تحت وقع الأمطار البلجيكية ناقش الروائي الفلسطيني سامح خضر روايته " الموتى لا ينتحرون" وذلك في مدينة أنتويرب البلجيكية بدعوة من مؤسسة فونك أند زونن وبالتعاون مع مسرح كراخت سنترالة، ضمن مشروع جديد لخلق جسور ثقافية بين كلتا الثقافتين، وبدأت الأمسية بكلمة من الشاعر ميخيل فان دي بريل المسئول في مؤسسة "فونك أند زونن" قدم فيها الكاتب وأهمية استضافته ضمن سلسلة الفعاليات التي ينظمونها.
وضمن تمهيد بصري وسمعي للرواية قام الممثلان البلجيكيان والمغربيان الأصل مصطفى بن كرّوم وإكرام أولاد بأداء تمثيلي لفصلين من الرواية، باحترافية وجمالية أخذت الجمهور البلجيكي لعالم الرواية فعلا لا قولا، وبعدها استلمت السيدة جليلة هيدا زمام الأمسية حيث حاورت وعلى مدار أكثر من نصف الساعة الكاتب حول تجربته الروائية "الموتى لا ينتحرون" وكان من أهم المحاور الحديث حول اختلاف موضوع الرواية وعالمها عما تعود عليه المتلقي من الكتابة الفلسطينية، وقد أوضح خضر أنه أراد خلق صوته الخاص والانطلاق من المجتمع الفلسطيني وهي رغبة في كسر النمط الذي ينتظره القارئ من الكاتب الفلسطيني، والكتابة عن الإنسان الفلسطيني كانسان بإشكالياته وعقده الخاصة بعيدا عن كونه ضحية أو بطلا حتى لو كان من خلال صفعة أدبية على الوجه.
كما تحدث خضر في معرض اجابته للأسئلة عن قائمة التابوهات التي ناقشها في الرواية وكونها موجودة في المجتمع الفلسطيني بنفس القدر التي توجد فيه في المجتمعات العربية كافة، وكيف أن شخصيات الرواية الرئيسية "حياة، إياد، شروق" كل منهم يحمل خيباته الخاصة أن كانت اجتماعية أو دينية أو سياسية، وان مهمتنا هنا أن نلمس هذه الجروح كي نستطيع تطبيبها، لا أن نتجاهل وجودها لأن هذا التجاهل سيزيد التعقيد في مجتمعاتنا العربي.
واستطرد الكاتب في الحديث عن شخصياته خاصة حياة وكيف استطاع أن يتقمص إحساسها حتى لو كان رجل حيث إنه يرى أن كل انسان بداخله ذكر وأنثى وما فعله هنا هو استحضار هذا الصوت والتفكير عاليا بصوته دون خوف من حكم الآخر عليه، كما تحدث عن إياد بطل الرواية القادم بخيباته السياسية وكيف أصبحت حياة بالنسبة له انتصارا ولو صغيرا يعوض عن الخسارات السياسية السابقة، وانه يجب أن تكون إنسانا فقط لتكتب عن هذه الشخصيات والشعور بآلامها وهو الأمر الذي حدث معه حينما كان يبكي وهو يكتب مشهد الاغتصاب الذي عاشته حياة بطلة الرواية أو مشهد فقد الابن الذي عاشته شروق، وأن توحده إنسانيا مع شخصيات العمل هو ما جعله يشعر بما يكتب عنه تماما.
وتلى النقاش الذي استمتع به الجمهور مثلما استمتعوا بالأداء التمثيلى توقيع الكاتب لروايته للقراء العرب الذين حضروا الأمسية، وعلى الرغم من أن الرواية كانت باللغة العربية إلا أن الجمهور البلجيكى كان أكبر من العربي وكان على رأسه الشاعرة "يوكا فان ليون" رئيس مؤسسة بن فلاندرن.
من الجدير ذكره أن رواية "الموتى لا ينتحرون" هي العمل الثاني للروائى بعد روايته "يعدو بساق واحدة" التى صدرت عن دار الأهلية فى عمان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة