تعد بحيرة مريوط أحد البحيرات المالحة فى شمال مصر، وتقع جنوب الإسكندرية، وكان منسوب مستوى الماء فيها يصل إلى 8 أقدام تحت مستوى البحر، فى حين كانت مساحتها تصل إلى نحو 200كم² عند بداية القرن العشرين، ثمّ تقلصت مساحتها لتبلغ نحو 50كم² عند بداية القرن الحادى والعشرين، بسبب التعديات واستصلاح بعض الأراضى بها لاستغلالها فى التوسع العمرانى.
وتعرضت البحيرة خلال القرن الماضى إلى شتى أشكال الإهمال التى أدت إلى تدميرها كمتنفس مائى لمحافظة الإسكندرية، حيث تعرضت مياه البحيرة للتلوث بسبب الصرف الصناعى غير المعالج للمصانع والشركات المحيطة بها، مما أضعف حجم الثروة السمكية بها .
انحسار مياة البحيرة على الأطراف
ولم يقتصر الأمر على تقليص مساحة البحيرة بسبب العوامل الطبيعية أو التوسع العمرانى أو حتى التعديات، بل ظهرت مشكلة جديدة هددت بجفاف بحيرة مريوط ونفوق الأسماك وتوقف اعمال التنمية بها، وذلك بسبب الاستعدادات المكثفة لفصل الشتاء وعدم تكرار كارثة الغرق، حيث تعانى البحيرة من خطر الجفاف بسبب إصرار الادارة المركزية لمحطة طلمبات المكس التابعة لإقليم غرب الدلتا على خفض منسوب البحيرة إلى "-3 متر" تحت مستوى سطح البحر بسبب الاستعدادات المكثفة لفصل الشتاء وذلك بالرغم من شكاوى الصيادين المتكررة .
المهندس فوزى أبو النجا، مدير بحيرة مريوط بهيئة الثروة السمكية، قال إن المشكلة بدأت منذ نوفمبر 2015 عقب وقوع حادثة الغرق الأولى، والتى كانت أحد أسبابها هو عدم تشغيل محطة المكس والتى تضم 11 طرمبة.
وأوضح فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" أن عقب تعليمات الرئيس عبد الفتاح السيسي لحل مشاكل طرمبات ومحطات الرى لعدم تكرار كوارث الغرق، قامت وزارة الرى بتشغيل محطة المكس بالكامل لمواجهه السيول، وطوال العام مما تسبب فى شفط المياه بكميات كبيرة باستمرار ودون توقف وأدى إلى انخفاض منسوب المياة بترعة المحمودية، موضحًا أن الهيئة خاطبت الجهات المعنية مرارا وتكرارا إلا أنه فى كل مرة يتم زيادة المنسوب 10 سنتيمتر فقط لاستخدامات مياه الشرب .
جفاف أطراف البحيرة
وقال "ابو النجا" إن الهيئة العامة للثروة السمكية خاطبت محافظة الإسكندرية والجهات المعنية بوزارة الرى والزراعة، للمطالبة برفع المنسوب، وانخفاضها فى أوقات النوات فقط، بسبب الخسائر الفادحة، حيث وصل حجم خسائر أعمال التنمية الثروة السمكية 10 ملايين جنيه، بالإضافة إلى توقف أعمال التنمية التى تتضمن تعميق وتطهير وإمداد البحيرة بنوعيات الاسماك المختلفة من العائلة البورية والبلطة والثعابين، بسبب عجز عمل الحفارات فى المياه الضحلة.
من جهه أخرى أرسل صيادو بحيرة مريوط استغاثة إلى الجهات المعنية، يشكون فيها من خطر جفاف بحيرة مريوط مما يهدد الثروة السمكية بها، وقال الصيادين فى موضوع الشكوى أن البحيرة تعانى خطر الجفاف منذ يناير 2016 بسبب إصرار الإدارة المركزية لمحطات طلمبات المكس التابعة لإقليم غرب الدلتا لخفض منسوب البحيرة إلى "-3 متر" من سطح البحر.
وأشار الصيادون إلى أن ذلك يعرض أطراف البحيرة الشاطئية إلى الجفاف وعفونة المياه ونفوق الاسماك وأن منسوب البحيرة اللازم للحفاظ على الاسماك لا بد وأن يكون "- 2.40 متر"، ولكن الإدارة المركزية تصر على العمل بمنسوب "- 3 متر" بما لا يراعى البعد الاجتماعى والاقتصادى للصيادين ويعرض البحيرة للجفاف.
وطالب الصيادون بالتدخل الفورى والعاجل لإنقاذ البحيرة وعدم تشرد أكثر من 15 ألف صياد بسبب تلك الكارثة التى لم يسبق لها مثيل -على حد قولهم- كما طالبوا بإزالة التعديات عن البحيرة والحفاظ على أملاك الدولة.
وقال محمد الفار، رئيس نقابة الصيادين بالإسكندرية وكفر الشيخ، إن الكارثة تهدد 15 ألف صياد يعملون بالبحيرة، وطالب بتدخل المسئولين لعدم تشريد هؤلاء الصيادين واسرهم، مشيرًا فى تصريح لـ"اليوم السابع" إلى أن تلك الكارثة لم يسبق لها مثيل من قبل لكى تنخفض مستوى المياه بالبحيرة لتصل إلى هذا المستوى، كما طالب المسئولين بالحفاظ على البحيرة من الجفاف والتعديات.
تقششات أطراف البحيرة
فى المقابل قال إبراهيم سلمان، رئيس الإدارة المركزية لإقليم غرب الدلتا بوزارة الرى، إن الإدارة تقوم بالحفاظ على منسوب المياه بالبحيرة بناء على توجيهات من رئيس الوزراء ووزير الرى بشأن الحفاظ على منسوب المياه بالبحيرة بمعدل "- 3 " تحت سطح البحر لاستيعاب السيول فى فصل الشتاء.
وقال رئيس الادارة المركزية لإقليم غرب الدلتا بوزارة الرى، فى تصريح لـ"اليوم السابع"، إن وزارة الرى طالبت هيئة الثروة السمكية بإزالة الحشائش بالبحيرة وتجريف الترسيبات من القاع بمسافة 50 سم ليتوفر العمق الكافى لتربية ونمو الاسماك بأنواعها المختلفة، إلا أن الهيئة لم تقم بدورها، مؤكدًا أن الهيئة تلتزم بمنسوب مياه محدد وفق الخطة الموضوعة لاستيعاب السيول، وطالب باجتماع تنسيق بين الجهات المعنية من الرى والثروة السمكية والمحافظة للتنسيق فى رفع المنسوب بما لا يهدد الثروة السمكية.
ووفق الوضع المتأزم، قامت مجموعة من القوى السياسية بالإسكندرية بتشكل اللجنة الشعبية للحفاظ على بحيرة مريوط، حيث استنكر معتز الشناوى – أمين الاعلام المركزى لحزب التحالف الشعبى الاشتراكى، ومؤسس اللجنة، ما يحدث من تجفيف شبه عمدى لبحيرة مريوط فى الإسكندرية وظهور الأرض فى أكثر من بقعة من مساحة البحيرة.
وأشار أمين الاعلام المركزى لحزب التحالف الشعبى الاشتراكى، إلى أن ذلك يأتى ذلك عقب واقعة اختلاط مياه البحيرة بمياه الصرف الصحى من مصرف (القلعة) بغرب الإسكندرية العام الماضى، مما أدى إلى أضرار بليغة على الثروة السمكية بالبحيرة، مشددًا على أن أمانة الحزب بالإسكندرية لاحظت صمت تام لكافة أجهزة الدولة المعنية، بما يوحى بتعمد تجفيف البحيرة التى فى حال اهتمت الدولة بها ستحقق اكتفاءً ذاتيا من الأسماك، وربما كان هناك فائضاً يتم تصديره.
تشققات اليابسة على أطراف البحيرة
وقال إن ذلك يتم بالتزامن مع صمت تجاه الشركات التى تلوث مياه البحيرة بصرفها الصناعى، وكذا عمليات الاستيلاء الممنهج على البحيرة وردم أجزاء كبيرة منها، مما جعل مساحة البحيرة تتآكل عبر السنوات بشكل شديد الخطورة، من قرابة 100 ألف فدان إلى 16 ألف فدان فقط فى الوقت الحالى، حيث تمتلئ بالملوثات الصناعية وبالصرف الصحى ويتم تجفيفها.
وأكد أن الدولة المصرية مُلزمة وفقاً للدستور، بالحفاظ على موارد الدولة الطبيعية وحُسن استغلالها وعدم استنزافها ومراعاة حقوق الأجيال القادمة بموجب (مادة 32 من الدستور)، وأنه على كافة أجهزة الدولة القيام بدورها واحترام الدستور والقانون.
وقال إن الآثار الاجتماعية لهذا الإهمال قد يؤدى إلى تشريد قرابة 12 ألف أسرة صياد لا دخل لهم سوى من صيد الأسماك من بحيرة مريوط، وحمل مسئولى الدولة ذوى الصلة، كامل المسئولية عن الحفاظ على بحيرة مريوط وثروتها السمكية، والقيام بما يلزم لتطهيرها، وإلا فإنهم جميعاً متهمون أمام المجتمع بالتقصير والتدمير العمدى لثروات ومقدرات الوطن، وتجب محاسبتهم ومحاكمتهم على تلك الجريمة – حسب تعبيره.
وأخيرا طالب بسرعة التحرك لإنقاذ آلاف الأسر من صيادى البحيرة، والعمل الفورى على إصلاحها ورفع منسوب المياه فيها والحفاظ على أسماكها، وذلك حفاظاً على هؤلاء المواطنين وأسرهم، وحفظاً لوحدة المجتمع المصرى التى باتت تهددها مثل تلك الجرائم التى تتم فى حق فقراء هذا الشعب العظيم.
ومن جانبه أكد اللواء الدكتور رضا فرحات، محافظ الإسكندرية، أن المحافظة تدرس حاليا تنفيذ خطة تطوير بحيرة مريوط، وذلك فى إطار الخطة المتكاملة للمنطقة الساحلية بالإسكندرية.
الحشائش بالبحيرة
وأكد فرحات أن الخطة تعد بداية انطلاقة قوية لتنمية غرب الإسكندرية وتحقيق التنمية المستدامة بها، وهى بمثابة خطوة جيدة يتم تنفيذها بمشاركة كافة الجهات، مؤكدا حرصه على حل مشكلة تلوث بحيرة مريوط وتنميتها وتنمية الثروة السمكية بها، مشددا على سرعة تنفيذ خطة التطوير المقدمه من قبل وزارة البيئة لكى يشعر المواطن السكندرى بنتائج فعلية على أرض الواقع، إذ أن الاهداف الاساسية من المشروع هو خفض التلوث وزيادة المخزون السمكى وتحسين أحوال المعيشية للصيادين، وكذا تقليل التلوث المتواجد من البحر المتوسط عن طريق تقليل التلوث بحيرة مريوط، بالاضافة إلى أن المشروع يتضمن دراسة إعادة تخطيط الأراضى الرطبة لشواطئ البحيرة وعرض جميع أنظمة المعالجة ومراحلها بمحطات الصرف الصحى بالإسكندرية، وعرض مقترح استخدام الآراضى الرطبة داخل وخارج محطات المعالجة والمصارف الزراعية.
انتشار الحشائش بالبحيرة
جفاف الأطراف وانتشار الحشائش على الأطراف
بحيرة مريوط
ضحالة المياه ببحيرة مريوط
المياه ضحلة بالبحيرة
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmed
لا حول ولا قوة الا بالله
لا حول ولا قوة الا بالله