تعد صناعة الفحم واحدة من الصناعات المربحة والتى ينتج عن العمل بها ثروة مالية كبيرة ، على الرغم من عدم دخول الفحم فى الاستخدامات اليومية بكثرة فيقصر استخدامه على التدفئة ، أو المقاهى ، وكذلك المطاعم لتحضير الأطعمة المشوية على الفحم ، وتعتبر محافظة أسيوط واحدة من أكثر المحافظات إنتاجا للفحم والمصدره له نتيجة وجود عدد من المكامير بمعظم مراكزها منها قرية البلايزة بمركز أبو تيج ، وعرب العوامر بمركز أبنوب ، ومركز القوصية وديروط وصدفا .
وعلى الرغم من التجارة الرائجة للفحم بالمحافظة إلا أنه يمثل خطرا شديدا على العاملين والقائمين على تصنيعه فأكثر من 5000 عامل يمتهنون تصنيع الفحم بالمكامير وهم نفسهم مهددون بعدد من الأمراض الصدرية مثل السل والربو الشعبى والتهاب الرئة بسبب تواجدهم بشكل مباشر فى مواجهة مع الأدخنة الخارجة من تلك المكامير .
وعلى الرغم من الخطورة الشديدة التى تمثلها مكامير الفحم على العاملين به وذويهم والمحيطين بالأماكن التى تتواجد بها مكامير الفحم من الأهالى إلا أن اندثار هذه الصناعه ومنعها يهدد بالبطاله وبوقف تلك الصناعة، وهنا يكمن الحل فى توفير عوامل بيئيه مساعدة وصديقة للبيئية تتيح فرصة العمل فى تلك الصناعة بشكل لايسبب أى ضرر للعاملين به أو المحيطين من المواطنين بالاماكن التى تتم فيها هذه الصناعة.
"سعيد ثابت" 28 سنة أحد القائمين على هذه الصناعة ، قال انه ورث تلك المهنة عن أبيه وهى تفحيم الخشب، مشيرا إلى أن الفحم مهنه متعبه جدا ولا ينتهى الأمر فقط بحرق الاخشاب وانما يمر بعدة خطوات حتى يتحول من الاشجار إلى الفحم، وتلك المراحل هى شراء الاشجار وخاصة الانواع التى تصلح لتحويلها إلى فحم مثل شجر الفاكهة والحمضيات وتعد هى اجود انواع الاخشاب والاكثر طلبا ويصل سعر الشجرة فى الوقت الحالى إلى أكثر من 400 جنيه وبعد شراء الشجرة يتم تقطيعها وتجفيفها لمدة لا تقل عن العام ومن ثم رصها بشكل منتظم جنبنا إلى جنب بشكل افقى ولا يترك بها فتحات عديدة بين الصف والصف الآخر ، ولكن فتحات قليله جدا حتى تسمح بتمرير الهواء ، وخروج الدخان ولا يتم عمل فتحات سفلية وتشبه تلك الطريقة إلى حد كبير طريقة قمير الطوب حيث يتم تغطيته المكمورة بعد رصها بالقش المبلول ويتم اشعال النيران وتأخذ المكمورة وقتا لا يقل عن ٣٠ يوما فى العموم حتى تتحول إلى فحم.
وأضاف محمود على، أحد العاملين فى مكامير القمح، إنه عادة بعد إزالة الطبقة الخارجية للمكمورة لا يتم تبريد الفحم بالمياه لأن الفحم يفقد قيمته اذا ما تشبع بالمياه ولكن يتم إزالة الساتر العلوى ومن ثم فرز قطع الفحم ، مشيرا إلى أن التفحيم يختلف من نوع إلى آخر من الاخشاب فهناك اخشاب لا تستغرق وقتا طويلا فى تفحيمها اى لا تزيد عن ال ٢٠ يوما وهناك اخشاب تظل فى المكمورة لا كثر من شهر حتى تتحول إلى فحم ، فالفحم الصلب مثلا يأخذ وقتا طويلا فى التفحيم وهو المستخرج عموما من اشجار الصنوبر والبلوط ، ويتم تفحمه فى درجة حرارة ليست اقل من 400 مئوية .
وقال محروس سيد، صاحب مكمورة إنه على الرغم من أن تصنيع الفحم يعد تجارة مربحة حيث يتم شراء الشجرة بقدر مالى معين وتباع على هيئة فحم بضعف ثمنها 3 مرات وأحيانا أقل أو أكثر تبعا لجودة الخشب وكمية الطلب عليه إلا إنه مهنة خطيرة اذا ما تم العمل فيها بشكل غير منظم ومهنى ، بالإضافة إلى أن كثرة استنشاق الادخنه يصيب العمال دائما بنوبات من السعال الدائم ، واستنشاق الأدخنة يعد الخطوة الصعبة الوحيدة فى عملية التفحيم .
وطالب محروس وزارة البيئة بالنظر إلى أمر العاملين فى مكامير الفحم فقبل أن تقرر الوزارة إغلاق المكامير ومطاردة العاملين فيها عليها توفير بدائل فى الدخل أو على الاقل توفير وسائل مساعدة للعاملين فيها على عمل تلك المشاريع دون احداث اضرار للبيئة أو لصحتهم.
واضاف محمد على احد العاملين فى مكامير الفحم ، أن البيئة تطارد دائما تلك المكامير على الرغم من عملها فى اماكن خارج النطاق السكانى واختيار الاماكن القريبة من الصحراء حاى لا تتم اصابة السكان المحيطين بالادخنه وتعرضهم للامراض ، وطالب محمد أن توفر البيئة مشروعات صديقة تساعدهم على التواصل فى عملهم من اجل لقمة العيش قبل أن تهدم مصدر الرزق الوحيد لهم ، أو أن يتم تجهيز اماكن بالصحراء مخصصه لهذا الغرض ، مؤكدا أن محافظة اسيوط من اكثر المحافظات المنتجة للفحم وتعتبر تلك الصناعة مصدر الدخل الوحيد لاكثر من 5000 عامل على مستوى المحافظة .
ومن جانبه قال عادل حافظ، رئيس مجلس ادارة جمعية حماية البيئة بأسيوط ، أن ظاهرة انتشار كمائر الفحم وتصنيعه من حرق الاشجار ، وخاصة حرق الاشجار وسط الكتل السكانية ، حيث يعيش الاطفال والسيدات والمسنين من النساء والرجال ، وكل هذه الادخنة ادخنة سوداء محملة بذرات ، سوداء سامة تتسبب فى اصابة مستنشقيها بالامراض الصدرية ، وتتسبب فى اصابته بتلك الامراض التى عادة ما تكون مزمنة وتمتد لفترة طويلة ، ويستغرق العلاج منها الكثير من الجهد والمال والاستنزاف للصحة العامة ، وكذلك يؤثر بالسلب على هؤلاء المرضى وخاصة القريبين منهم كالسل ، والتهاب الرئوى والربو ، وقد تتطور هذه الامراض إلى سرطانات.
بالإضافة إلى أن كل هذه الادخنة فى النعاية تصب فى اضعاف الاقتصاد القومى لان من يصاب بهذه الامراض يصاب بالارهاق البدنى ويكبر اعوام قبل عمره الحقيقى حيث يصاب بالوهن وبالتالى لم يؤد دوره على الوجه المطلوب ويؤثر ذلك على القوة الاقتصادية الفاعلة للبلد ، وبالتالى يؤثر ذلك على الانتاج .
واضاف عبد الحافظ: "لذا اطالب بنقلها لاماكن بعيدة فى الجبال والصحارى بعيدا عن الكتل السكانيه والتجمعات السكانية وبعيدا حتى عن مزارع الحيوانات والدواجن ، لان كل ذلك يؤدى إلى مردود سلبى ويؤثر على بذل الجهد والانتاج ، والخل الوحيد هو اغلاقها أو منعها أو نقلها للصحارى والجبال، فصحة الانسان اهم الف مرة من محو مهنة يمكن الاستغناء عنها تماما فالفحم ليس مطلوبا سوى لاستخدامه فى المقاهى أو المطاعم ".
وأشار إلى أن العاملين نفسهم بالمكامير ، يضارون من خلال هذه الصناعة وهذه الأمراض التى يصابون بها يتم نقلها لذويهم سواء كانوا زوجاتهم أو اشقائهم أو ابنائهم ، ولذلك لابد من ايجاد بديل لهذه الصناعة أو تدريبهم على صناعة اخرى غير مؤثرة على تلوث البيئة ، وغير مؤثرة على صحة المواطن ، وأن يكون هناك حملات توعية بخطورة هذه المهنه ، والبحث عن بدائل ، وحلول اولها نقلها إلى مكان ليس به سكان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة