تظل الرائدات الريفيات بالوادى الجديد يعشن على أمل التثبيت فى وظائفهن كرائدات ريفيات يتبعن مديرية التضامن الاجتماعى، بعد أن قضين أغلب سنوات عمرهن ما بين 13 وحتى 20 عاما على أمل التثبيت فى تلك الوظيفة، حيث يعملن كـ"مؤقتات" برواتب وصل حدها الأقصى إلى 200 جنيه، وهو آخر راتب تقاضينه عما يقمن به من جهود وخدمات مجتمعية تتعلق بالتوعية المجتمعية للمرأة الواحاتية تجاه القضايا السلبية التى تعانى منها المرأة فى مجتمع الوادى الجديد، ورصد وتحليل وقياس مستوى انتشار تلك الظواهر من خلال عدة فعاليات وفقا للبرامج التى تنفذها المديرية والإدارات التابعة لها، بالإضافة للقيام بمهام وأعباء أخرى تتعلق بالعمل فى الحضانات التابعة للتضامن الاجتماعى وأعمال أخرى فى الإدارات قد يصل بعضها إلى حد الاستغلال من المختصين بتلك الإدارات للرائدات الريفيات، وتكليفهن بأعمال خارج نطاق اختصاصاتهن وهن لا يجدن سبيلا سوى الموافقة على ذلك، على أمل التثبيت بعد أن قضين أجمل سنوات عمرهن وهن يحلمن باللحظة التى يوقعن فيها على قرار التعيين دون جدوى.
وتكمُن مشكلة الرائدات الريفيات على مستوى مراكز المحافظة فى أنهن حينما استلمن العمل كرائدات ريفيات قمن بالتوقيع على إقرارات بأن هذا العمل تطوعيا ولا يحق لهن المطالبة بالتثبيت، وهو ما استغلته مديرية التضامن الاجتماعى أسوأ استغلال بانتهاك ادمية تلك الرائدات الريفيات وتشغيلهن بنظام أقرب إلى السخرة، فى ظل تدنى تلك الرواتب الزهيدة مقارنة بالغلاء الفاحش فى الأسعار وسبل المعيشة، حيث نظمت الرائدات الريفيات أكثر من وقفة احتجاجية وتقدمن بمئات المذكرات من أجل استجداء المسئولين، وعلى رأسهم وزيرة التضامن الاجتماعى ومحافظ الوادى الجديد وكافة جهات الاختصاص، ممن يفتخروا بما حققوه من إنجازات عديدة فى مجال دعم حقوق المرأة والتى كانت آخرها إبان زيارة نائب وزير الصحة ورئيس المجلس القومى للسكان والمجلس القومى للمرأة حيث احتشد قيادات المحافظة للتباهى أمام الضيوف بما حققته المحافظة من دعم وتوفير فرص عمل للمرأة واستعرضوا منتجات وأعمال حرفية هى فى الأصل من إنتاج تلك المؤقتات من الرائدات الريفيات موظفات الجمعيات الاهلية وجمعيات تنمية المجتمع المحلى.
ورصدت عدسة "اليوم السابع" نموذج مكرر لتلك المأساة التى تعيشها الرائدات الريفيات ممن أهدرن عمرهن كمدا ويأسا بعد أن باءت كل محاولاتهن بالفشل من أجل التثبيت فى تلك الوظيفة التى كبلتهن بقيودها، فلا إحداهن نالت التثبيت، ولا تمكنت من الحصول على فرصة أخرى للعمل نظرا لوجود رقم تأمينى خاص بهن باعتبار انهن موظفات تابعات للقطاع الحكومى، حيث تقول "ياسمين صبحى" إنها تعمل كرائدة ريفية منذ 13 عاما ولا تتقاضى سوى 200 جنيه راتب شهرى هى وزميلاتها ولا يتم تطبيق نظام التأمين الصحى أو الحوافز أو البدلات عليهن حيث إن إحدى زميلاتها كانت فى اجتماعى للرائدات الريفيات وأثناء عودتها لقريتها تعرضت لحادث مرورى وظلت تعانى لإصابتها وتحملها كافة نفقات العلاج على نفقتها الخاصة.
وأضافت ياسمين أنها لجأت لكافة الإجراءات التى يمكنها تفعيل قرار التعيين من خلال إرسال مذكرات وفاكسات والذهاب إلى مجلس الوزراء والمحافظة ومقابلة قيادات فى هذا الشأن وأعضاء مجلس النواب دون جدوى، ولا يردن أن يكون مصيرهن شأن مصير إحدى زميلاتهن التى قضت 40 عاما كرائدة ريفية مؤقتة ولم يتم تثبيتها أو حتى تقدير تلك السنوات التى قضتها فى خدمة المجتمع.
وتقول سامية يوسف رائدة ريفية إنها قضت 10 أعوام فى الوظيفة المؤقتة وهناك من هن أقدم منها ويقمن بكافة المهام التى يتم تكليفهن بها على أكمل وجه على امل التعيين ويبذلن من وقتهن وجهدهن الكثير من اجل ذلك الهدف إلا أن حتى الان لم يجدوا من ينصفهن بعد كل تلك السنوات ولا يعرفن سبيل أو باب يطرقونه وخاصة أن اغلبهن يعشن ظروفا مادية صعبة تجعلهن فى أمس الاحتياج لهذا التعيين حتى يتسنى لهن الاستقرار النفسى والاسرى والمجتمعى حيث اصبحت حياه كل الرائدات الريفيات تدور فى فلك قرار التعيين مما أدى لإلحاق الضرر النفسى والجسدى بهن من فرط التفكير والمعاناة.
وناشدت الرائدات الريفيات رئيس مجلس الوزراء بفحص ملفهن وإصدار توجيهات بتقنين أوضاعهن، وخاصة أن محافظة الوادى الجديد تلقى اهتماما كبيرا من الدولة والحكومة بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، ويتم رصد ميزانيات هائلة من اجل تحقيق اهداف الدعم المجتمعى وتحقيق طموحات المرأة الواحاتية فلا يعقل أن تقوم الرائدة الريفية بدورها فى علاج القضايا السلبية والممارسات الغير سوية ضد المرأة وان تنفذ البرامج التوعوية والإرشادية عن قناعة وهى ما زالت تخضع لأقسى أساليب الاستنزاف المهنى من المسئولين بمديرية التضامن الاجتماعى، ومحافظ الوادى الجديد الذى أثبت عجزه عن حل تلك المشكلة حتى الآن.