أكد عدد من الأدباء والروائيين أن الإفصاح عن مصادر إلهامهم قد لا تكون فى أحيان كثيرة مهمة للقارئ، خاصة أن الكتب تختلف فى مضمونها، فبعضها يكون واقعياً وبعضها الآخر خيالياً، إلى جانب اختلافها فى أسلوب المعالجة والطرح، والذى يكشف عن مدى تمرس الكاتب نفسه.
جاء ذلك خلال ندوة حملت عنوان "ابتكارات مصادر الكتابة الروائية" التى أقيمت على هامش فعاليات الدورة الـ 35 لمعرض الشارقة الدولى للكتاب، وشارك فيها كل من الروائى الجزائرى واسينى الأعرج، والروائى الصربى ڤلاديسلاڤ باچاك، والأديب الإماراتى ناصر الظاهرى، حيث تحدث كل واحد منهم عن تجربته الخاصة، وعن الطريقة التى مكنته من إنجاز أعماله الأدبية.
خلال مداخلته فى الندوة التى أدارها إسلام أبو شكير، رداً على سؤال هل يستطيع المبدع أن يكشف عن مصادره، أم لا، قال واسينى الأعرج إن "الكاتب يكتب بالدرجة الأولى، من واقع الحياة، وأحياناً يكون هذا الواقع مرتبطاً بمعاناته وحياته الخاصة، وأحياناً يستفيد منها فى عملية التأليف، ومن جهتى أعتبر أن الكشف عن المصادر أحياناً كثيرة قد لا يكون مهماً بالنسبة للقارئ، ولكن على الكاتب أن يسيطر على المساحة التى ينشأ فيها نصه".
وضرب الأعرج فى ذلك مثلاً روايته "الأمير" والتى قال عنها: "عندما كتبت رواية "الأمير" قرأت الكثير من الكتب التاريخية والمخطوطات والوثائق، التى أرخت لعبد القادر الجزائرى، تجاوزت فيها 400 كتاب ووثيقه، لدرجة أننى أصبحت فى عزلة عن محيطى، والسبب أننى كنت أتطلع إلى كتابة شىء ما عن عبد القادر الجزائرى، وقد لفت نظرى خلال فترة البحث والقراءة أن هناك كتب كثيرة وضخمة لعسكريين فرنسيين عاشوا فى فترة عبد القادر الجزائري، كما اكتشفت أن معظم هذه الكتب مكروره عن بعضها البعض، ولكثرة البحث توصلت إلى قناعة أننى لن أكتب شيئاً جديداً عن عبد القادر، وبالتالى قررت التوقف لمدة 6 أشهر، حتى وصلنى كتاب من صديق فرنسى بعنوان "الأقدام السوداء" والذى أعادنى إلى شغف البحث والقراءة من جديد".
من جانبه، أشار ناصر الظاهرى إلى أن الكتاب والروائيين لديهم عادة مكونات أساسية من الصلصال والطين، وهى تقوم على مرتكزات أربع، أولها أن هذا الكاتب هو طفل مشاغب كلما كبر، كلما زادت مشاكسته مع البيئة المحيطة به، وثانيها هى القراءات الأولى التى تبنى لدى الكاتب المخزون الثقافى والمعرفى، أما الثالث فهو الأسفار الخارجية التى تعد رحلة إلى الدهشة واكتشاف متعة الأشياء، حيث يمكن السفر الكاتب من اكتشاف مدن العالم، وهناك السفر الداخلى وهو الأصعب بالنسبة للكاتب، حيث يفرض عليه طرح العديد من الأسئلة على نفسه التى من شأنها أن تحفزه للكتابة، فى حين أن المرتكز الرابع يتمثل فى الشخوص التى يمر بها الكاتب وتؤثر فى حياته، والتى أعتقد أنه لا يجب أن تسقط أبداً من ذاكرته".
فى حين أنطلق ڤلاديسلاڤ باچاك فى حديثه من واقع تجربته الشخصية التى قادته إلى تألأيف 7 روايات مختلفة، حيث قال: "أفهم جيداً أن النقطة الأساسية فى هذا الموضوع تقع بين الخيال والواقع، إلا أن التجربة الشخصية تلعب دوراً مهماً فى هذا الموضوع، وخلال مسيرتى اختبرت ثلاث مجالات فى كتابة الرواية.
وتطرق باجاك إلى واحدة من رواياته التى صنفت على أساس أنها "بيوغرافيه" (سيرة ذاتيه) حيث يروى فيها حياة إحدى الشخصيات الصربية التى عاشت فى القرن التاسع عشر، ولم يكن قادراً على انقاذ بلاده الأمر الذى اضطره للسفر إلى الولايات المتحدة الأميركية والإقامة فيها. ونوه إلى أنه اعتمد فى بعض رواياته على الأرشيف العثمانى التاريخى، وقال: "اعتقد أنه عندما ندرس التاريخ تتكشف لنا العديد من الأشياء ونفهم ما يجرى حولنا".