إسلام الغزولى

دعوات واهمة

الأربعاء، 21 ديسمبر 2016 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

حتى نناقش شروط الحوار المجتمعى والسياسى الناجح علينا أن نتفهم ونتقبل أولا أن نقيض رفض الحوار هو نشر ثقافة العنف والعشوائية، ومن ثم فإن نشر ثقافة الحوار تعد بمثابة الوجه الآخر لتطبيق دولة القانون وإلزام كل أطراف المجتمع السياسية والاجتماعية باحترام القانون، ولا شك أن نشر ثقافة الحوار تتوقف على الكيفية التى يتم الدعوة بناء عليها والتى تنتهى لوجود آلية حقيقية قومية للتوافق والتعايش وتحقيق التوازنات العادلة، ومع تزايد الدعوات التى تهدف إلى نشر ثقافة الحوار فى المجتمع المصرى وما شهدته من تصاعد لدعوات إيجابية تعى أهمية هذا الحوار ودوره فى احتواء كل طبقات المجتمع المصرى، فقد نشأت دعوات أخرى بذات المسمى ترتدى ثوب المصالحة والتعايش السلمى، ظاهرها نشر لثقافة الحوار إلا أن باطنها يسعى للخلط والتدليس ومنح طرف من الأطراف الحق فى استخدام العنف.

 

الحق أن نتجاهل هؤلاء لأن ثقافة الابتزاز واستخدام العنف والتفجيرات والقتل يعنى أننا نتحدث عن مجرد مساومة، لا حوار ولا احترام متبادل فيها، فلا يكون هناك حوار حقيقى إلا بين أطراف واعية اختارت رفض العنف، وتسعى من خلال الحوار للحصول على تحقيق توازنات عادلة تضمن استمرارية الحوار كآلية وحيدة للحصول على الحقوق والتعايش والوصول للتفاهمات التى تحقق مصلحة جميع الأطراف المشاركة فى ذلك الحوار.

 

ولا شك أننا نعانى فى مصر من أزمة مستمرة فى اختزال مفهوم كلمة حوار، فالبعض منا يختزل أطراف الحوار فى الأقطاب السياسية بما فيها الجماعة الإرهابية ويتنسى أن هناك كتلة حرجة كبيرة فى المجتمع المصرى ما زالت خارج التصنيف السياسى تماما، ويمكن تقسيم هذه الكتلة لطبقات اجتماعية ونوعية وفئات عمرية، ولكل من هذه الفئات حق أصيل ومصالح مشروعة يجب احترامها إذا ما كنا بصدد الحديث عن حوار حقيقى، مثمر يفضى إلى تغيير على أرض الواقع.

 

وكانت هذه هى الثغرة الخبيثة التى اعتمدت عليها جماعة مثل الجماعة الإرهابية أثناء ثورة 25 يناير 2011 للمبالغة فى تقدير قوتهم على الأرض، واكتساح انتخابات البرلمان فى 2011 اعتمادا على التلاعب بمشاعر هذه الكتلة غير المسيسة.

إن الدعوة إذا للحوار مع الجماعة الإرهابية وفق شروط اللحظة الحالية وهم مستمرون فى إرهاب المجتمع وتهديده لا يمكن أن تسمى حوارا بل هى مساومة خبيثة وابتزاز لكل طبقات المجتمع، واستسلام منا فى مواجهة حملة السلاح وقتلة الأبرياء، وإذا افترضنا جدلا أنه يمكن أن يستجيب جميع الأطراف لدعوة الحوار مع جماعة تحمل السلاح يعنى أن كل الأطراف الأخرى فى هذا الحوار ستستمع إلى مجموعة من النقاشات الشكلية لتحقيق شروط الجماعة لتتظاهر بالتوقف عن العنف مرحليا وصولا لإدامجهم فى المجتمع مرة أخرى وإطلاق سراح مجرمين مارسوا جريمة القتل العمدى لأبناء الشعب المصرى.

إن تلك الجماعة إضافة إلى ممارستها لسياسة الابتزاز والمساومة طوال تاريخها تؤمن بأنها طرفا أعلى من بقية الأطراف فى المجتمع، وأنها وحدها هى من يمتلك المعرفة المطلقة، وهو الأمر الذى يجب أن نعيه جيدا لنفهم منه هذه العقلية، وعلينا هنا تأمل شعارات الجماعة بداية من "الإسلام هو الحل" ثم "مشاركة لا مغالبة"، والذى سبق انتخابات البرلمان فى 2011 والتى كانت الجماعة تعد بأنها لن تنافس إلا على ربع مقاعد البرلمان وانتهت الانتخابات إلى المنافسة على أكثر من 80% من المقاعد، وسط مخالفات انتخابية جسيمة.

ومن ثم فإن مثل تلك الدعوات المغلفة بمسميات الحوار المجتمعى مع كل أطياف المجتمع هى دعوات مساومة تهدد أمن وسلام المجتمع بأثره.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة