أكرم القصاص - علا الشافعي

جمال أسعد

الكنيسة البطرسية والفكر الدينى

الثلاثاء، 20 ديسمبر 2016 11:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

المدرسة هى البوتقة التى يجب أن تنصهر فيها الخلافات لتخرج توحداً وطنياً مصرياً

كانت حادثة الكنيسة البطرسية، التى مثلت نقلة نوعية للعمليات الإرهابية، ليست موجهة ضد الأقباط فحسب، ولكنها كانت قاصدة نظام 30 يونيو، وكل من سانده وكل من يسانده، وبالطبع كان الأقباط والبابا تواضروس من الذين حُسبوا على نظام يونيو، بل اعتبرت تلك الجماعات، أن مشاركة المسيحيين السياسية فى رفض نظام الإخوان ليس من حقهم كمواطنين مصريين، لهم كل الحق فى التعبير عن الرأى، واعتبرت تلك الجماعات أن رفض المسيحيين رفض طائفى لنظام يقول عن نفسه إنه إسلامى، ويسعى لتطبيق الشريعة الإسلامية. وذلك حتى يتم قسمة الوطن استغلالًا للعاطفة الدينية المتأججة لدى كل المصريين على مسلمين يريدون نظامًا إسلاميًا، ومسيحيين يرفضون ذلك النظام.
 
وجاءت الرياح بما لا تشتهى السفن، فقام الشعب كله بهبته الجماهيرية التاريخية ليسقط نظام الإخوان، كما أسقط نظام مبارك ليدافع عن الهوية المصرية، ولذا أصبح كل من يساند نظام يونيو هو العدو الذى يجب التخلص منه، فما بالك بالمسيحيين، وما أدراك من هم المسيحيين فى نظر ومعتقد هؤلاء الخاطئ، والذى يعتمد على فكر دينى خاطئ، وليس خطابا دينيا خاطئا، فالفكر الدينى هو الذى يفسر ويؤول النصوص المقدسة التى لا خلاف عليها ولا مساس بها، فالفكر هو الذى يطوع النصوص والتفسيرات حسب ما يحقق المصالح الخاصة باسم الدين.. ولذا كانت عملية الكنيسة البطر سية، وبحق، هى المفجر والمظهر الحقيقى لتلك الجينات المصرية القابعة فى الضمير الحضارى الجمعى للمصريين، فوحدت ولم تفرق، ولم تحقق أهداف هؤلاء الإرهابيين بإحداث فتنة طائفية بين المصريين.
 
ولذلك وجدنا على غير العادة، بل هو أكثر من العادة، تلك المشاركة الرسمية الشعبية والإعلامية كبداية لطريق تحقيق المواطنة الفعلية على أرض الواقع للمصريين جميعًا. خاصة أن ما حدث جاء فى ظل ظروف يتم فيها الدعوة إلى تصحيح الفكر الدينى الذى يعلى من المقاصد والقيم العليا للدين التى تقبل الآخر الإنسانى حتى لو اختلفت أديانهم. ولكن وأه من ولكن، لا يجب أن تسير الأمور كعادتها فى مثل هذه الأحداث والحوادث الطائفية التى يتم فيها الاستنفار، وتعلو الشعارات وتتعدد الآراء حول ما يجب أن يكون، إلى آخر كل ما يتم ونعيشه فى مثل هذه الحالات وقد سئمنا منه منذ أكثر من خمسة عقود، فبعد فض مولد الواقعة التى تحدث تعود ريما لعادتها القديمة.
 
المواجهة أو الإعدام لن يجعل الإرهابى يعدل عن تفجير نفسه. فهل ذلك الإرهابى الذى يفجر نفسه يخاف الإعدام؟ أم هو ينتظر الجنة كما صُور له وباسم الدين؟! فالفكر الدينى وحده أيضًا لا يكفى للتغيير، فالتغيير لابد أن يطول فكر المجتمع بكل تخصصاته، فالفكر والممارسات التعليمية التى ترفض الآخر فى المدرسة وعند طابور الصباح، وتلك الممارسات الطائفية التى تجعل الطالب المسلم لا يشعر بالآخر المسيحى وبالطبع فالطالب المسيحى من الطبيعى أن يشعر بالدونية والاغتراب، وهو الشىء الذى يكرس رفض الآخر ، مع العلم أن المدرسة هى البوتقة التى يجب أن تنصهر فيها الخلافات لتخرج توحدا وطنيا مصريا. كما أن الممارسات الاجتماعية والإعلامية التى تعامل المسيحى بأنه آخر مثال «الأخوة الأقباط، عنصرى الأمة، المفكر القبطى»، وغيره من هذه المصطلحات، وذلك الخطاب وتلك الممارسات تعمل على التفرقة وليس التوحد، كما أنه حسب الدستور وتطبيقًا لمواطنة حقيقية وتأكيدًا لمواقف السيسى التى تؤصل للمواطنة مثال ضربة داعش ليبيا، وحضور قداس عيد الميلاد والحديث عن المصريين ككل، لكل هذا يجب على الرئيس أن لا يقدم العزاء فى شهداء البطرسية للبابا والأقباط، بل هو الذى يتلقى العزاء فى مواطنين مصريين تابعين للدولة وليس الكنيسة.
 
تصحيح الفكر الدينى والخطابات الدينية والثقافية والتعليمية والإعلامية، وتطبيق القانون هو الخطوة الأولى فى طريق طويل. حتى تكون مصر لكل المصريين.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة