادات الدول عليه، على أن النمو الاقتصادى فى ظل النظام الرأسمالى فاق كثيرا النمو الذى يتحقق فى ظل النظم الاقتصادية الأخرى.
فيما أكدت هذه الدراسات أيضا – والمؤيدة لفكرة التوجه والاعتماد على "الرأسمالية"- أن نجاح هذا النظام يحتاج لتوجيه نحو المسار الصحيح، وذلك من خلال السياسات الحكومية وجهود الجمهور العام لضمان استمرار عمل النظام الرأسمالى فى صالح المجتمع، علاوة على، ضرورة عمل المجتمع على انقاذ الرأسمالية من الرأسماليين، من خلال اتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية الأسواق الحرة – التى يقوم عليها النظام الرأسمالى- من سطوة جماعات المصالح الخاصة التى تسعى لعرقلة كفاءة أداء السوق.
عدد الردود 0
بواسطة:
Layla omar
لبنان
معلومات جدا قيمة ومرجعا يمكن الاعتماد عليه شكرا على النشر دامت عطاءاتكم