"إن صراعات البشر التافهة على الحدود وعلى النفط والأديان تتلاشى عند معرفة أن هذه الكرة المحاطة بخواء لا نهائى هى موطننا المشترك، بل وأكثر من هذا؛ الموطن الذى نتشارك معه، وندين له بأكثر اختراعات الحياة روعة"، هكذ بدأ الكاتب نيك لين مقدمة كتابه "ارتقاء الحياة: الاختراعات العشرة العظيمة للتطور".
فى هذا الكتاب يصف "نيك لين" كيف غير كل اختراع من الاختراعات العظيمة للتطور- بداية من الحمض النووى دى إن إيه إلى التكاثر الجنسى، ومن الدم الحار إلى الوعى وأخيرًا الموت - شكل الحياة، بل والكوكب ككل على الأرجح.
ويقول "لين": "هذا الكتاب يدور حول أعظم اختراعات التطور، وكيف غير كل اختراع منها من وجه العالم الحى، وكيف تعلمنا نحن البشر أن نقرأ هذا الماضى ببراعة تضاهى براعة الطبيعة ذاتها، إنه احتفاء بقدرة الابتكار العجيبة للحياة".
والاختراعات التى يدور حولها الكتاب من وجهة نظر "لين" هى "أصل الحياة، دى إن إيه، عملية البناء الضوئى، الخلية المعقدة، التكاثر الجنسى، الحركة، الإبصار، الدم الحار، الوعى، الموت".
ويرى الكاتب أن "التكاثر الجنسى" هو أكثر العوامل المعروفة بثٍّا للعشوائية فى الجينات الناجحة، كما يرى الكاتب أن الجنس كصورة من صور التكاثر ليس لديه القدرة وحده على تحقيق التنوع والاختلاف، وهى عملية غير محمودة، وطرح وجهة نظر بعض علماء الوراثة إذ يقولون: "إن ذلك التنوع غير المحدود وغير المحسوب، الذى يُحْدِثه الجنس، يمكن أن يؤدى بشكل مباشر إلى مشكلات البؤس والمرض".
وتأكيد لوجهة نظره استشهد الكاتب برواية للكاتب المسرحى الأيرلندى الراحل جورج برنارد شو، ومن تلك الحكايات أن ممثلة جميلة قابلته ذات مرة فى إحدى الحفلات وراودته عن نفسه، قائلة له فى دلال وهى تضحك: "يجدر بنا يا عزيزى أن ننجب طفلًا؛ إذ سينعم بجمالى الفتان ويرث عنك عقلك العبقرى"، فردَّ عليها شو قائلًا فى سخرية: "حسنًا، ولكن ماذا سيكون الحال إذا ورث جمالى أنا وعقلك".
الكاتب فى حديثه عن الابصار قال: "إن حاسة البصر نعمة نادرة فى الحياة، فلا تُوجَد أعين بالمعنى التقليدى، على الأقل فى المملكة النباتية، فضلًا عن الفطريات والطحالب والبكتيريا، وحتى فى المملكة الحيوانية لا تُعتبَر العيون من السمات الشائعة على الإطلاق"، قبل أن يسرد الفوائد التطورية للعيون فى الإنسان ومقابله فى النباتات والحيوانات.
"لا يمكن اعتبار أى إنسان سعيدًا حتى يموت" بتلك العبارة للسياسى الأثينى صولون، التى قالها لكرويسوس آخر ملوك ليديا، بدأ الكاتب حديثه عن الموت، وبرر الكاتب قائلا :"اليوم مع تقدُّم الطب، وإطالة أعمار البشر لكن دون تحسين صحتهم، فكل عام يُضاف إلى متوسط أعمار البشر، مع تقدُّم العلوم الطبية الحديثة، تقابله أشهر قليلة يقضيها المرء فى صحة طيبة، أما باقى الوقت فيعانى الإنسان الموت فيه تدهورًا مستمرٍّا، وتابع "فإننا نتمنى فى نهاية المطاف الموت، وقد يبدو الموت لنا كمزحة كونية قاسية، ولكن الشيخوخة فى الحقيقة حالة كئيبة".
صحيفة "ذا نيويورك تايمز" قالت عن الكتاب "بوضوح وحماس، يقدم "لين" الحجج والبراهين القوية بطريقته السلسة؛ ليظهر كيف نشأت المكونات المهمة للحياة المعقدة وآلياتها"، فما قال لويس وولبرت عنه بمقال بمجلة "نيتشر" "إنه كتاب ممتاز، واسع الخيال… ملىء بالمفاجآت، كتاب مذهل لكل من يهتم بالحياة وبالتطور.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة