هذا المقال لم أكن يوما من الأيام أتمنى أن أكتبه، بل إننى كنت أتجاهل الحديث عن هذا الموضوع ليس لعدم أهميته، وإنما لخطورة أن يكون موضوعه واقعا يتحدث عنه الجميع،
لكن يبدو أنه حان الوقت للحديث، وهنا لابد أن نقر أن مثل هذا النوع من القضايا «أقصد العلاقات المصرية السعودية» يحتاج إلى دقة شديدة فى رصد المشهد وفى طرح الأمور بشكل موضوعى، فنحن نتحدث عن دولتين إن فسد ما بينهما لاقدر الله فلن يكون هناك للأمة العربية قوام آخر.
بعض الناس عندما يتحدث عن العلاقات المصرية السعودية يأخذها من منظور ماذا قدم كل منا للآخر، وعليه ما يجب أن يقدمه الآخر الآن، فالمتصيدون بين البلدين يعتبرون أن مصر والسعودية فى تاريخهما مر عليهما سنوات عجاف كان فى أولها لمصر موقف اقتصادى أفضل وكان فى آخرها للسعودية موقف اقتصادى أفضل، وباختصار ودون الخوض فى أحاديث رخيصة وقف كل منهما بجوار الآخر فى محنته كل بطريقته فى السراء والضراء.
ولن أعود للتاريخ أو لكتابة عبارات رنانة، فالجميع يعرف عن العلاقات المصرية السعودية الكثير، لكنى سأذهب إلى وقتنا الحاضر.
بعد زيارة خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان إلى القاهرة، وبعد أن أمسك الرئيس السيسى بيده أمام المصورين بمطار القاهرة وبعد أن أمضى الملك زيارة طويلة فى القاهرة هى الأطول فى زياراته الخارجية، كان هذا المشهد رسالة للجميع، قالها الرئيس السيسى، إنه لن تجدونا إلا معاو.
لكن يبدو أن هناك قضية واحدة بها اختلاف لا يجوز أن يرقى إلى مستوى الخلاف.
قضية واحدة من ضمن مئات القضايا التى تتفق فيها المملكة مع مصر، وتتعاون معها فيها، هى القضية السورية، فى البداية ظن البعض أن عدم إرسال جنود مصريين إلى اليمن كان خلافا مصريا سعوديا، لكن الحقيقة أن التدخل المصرى فى هذه الحرب كان مؤثرا، وأيضا كان بالشكل الذى يتناسب مع طبيعة العقيدة المصرية فيما يتعلق بأبناء الجيش المصرى، اختارت مصر أن تساعد بما تملكه ولا يملكه غيرها وهو أسطولها البحرى المرابط فى باب المندب، وهناك أيضا طائرات مصرية تشارك فى هذه العمليات ولا حديث عن بطولات أو معارك، فهذا واجب على مصر لحماية أمن الخليج العربى الذى هو جزء من الأمن القومى المصرى، وأيضا لا يخفى على أحد الآن قوة وإمكانيات الجيش السعودى وسلاح طيرانه.
وهذه القضية مرت ولم تكن سببا لأى اختلاف، وأعقبتها زيارة جلالة الملك والأمور سارت على ما يرام.
لكن عندما وقف مندوب السعودية فى مجلس الأمن منتقدا التصويت المصرى لصالح مشروع القرار الروسى كانت هذه البداية للإعلان الرسمى عن أن هناك اختلافا.
البعض طبعا كان يريد أن لا يكون هناك تصريحات رسمية فى هذا الشأن، وكلنا لم نكن نتمناها، لكنى أعرف أن هذه التصريحات كانت الإعلان الصريح عن هذا الاختلاف.
والحقيقة نعم نحن مختلفون فى طريقة التعامل مع القضية السورية، وكل منا له حساباته والقضية السورية واحدة من مئات القضايا التى نتفق فيها «والعلم عند الله إن كانت هناك اختلافات فى أمور أخرى لا تعرفها الشعوب ويعرفها القادة».
لكن ما يجب أن يعرفه الجميع أن الحق فى الاختلاف لا تملكه مصر والسعودية، فالشعوب لن تغفر إطلاقا لأى من يكون سببا فى هذا الاختلاف والتاريخ لا ينسى وذاكرة الأمة العربية ستتذكر أى محاولة للنيل من هذه العلاقات أو الإساءة لأى من البلدين.
ولا أدرى شيئا عن الخبر الذى تكرر مرتين فى بداية شهر أكتوبر الماضى، وشهر نوفمبر الجارى، من أنه «صرح مصدر مسؤول فى وزارة البترول المصرية لوكالة الأنباء رويترز أن شركة أرامكو السعودية أبلغت هيئة البترول بتوقفها عن إمداد مصر بالمنتجات البترولية التى تم الاتفاق عليها تجاريا بين الهيئة وشركة أرامكو».
ومحاولة البعض القول إن هذه شركات تجارية والأمور فى نطاقها والكلام المرتب المتكرر أمر لم يعد منطقيا.
أرامكو السعودية هى أكبر شركة نفط فى العالم وهى ذراع للمملكة سياسيا واستراتيجيا ومن السذاجة أن نطرح أن أمور تجارية أو ما شابه مفسرين ومتعللين بها كسبب لوقف الإمدادات البترولية لمصر.
ما يحدث هو إشارة قد لا أتفق معها أو مع طريقتها، لكنى أتمنى أن تنتهى فورا وأن لا يتم التعامل بمبدأ إن لم يكن ما أريد فتلقى ما سأفعل.
علينا جميعا شعوبا وحكاما أن نعلم أن الاختلاف فى هذا التوقيت سندفع ثمنه غاليا، لا غنى لأى منا عن الآخر، ولا معايرة، ولافضل لأخ على أخيه فى الماضى، أو فى الحاضر أن اتحادنا اليوم هو من أجل أمن وأمان ومستقبل كل طفل وكل شاب وكل شيخ مصرى فى القاهرة والإسكندرية، ومن أجل أمن وأمان ومستقبل كل طفل وشاب وشيخ سعودى فى الرياض وجدة.
إننا لا نملك رفاهية الاختلاف فالأخطار التى نراها حولنا فى المنطقة ستنتظر اللحظة المناسبة للنيل منا جميعا، إننى أننظر من قيادة حكيمة سريعا كسر هذا الجمود والمواجهة الصريحة، ومحاولة وأد الفتن فى المهد والضرب بيد من حديد على القوى الإقليمية التى تعبث فى أمننا القومى العربى ومحاولة أن يكون الخلاف فى القضايا ليس سببا فى اختلاف عام وأيضا يجب بقدر المستطاع، ألا يشعر به الشعبون فى البلدين.
وعلى الجانب الآخر فلا أتخيل أن هناك فى مصر أو السعودية من سينسى لأى إعلامى أو أى كاتب صحفى أو جريدة استغلت منبرها الإعلامى للتطاول على مصر أو السعودية أو أى من رموزهما.
فلكل الإعلاميين وأرباب الكلمة فى القاهرة أو الرياض السحاب يمر وستظل السماء صافية، لكن كلماتك لن تنسى وقد لا تستطيع يوما أن تمشى فى القاهرة أو الرياض وسيصب عليك لعنات الناس لأنك فى يوم من الأيام تطاولت وتجاوزت فى حق دولة شقيقة، سواء كانت مصر أو السعودية.
القرار الآن فى يد القيادة فى البلدين كل يوم يمر دون كسر حاجز الصمت نخسر فيه الكثير ونعطى فرصة للمتربصين، إن شعوبكم تطلب منكم وبحق أن تتوجها برسالة إلى العالم أجمع أنه حتى وإن كان هناك اختلاف فى بعض الأمور فإن الأساس قائم وما بيننا ليس اتفاقيات على أوراق ما بيننا هو دم وأنساب وأصهار ما بيننا هو تاريخ من الاندماج بين الشعوب.
نحن لسنا الاتحاد الأوروبى اتفاقنا يخضع لبنود، نحن نتحد بحكم أن فى بيوت كل منا جزء من الآخر ابن أو أخ أو زوج أو زوجة أو ثقافة مشتركة وإمان مشترك.
وتذكروا دائما لن يسامح التاريخ كل من كان بيده أن يفعل شيئا ولم يفعله وكل من فعل شىء وما كان يجب أن يفعله.
عاشت مصر والسعوديهة كى تعيش أمتنا العربية.
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب المصري يعشق السيسي
نقول لصاحب الجلالة خادم الحرمين انت في قلب كل مصري وزوبعة الفنجان لن تؤثر في عمق الصداقه والاخوه
سلمان والسيسي اخوة ومحاولات الوقيعه وفهم الامور بطريقه عكسيه والجزيره القطريه التركيه تريد تعميق الخلافات والصيد في الماء العكر وايران تنتظر النتائج علي طبق من دهب
عدد الردود 0
بواسطة:
محسن
مقال من ذهب
حقا ما قلت يا خالد مقال جميل واقتراح عظيم ارجو من قيادة الدولتين النظر فيه لإزالة الشوائب من العلاقات الاخوية بين العملاقين العربيين مصر والسعودية أدامهما الله وحفظهما من كل سوء لخير الأمة العربية وتحيا مصر مع السعودية.