أكرم القصاص - علا الشافعي

قرأت لك.. العدالة والعقاب فى التاريخ الإسلامى لـ"كريستيان لانج"

الأربعاء، 09 نوفمبر 2016 07:00 ص
قرأت لك.. العدالة والعقاب فى التاريخ الإسلامى لـ"كريستيان لانج" كتاب "العدالة والعقاب فى المتخيل الإسلامى"
خالد عزب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

صدر عن دار المدار فى بيروت كتاب "العدالة والعقاب فى المتخيل الإسلامى"، وهو من تأليف كريستيان لانج وترجمة رياض الميلادى ومراجعة كيان أحمد، والمؤلف باحث ألمانى متخصص فى الدراسات الإسلامية، موضوع الكتاب كان أطروحته للدكتوراه من جامعة هارفارد، ونشرته كمبردج برس فى العام 2015 ميلادى.

 

للكتاب مميزات عدة أولها الدقة العلمية، وثانيها المنهجية الفكرية الواضحة، ولديها بعض المنطلقات التى نتفق معه فيها منها: إن فرض نظام الحكم للعقوبات على المجرمين وغيرهم قد عزز عدم الشعور بالأمان وأذكاه، فإذا كانت العقوبة الرادعة قادرة فعلاً على أن تطمئن سواد الناس بألا جريمة دون عقاب، فإن الهدف الحقيقى للعقاب يتمثل فى إظهار القوة المطلقة للحاكم، إذ تعد العقوبات العلنية طقوساً سياسية، لذلك تعد أية جريمة خيانة عظيمة وانتهاكاً لحق السلطان وسيادته، هكذا توفر العقوبة العلنية فرصة للثأر من هذا الانتهاك من أجل جعل الجميع على علم بالسلطة المطلقة  للمك من خلال جسد المجرم.

 

لكن الباحث لم يكن موفقاً فى الإطار الزمنى للدراسة، حيث اختار العصر السلجوقى وهو مرحلة أخذ فيها الخلفاء يتوارون خلف قوة السلاطين، كما أن الباحث فى دراسته يفصل جدياً بين عقوبات المنتمين إلى السلطة والعامة، هنا فى النموذج السلجوقى نجد الأمر غير مدلل عليه بصورة كافية. إن واحدة من المقاربات لدى المؤلف هو وصفه الغز وهى قبائل تركية مرتزقة كانت تعمل لحساب أى سلطة بالهمجية فى معاملة المجتمع، هذا ما لخصه المصريون فى مثل شعبى هو " آخرة خدمة الغز علقة".

 

ففى حين أجبرت سلطة المماليك على عدم اتخاذ أى قرار إلا بعد الرجوع لديوان يضم العسكر والطوائف الحرفية والتجار، وهو ما يعد صورة بدائية من صور الحياة الديموقراطية، نجد أن المجتمع السلجوقى كان مغيباً، وفى هذا السياق سنجد أن العديد من الدراسات الجادة التى افتقدها الباحث كانت ستغير وجهة نظره فى موضوع العدالة والعقاب فى المتخيل الإسلامى، ومنها دراسة الباحث علاء رزق عن العقوبات والسجون فى العصر المملوكى.

 

إن قدرة كريستيان لانج على سبر أغوار الموضوع كانت جيدة بالنسبة لباحث غربى، لكن فاته بعض المصادر المهمة لدراسته، ككتاب حسن أبو غدة عن أحكام السجن ومعاملة السجناء فى الاسلام المنشور فى الكويت العام 1987 ميلادية، وكتاب المدخل لأبن الحاج، وما كتبه عدد من الباحثين العراقيين خاصة فى جامعتى بغداد والموصل حول الحقبتين العباسية ومن ثم السلجوقية.

 

لكنه قدم نتيجة مهمة فى دراسته تدل على إدراكه لطبيعة السلطة فى التجربة التاريخية للمسلمين، فهو يذكر أن وظيفة الدولة تتمثل أساساً فى جمع الضرائب والدفاع العسكرى ضد القوات الخارجية، أما ما يتعلق بإدارة العدل فيبدو أن الحكام المحليين الذين يقبض عليهم باستمرار فى حروب صغيرة كانوا يمثلون ملاذا أخيرا فحسب، وتدفع مقتضيات الدولة الحكام إلى استعراض القوة، وأما ما عدا ذلك فيترك للأعيان وعلماء الدين بالمدينة لتدبير شؤونهم بشيء من الحرية، ولكن هذه الحرية كانت على حساب الطبقة العسكرية الحاكمة لها.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة