اعتبر المحلل السياسى التونسى الدكتور فريد العليبى استاذ الفلسفة السياسية بجامعة تونس أن حل الأزمة الاقتصادية ليس فى الحلول الخارجية مثل القروض والهبات والاستثمارات وإنما فى القضاء على الفساد والتوزيع العادل للثروات والتركيز على التنمية فى قطاعات استراتيجية. محذرا من أن انهيار الاقتصاد التونسى وما سيترتب عليه من تفشى الاضطراب الاجتماعى فى البلاد وانعدام الأمن سيكون له تداعيات سلبية مباشرة وسريعة على أوروبا.
وقال العليبى فى تصريحات لموفد وكالة أنباء الشرق الأوسط بتونس إن إدراك أوروبا لهذا الموقف يجعلها أكثر دعما ومساندة لتونس، لافتا إلى أن وعود القروض والهبات والاستثمارات التى أعلن عنها خلال المنتدى الاستثمارى الدولى الذى عقد بتونس نهاية الشهر الماضى صادرة فى أغلبها عن بلدان لها مصالح فى تونس منذ وقت طويل وخاصة تلك التى تنتمى إلى الاتحاد الأوروبى وهى تريد الحفاظ عليها ، فضلا عن إدراكها للموقع الجيواستراتيجى لتونس، وأن بعض تلك الوعود مرتبط بالحصول على تسهيلات أمنية وعسكرية.
وأشار إلى أن بعض الدول العربية خاصة الخليجية الداعمة لجماعات الإسلام السياسى فى تونس معنية الآن بترتيب ملفات آلاف التونسيين الذين انخرطوا فى الصراعات الطائفية والمذهبية فى سوريا والعراق بشكل خاص، وقد تكون وعود تقديم الهبات مرهونة بموافقة الحكومة التونسية على عدم وضع هؤلاء فى السجون وبالتالى إعادة إدماجهم تحت عنوان قبول توبتهم.
وكان رئيس الوزراء التونسى يوسف الشاهد قد أعلن فى نهاية المنتدى الدولى للاستثمار فى تونس أن بلاده نجحت ف الحصول على اتفاقيات ووعود بقيمة 34 مليار دينار بما يعادل 15 مليار دولار، منها 6ر8 مليار دولار في صورة وعود استثمارية وقروض ومنح من دول أوروبية وقطر التى وعدت تونس بدعم قدره 25ر1 مليار دولار.
وقال العليبى إن الأزمة المالية والاقتصادية فى تونس تعود إلى سنوات طويلة انتشر خلالها الفساد والاستغلال ، معتبرا أن حل الأزمة ليس فى الحلول الخارجية مثل القروض والهبات والاستثمارات التى عبر عنها المنتدى الدولى للاستثمار تونس 2020 وإنما بحلول داخلية منها القضاء على الفساد والتوزيع العادل للثروات والتركيز على التنمية فى قطاعات استراتيجية خاصة الزراعية.
وأضاف "أن تونس تحتاج إلى تغيير جذرى للسياسة الاقتصادية والاجتماعية مما يعنى أن هناك حلين إحداهما وهمى مبنى على المساعدات والهبات والقروض الخارجية والآخر حقيقى مبنى على ترتيبات داخلية، ويتوقف اعتماد هذا أو ذاك من الحلين على طبيعة السلطة السياسية وهو ما أدركه التونسيون خلال انتفاضة 17 ديسمبر 2010 عندما رفعوا شعار الشعب يريد إسقاط النظام غير أن انتفاضتهم لم تنجح فى تحقيق ذلك الهدف فقد غادر (الرئيس المخلوع) زين العابدين بن على بينما ظل نظامه على حاله من حيث الجوهر ومن هنا ساءت أحوال الشعب أكثر فأكثر وظل النظام على عجزه عن حل المشكلة وبلجوئه إلى التداين وطلب الهبات والاستثمارات الخارجية فأنه لا يحل المشكلة بل يزيدها تعقيدا".
وشكك استاذ الفلسفة السياسية بجامعة تونس فى تحول بعض وعود تقديم تلك المبالغ الضخمة المعلن عنها خلال المنتدى الاستثمارى إلى واقع فعلى على الأرض، لافتا إلى حصول تونس على وعود شبيهة فى السابق مثل تلك التى حصلت عليها خلال مؤتمر الثمانية الكبار.
ولفت إلى أن تونس تتمتع بفرص مغرية للاستثمار الأجنبى ما قد يحول بعض تلك الوعود المتعلقة بالاستثمار إلى واقع بهدف الحصول على الربح السريع، إلا أنه رأى فى الوقت نفسه أن هؤلاء المستثمرين قد يسهمون فى تفاقم أزمة الاقتصاد التونسى عندما يغادرون البلاد حال احتد الصراع خاصة بين النقابات والسلطة السياسية مثلما فعل أخرون قبلهم خلال السنوات الماضية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة